السبت 1 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

في دورته الـ 38 .. «المعرض العام» بين التشكيك والإنجاز والتغيير

في دورته الـ 38 .. «المعرض العام» بين التشكيك والإنجاز والتغيير
في دورته الـ 38 .. «المعرض العام» بين التشكيك والإنجاز والتغيير




كتبت - سوزى شكرى


يعد «المعرض العام» أكثر الفعاليات الرسمية المثيرة للجدل والانتقاد خلال 38 دورة أقيمت دون أن يتم تقييمه أو إضافة آليات جديدة فى ضوء متغيرات المشهد التشكيلى، مما يعرضه دائما للانتقاد، فى الدورات الخمس الأخيرة زادت حدة الاختلافات والاعتراضات على آليات الفعالية بدءا من شروط استمارة المشاركة، والدعوات الخاصة التى ترسل لبعض الفنانين، وصولاً إلى نوعية الأعمال المعروضة، بالإضافة إلى ارتباط المعرض العام بوجود لجنة المقتنيات فزاد عليها الهجوم الذى يعد رد فعل طبيعى لوجود أزمة فى تسويق العمل الفنى ولم يبق أمام الفنان إلا حقه فى الدولة على حد قول بعض الفنانين.
الهجوم والتشكيك فى مصداقية لجنة التحكيم بدأه الفنانون المرفوضة أعمالهم حتى من قبل افتتاح المعرض العام، لجنة التحكيم تستند إلى أن الفنان وافق على شروط الاشتراك بموجب استمارة المشاركة فعليه تقبل رأى اللجنة فى عمله الفني، وعلى الطرف الآخر يستنكر المرفوضون باعتبار من هو الآخر الذى يرفض عملهم! وهى جدلية أزلية.
فى الحقيقة لم يحدث ولن يحدث أى تقبل، فهل عدم التقبل يرجع لأن معايير اللجان باتت غير مقنعة للبعض مما أدت إلى ترسيخ ثقافة التشكيك، أم لأننا نفتقد ثقافة اختلاف الآراء، ولو تقبلنا اختلاف الآراء حول العمل الفنى فماذا عن الفنانين الذين يتم قبولهم والاحتفاء بهم فى دورات للمعرض ورفضهم فى دورات أخرى، وهو ما ترجعه لجان التحكيم لتوقعها مشاركة الفنان بعمل فنى أفضل من العمل المرفوض، ثم يأتى دور المعترضين على مكان عرض أعمالهم فى «قصر الفنون»، وأن لوحاتهم وضعت فى مكان لا يليق، ثم يسحب الفنان عمله معلنا اعتراضه. لذلك جميع الشكاوى المقدمة ضد المعرض العام الدورة الـ38 معتادة وليست بجديدة.
- رحلة المعرض العام
علينا استرجاع جزء بسيط من تاريخ المعرض العام، حتى تقيم الفعالية فى ضوء تاريخها السابق، فالمعرض العام توجد به لجان للفرز ترفض وتقبل الأعمال منذ دوراته الأولى، الآليات كانت (استمارة مشاركة - دعوات - أربع قاعات عرض - عدد العارضين لا يقل عن 500 فنان)، وحين طرح الفنان الراحل محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية الأسبق فكرة أن يكون هناك مهرجان للإبداع التشكيلى الذى يتضمن ثلاثة فعاليات (صالون الشباب - صالون مصر- المعرض القومى أو «العام») وكانت دورته الأولى عام 2008، وجاء المعرض العام فى أربع قاعات عرض هى (قصر الفنون بالأوبرا- القاعة المستديرة «نقابة التشكيليين»- قاعة «ايزيس» وقاعة «نهضة مصر» بمتحف محمود مختار) فوجئ «شعلان» أن الهجوم والصراع من جانب المشاركين أكثر من المرفوضين، فمن عرضت أعمالهم فى قاعة النقابة قالوا: إحنا ليه مش فى القصر!، ومن عرض لهم فى قاعات متحف مختار قالوا: إحنا ليه مش فى النقابة!، والأغرب أن من عرض لهم فى ممرات قصر الفنون قالوا: إحنا ليه مش فى النقابة وهى أوسع من القصر، هذه الدورة الـ 30 تم قبول 550 فنانا بكل المستويات الفنية، واعترض النقاد أن العروض فى أكثر من مكان تشتيت للرؤية، وأن كثرة العدد تؤكد حجم المجاملات على حساب القيمة الفنية.
