آفاق التعاون بين مصر وكازاخستان
أحمد عبده طرابيك
أحمد عبده طرابيك يكتب:
تعتبر كازاخستان أهم الدول ليس فى إقليم آسيا الوسطى وحسب، بل فى منظومة كومنولث الدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتى السابق، لما تملكه من مقومات اقتصادية جعلتها تتبوأ مكانة هامة فى منطقة أوراسيا، حيث أصبحت كازاخستان تمثل جسراً هاماً يربط بين آسيا وأوروبا، كما باتت بفضل ما تتمتع به من استقرار سياسى واجتماعى حيث يعيش بها نحو 130 قومية عرقية ولغوية، تخطو خطوات كبيرة فى بناء نهضتها الاقتصادية منذ الاستقلال التى لم تبلغ عمرها 25 عاماً.
تنظر كازاخستان إلى مصر باعتبارها شريكا واعدا موثوقا به فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك ما عبر عنه رئيس الوزراء كريم ماسيموف فى كلمته أمام مجلس الأعمال الكازاخستانى المصرى بالعاصمة أستانا فى 17 فبراير، والذى أكد على أن نجاح البلدين فى التعاون السياسى فيما بينهما يجب أن تدعمه شراكة اقتصادية فعالة ونشطة، وخاصة أنه تم تحديد المجالات الاقتصادية التى يمكن من خلالها التوصل إلى شراكة ناجحة ومفيدة للبلدين، تشمل قطاعات الزراعة والصناعات الدوائية، والسياحة، والتعدين، وتطوير البنية التحتية للنقل البرى، وصناعة المنسوجات، والأثاث ومواد البناء، والانتاج الحربى والفضاء والطاقة النووية السلمية، وغيرها من المجالات، إلى جانب التعاون فى مجال تصدير القمح الكازاخستانى إلى مصر.
استطاعت كازاخستان أن تتجاوز المشاكل الاقتصادية الكبيرة التى واجهتها عقب الاستقلال عام 1991، سواء المتعلقة بالتحول من النظام الاشتراكى الذى كان سائداً فى الاتحاد السوفيتى إلى اقتصاد السوق والانفتاح على المجتمع الدولى، أو المشكلات المتعلقة بالخروج من منطقة الروبل، إضافة إلى تدهور البنية الأساسية، والمشكلات المتعلقة بالبنية الاقتصادية والتحول من اقتصاد ريعى يعتمد على تصدير المواد الخام، إلى اقتصاد متنوع يرتكز على قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية والصناعة والسياحة.
نجحت كازاخستان فى تهيئة المناخ المناسب لجذب الاستثمارات الأجنبية، فقد أنشأت مجلس المستثمرين الأجانب الذى يتبع رئاسة الجمهورية، وكذلك المجلس الحكومى لتنسيق البرامج الاستثمارية، فضلا عن استحداث منصب أمين الاستثمار لحل كل المشكلات التى تواجه المستثمرين، وتطبيق نظام ضرائب موحد، وإنشاء «نافذة واحدة للمستثمرين»، وإقامة مناطق اقتصادية متخصصة، الأمر الذى جعلها تتفوق فى الصناعات التحويلية، والصناعات ذات التقنية العالية.
استطاعت كازاخستان أيضا أن تبنى عاصمة جديدة للبلاد «أستانا» وذلك خلال ثلاث سنوات، بدلاً من العاصمة القديمة «ألماطي» التى تقع فى أقصى جنوب البلاد بالقرب من الحدود مع قيرغيزستان، حيث عملت العاصمة الجديدة على إقامة نهضة متكاملة اقتصادية واجتماعية وسط منطقة السهوب الشاسعة، ونقل مركز الاقتصاد والأعمال إلى وسط البلاد، الأمر الذى أدى إلى إقامة العديد من المناطق الصناعية والعمرانية حول العاصمة الجديدة، كما أصبحت «أستانا» الآن مركزاً واسعاً للنقاش والحوار حول مختلف القضايا والمشكلات الإقليمية والدولية، حيث يعقد بها سنوياً «منتدى أستانا الاقتصادى، منتدى الإعلام الأوروآسيوي»، وتستضيف كل ثلاث سنوات «منتدى أستانا لحوار الأديان».
وضعت كازاخستان استراتيجية طموحة عُرفت باسم «استراتيجية كازاخستان 2050» بهدف الدخول ضمن الثلاثين دولة الأكثر تنافسية فى العالم، ومن المقرر أن تستضيف كازاخستان العام المقبل معرض «اكسبو أستانا 2017»، والذى يحمل عنوان طاقة المستقبل، والذى يوفر فرصاً هامة لتبادل الخبرات فى مجال الطاقة المتجددة وفى مقدمتها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
تلعب كازاخستان دوراً هاماً فى حركة التجارة بين أوروبا وآسيا من خلال عضويتها فى الاتحاد الاقتصادى الأوروآسيوى الذى يبلغ حجم سوقه 180 مليون نسمة، ولذلك فإن توقيع مصر لاتفاقية تجارة حرة مع هذا الاتحاد من شأنها أن تقدم للطرفين فرصاً إضافية لزيادة حجم التبادل التجارى بين الطرفين.
يظل ضرورة تسيير خط طيران مباشر بين مصر وكازاخستان مطلباً ملحاً، باعتباره أهم العوامل فى رفع مستوى التعاون التجارى والسياحى، وهو المطلب الذى أكد عليه رئيس وزراء كازاخستان أمام مجلس الأعمال الكازاخستانى المصرى، والتى من شأنها أن تتيح فرصاً أخرى للتعاون فى مختلف المجالات الأخرى وخاصة العلمية والثقافية باعتبار كازاخستان من الدول الرائدة فى التقنية النووية وعلوم الفضاء.






