السبت 9 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الإفتاء ترد على إباحة «داعش» نقل أعضاء الأسرى.. «حرام شرعا» وينافى تكريم الله للإنسان

الإفتاء ترد على إباحة «داعش» نقل أعضاء الأسرى.. «حرام شرعا» وينافى تكريم الله للإنسان
الإفتاء ترد على إباحة «داعش» نقل أعضاء الأسرى.. «حرام شرعا» وينافى تكريم الله للإنسان




كتب - صبحى مجاهد

         
رد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية على فتوى تنظيم «داعش» التى أصدرها مؤخرا بإباحة نقل أعضاء أسراه ، الذين وصفوهم بالمرتدين لزرعها فى جسد من يحتاجها من المسلمين، حتى وإن كان ذلك معناه موت الأسير - حسب وصف الفتوى- وشدد المرصد فى رده على حرمة هذا الفعل وعدم جوازه شرعا .
وأكد مرصد الفتاوى التكفيرية: أن الحكم الشرعى فى مسألة أخذ أعضاء الأسير أنها غير جائزة، سواء فى ذلك إذا كان أخذ العضو يعرضه للموت أم لا أو يسبب له ألمًا أم لا !
واستدل المرصد على ذلك بعدة أمور .. منها: أولا: أن الاعتداء على أعضاء الإنسان -مسلمًا كان أو غير مسلم- فيه امتهان له، وهو الذى قد كرمه الله تعالى؛ حيث قال:  ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾[الإسراء:70]، وأخذ أعضاء الأسرى ينافى تكريم الله تعالى للإنسان ، ثانيًا: أن هذا الفعل يعد من التمثيل؛ والمثلة: تشويه الخلقة، «يُقَالُ: مَثَلْتُ بِالْحَيَوَانِ أَمْثُلُ بِهِ مَثْلًا، إِذَا قَطَعْتَ أَطْرَافَهُ وشَوّهْتَ بِهِ، ومَثَلْتُ بالقَتيل، إِذَا جَدَعْت أَنْفَهُ، أَوْ أذُنَه، أَوْ مَذاكِيرَه، أَوْ شَيْئًا مِنْ أطرافِه ، وَالِاسْمُ: المُثْلَة ، فأمَّا مَثَّلَ، بِالتَّشْدِيدِ، فَهُوَ للمبالَغة ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «نَهى أَنْ يُمَثَّلَ بالدَّواب» أَيْ تُنْصَب فترْمَى، أَوْ تُقْطَع أطرافُها وَهِيَ حَيَّة».
أضاف المرصد : لقد ورد النهى عن المثلة فى أحاديث كثيرة ، منها: ما روى مسلم والترمذى عن عائشة رضى الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أمَّر أميرًا على جيش أو سرية، أوصاه فى خاصته بتقوى الله، وبمن معه من المسلمين خيرًا ، ثم قال: «اُغْزُوا عَلَى اسْمِ الله، فِى سَبِيلِ الله، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاَلله، اُغْزُوا، وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا»..وعقب الإمام الترمذى على هذا الحديث بقوله: «وَكَرِهَ أَهْلُ الْعِلْمِ الْمُثْلَةَ».
وأشار مرصد الفتاوى التكفيرية إلى ما رواه ابن ماجه عن صفوان بن عسَّال رضى الله عنه قال: «بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى سرية فقال: «سِيرُوا بِاسْمِ اللَّهِ، وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، وَلا تَمْثُلُوا، وَلا تَغْدِرُوا، وَلا تَغُلُّوا، وَلا تَقْتُلُوا وَلِيدًا». بل إن النبى صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن المثلة بالحيوان؛ فروى البخارى عن ابن عمر رضى الله عنهما: أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم لعن مَن مَثَّل بالحيوان، فكيف بالتمثيل بالإنسان؟ وتحريم المثلة لا خلاف فى تحريمه.
وفيما يتعلق بالدليل الثالث فى حرمة نقل أعضاء الأسرى ، أكد المرصد أن فعل هذا بما يؤدى إلى وفاة المفعول به مناف للإحسان المأمور به فى الشريعة، ولو كان فى قتل من يستحق القتل، ولو كان المقتول من بهيمة الأنعام، فكيف إذا كان أسيرًا عند عصابة لا شرعية لها من الخوارج المبتدعة؛ وقد روى مسلم عن شداد بن أوس رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته».
وأوضح مرصد الفتاوى التكفيرية أن ما ورد من تخيير ولاة الأمر الشرعيين فى الأسير المأخوذ فى الحرب الشرعية بين المسلمين وغيرهم لم يرد فيه ما يفعله أولئك؛ قال الله تعالى:﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا﴾[محمد:4]، يقول ابن قدامة: «وإذا أسر الإمام فهو مخير، إن رأى قتلهم، وإن رأى مَنَّ عليهم وأطلقهم بلا عوض، وإن رأى أطلقهم على مال يأخذه منهم، وإن رأى فادى بهم، وإن رأى استرقهم» ، وكتب المذاهب الفقهية تدور حول هذا المعنى.