استمر هذا الحال والعروض فى أربع قاعات حتى الدورة الـ34 إلى أن استقر المعرض العام بدءا من دوراته الـ35 وحتى الدورة الحالية بالاكتفاء بقاعات قصر الفنون فقط، وهنا وقعنا فى قضية المكان الوحيد الذى أصبح متاحا لفعالية بحجم المعرض العام. قضية قصر الفنون ومشاكله المعمارية سبق وأن طرحناه العام الماضى بالتفاصيل (أن الممرات والمداخل التى أضيفت للقصر من سنوات لخلق أماكن تتسع لأعمال الفنانين، مع مرور السنوات أصبحت الممرات تشكل ثقافة عدوانية لدى البعض، وأن الفنان الذى يعرض فى القاعة بالتأكيد يختلف عن الفنان الذى يعرض له فى الممرات).
- الدورة الـ38 إيجابياتها وسلبياتها رغم أن وزراء الثقافة تغيروا، وقيادات قطاع الفنون التشكيلية تغيروا، القوميسير وأعضاء اللجان تتغير كل دورة، إلا أن الحال نفس الحال، تعرضت هذه الدورة لكل الهجوم الذى ذكرناه وكلها مشاكل معتادة تحتاج إلى حل وتغيير وتحديث فى آليات المعرض.
الفنان د.خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية
صرح أنه لم يتدخل فى أعمال القوميسير أو اللجنة، وأيضا وزير الثقافة الكاتب حلمى النمنم ترك الأمر للوائح اللجان ونصوص استمارة المشاركة الموقع عليها الفنان، ولو كان تم عرض عمل فنى بشكل استثنائى بأمر هذا أو ذاك لاعترضنا لأن هذا مخالف للوائح، وليس إلا واسطة مكشوفة، وإن أردنا التغيير الحقيقى والجاد فلا دخل للوساطة فى العروض الفنية، يجب أن تحل مشاكلنا فى إطار الجماعة التشكيلية، حتى وإن استغرقنا وقتاً فى الإصلاح.
قاد الدورة الحالية الدورة الـ38 القوميسير الفنان النحات عصام درويش وأعضاء اللجنة كل من الفنانين (مصطفى الرزاز - عبد الوهاب عبد المحسن - حنان الشيخ - معتز الصفتى - صباح نعيم - إيهاب اللبان)، يحسب لهذه الدورة عدة نقاط لابد من ذكرها حتى لا يهمش مجهود ويضيع فى وسط هذا التشويش.. أولا: من جانب التنسيق جاء تنسيق هادئ وممنهج بصريا، وإن اختلفنا على قيمة بعض الأعمال الفنية المعروضة، وباعتبار أن تقييم العمل الفنى نسبى ولا يوجد معايير وثوابت فى التقييم، ولو وجدت ثوابت لأصبحنا جميعا متشابهين فنياً، الجديد فى التنسيق أن قاعة «1» فى مدخل القصر وضعت بها أعمال لتصوير الفوتوغرافى للفنان محمد أبو النجا والفنان الكبير رمسيس مرزوق، ولم نعتد على أن يأخذ التصوير الفوتوغرافى الصدارة فى القصر بعدما كنا نجده فى قاعة «5» أو قاعة «6».
