«المسحراتى» أول من مارسها تاريخيا بلال بن رباح ثم عقبة ابن اسحاق
محمد سعيد هاشم
كتب - محمد سعيد هاشم
المسحّراتى صورة لا يكتمل شهر رمضان بدونها، وهو يرتبط ارتباطا وثيقا بتقاليدنا الشّعبية الرّمضانيّة، فقبل الإمساك بساعتين يبدأ المسحّراتى جولته الّليلية فى الأحياء الشّعبية موقظاً أهاليها للقيام على ضرب طبلته وصوته الجميل يصدع بأجمل الكلمات مما يضفى سحرا خاصّا على المكان .
وهى مهنة يطلقها المسلمون على الشخص الذى يوقظ المسلمين فى ليل شهر رمضان لتناول وجبة السحور.والمشهور عن المسحراتى هو حمله للطبل أو المزمار ودقها أو العزف عليها بهدف إيقاظ الناس قبل صلاة الفجر وعادة ما يكون النداء مصحوبًا ببعض التهليلات أو الأناشيد الدينية.
وقد كان بلال بن رباح أول مؤذّن فى الإسلام يقوم بمهمّة إيقاظ النّاس للسّحور، حيث يؤذّن فيتناول النّاس السّحور، وأول من نادى بالتسحير عقبة ابن اسحاق ســنة 228 هـ وكان يذهب ماشيًا من مدينة العسكر فى الفسطاط إلى جامع عمرو بن العاص وينادى النّاس حيث لاحظ أن الناس لا ينتبهون إلى وقت السحور، ، فتطوع هو بنفسه لتنبيه الناس بموعد السحور، حيث كان يطوف على قدميه قائلا «عباد الله تسحروا فإن فى السحور بركة» ، وأول من أيقظ النّاس على الطّبلة هم أهل مصر، أما أهل بعض البلاد العربيّة كاليمن والمغرب فقد كانوا يدقّون الأبواب بالنبابيت، وأهل الشّام كانوا يطوفون على البيوت ويعزفون على العيدان والطّنابير وينشدون أناشيد خاصّة برمضان، اما فى عهد الدولة الفاطمية فقد أصدر الحاكم بأمر الله أمرا لجنوده بأن يمروا على البيوت ويقوموا بايقاظ الناس للسحور ، ومع مرور الوقت تم تعيين شخص للقيام بدور المسحراتى و كان ينادى «يا أهل الله قوموا تسحروا»، ويدق على أبواب البيوت بعصا كان يحملها فى يده تطورت مع الأيام إلى طبلة صغيرة تسمى بازة ثم تحولت بعد ذلك الى طبلة كبيرة .
وفى العصر العباسى فى بغدد كان «ابن نقطة موكلا بايقاظ الخليفة الناصر لدين الله العباسى وعندما مات ابو نقطة خلفه ابنه فى هذا العمل. هذا وقد انتشرت مهنة المسحراتى فى جميع البقاع الاسلامية ففى عمان يوقظ المسحراتى النائمين على الطبلة أو بالناقوس وهو يقول «يا نائمين الليل قوموا تسحروا .. يا مسلمين السحور يا صائمين» ، أما فى السعودية فيوقظ المسحراتى النائمين بقوله ربى قدرنا على الصيام واحفظ إيماننا بين القوم» «. وفى السودان يطرق المسحراتى البيوت ومعه طفل صغير يحمل فانوسًا ودفترا به أسماء أصحاب البيوت حيث ينادى عليهم بأسمائهم قائلا « يا عباد الله وحدوا الدايم ورمضان كريم» .
ويختلف شكل المسحراتى فى بعض المناطق فى مصر من البحراوى والبدوى والصعيدى فهو ينادى بالمدائح النبوية فى المناطق الصحراوية ويطوف شوارع القاهرة مردداً الأناشيد والأغانى الرمضانية ويدق أبواب سكان الحى فى الإسكندرية وبدأت مهنة المسحراتى تأخذ مسارًا جديدًا بداية من أربعينيات القرن الماضى، واتخذت بعداً فنياً على يد الشاعر فؤاد حداد والموسيقار سيد مكاوى فمن أشهر وأجمل البرامج الرمضانية التى وثقت لتلك المهنة، برنامج «المسحراتي» الذى ما زالت كلماته تتردد فى القلوب منذ الطفولة: «اصح يا نايم.. وحد الدايم.. وقول نويت.. بكره أن حييت.. الشهر صايم… والفجر قايم… اصح يا نايم.. وحّد الرزاق».. لكن رغم ذلك تراجع دور المسحراتى الآن ومع مرور الوقت مما قدر ينذر باختفائه وارجعوا ذلك لوجود وسائل عصرية تساعد على إيقاظ الافراد لتناول السحور ومنها المنبه والتليفون المحمول والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.. واختفى المسحراتى فى العديد من الأحياء مما يهدد باختفائه نهائيًا.