ثانياً : أدرك القوميسير كل العيوب المعمارية واستبعد الممرات والمداخل فى قصر الفنون من العروض، وهذا يعد احتراماً للفنان وتقديرا للعمل الفنى، وبالتالى فرض الواقع عليهم قبول عدد محدود من الأعمال بحسب المساحة المتاحة، وأن قلة العدد ليس من قبل الإقصاء بل من أجل الاختيار والتقنين بحسب رأى وتقييم أعضاء اللجنة، لذلك هذه الدورة أقل دورات المعرض العام من حيث عدد المشاركين (192 فنانا). ثالثاً: اللجنة بكل أعضائها والقوميسير لم يعرضوا أعمالهم، رابعاً: الفنانون المشاركون قدموا أعمالا جديدة تعرض لأول مرة، والبعض شارك بأعمال عادية سبق أن رأيناها، ومن المرجح أن «صالون القاهرة» الذى شارك فيه 70 فنانا مميزا وسبق عرض المعرض العام، وقدم المشاركون فيه أفضل ما عندهم من أعمال فنية، وبالتالى أغلب الأعمال المعروضة فى المعرض العام ليست بجديدة علينا، وهذا أيضا أمر طبيعى، فلا أحد يمكنه أن يطالب فنانا بالتجديد فى شهر، والتغيير فى المعالجة والفكرة لا يأتى للفنان بالأمر، وبصفة عامة الأعمال تستحق التناول النقدى والاحتفاء بها وإلقاء الضوء عليها فهذا أبسط حقوق الفنان. خامساً: زيادة عدد الدعوات من حق القوميسير بحسب ما يراه لصالح الفعالية. سادساً: كل قوميسير يجتهد أن يقدم طرحا جديدا فى دورته، اعتدنا أن يقام مؤتمر صحفى عن المعرض العام بحضور لجنة الفرز والقوميسير، ولكنه لم يحدث، هذه الدورة أضافت طرحا مهماً جدا وله تأثير على الحركة الفنية النحتية، وحين نقيم عام 2016 سوف نقول انه عام انطلاق فن النحت فى أفق غير محدود، وأخشى أن يأتى من يأتى فى الدورات المقبلة ويلغى هذا الطرح، القوميسير عصام درويش استضاف لأول مرة أعمالا من الدورة السابقة لسمبوزيوم أسوان لنحت الجرانيت، لتكون متواجدة ومصاحبة للمعرض العام، عرضت أعمال الفنانين ياسمين حيدر وإسلام عبادة وعبد الرحمن البرجى بهدف أن يراها أكبر عدد من الجمهور، ورغم أن النقاد كثيرا ما كتبوا ضد السمبوزيوم أن الأعمال تظل فى المتحف المفتوح فى أسوان ولا يراها إلا من هم فى أسوان، إلا إن المفارقة أنهم نفس النقاد الذين حاربوا وجود الأعمال فى ساحة الأوبرا!
سابعاً: لا ألوم الفنانين المشاركين الذين رفعوا أعمالهم من قصر الفنون قبل انتهاء المعرض العام ومن أكثر من أسبوع مضى، والتمس لهم العذر لأنهم لم يجدوا ناقدا يثنى على مجهودهم، وهذا افقدهم حماس المشاركة، والنقاد الذين لديهم مساحات فى الصحف اكتفوا بكتابة نفس المشاكل بدون تقديم مقترحات إيجابية، وهذا إقصاء لحق الفنان فى متابعة تجربته الفنية، ولو أردنا تغيير آليات المعرض العام فمن المنطق والعقل والأمانة أن لا نحمل هذه الدورة تراكمات 38 دورة.
- مقترحات لتعديل مسار المعرض العام
من المؤكد أنه حان وقت التحديث والتغيير، ونثق فى القيادات الحالية فى أنها سوف تعيد صياغة الفعاليات بشكل جديد، ولا نريد أن نعيب على كل الدورات السابقة، بل أن نستفيد من الأخطاء ونحتفظ بالإيجابيات.
- نرى أن يطلب قطاع الفنون من كل الفنانين تقديم مقترحات للمعرض العام لتعديل مساره فى السنوات القادمة لمصلحة الجميع، وأن تخصص صفحة على موقع التواصل الاجتماعى لطرح الأفكار تحت عنوان «المعرض العام الجديد»، حتى نغلق الباب على المشاكل القديمة ونقضى على الاحتقان بين الفنانين وإنهاء الخلافات، وتشكل لجنة متطوعة بها فنانون ونقاد لجمع كل المقترحات وتقنينها. وإذا تعسر الأمر ولم يكن أمامنا إلا قصر الفنون للمعرض العام، فليعقد المعرض كل عامين، ويقدم على شكل مجموعة من المعارض النوعية المتخصصة.
وقبل طرح الأفكار حول الآليات وما يخص استراتيجية المعرض العام لابد من أن يحدد هدف واضح: ما هو المطلوب وما هو المقصود بالمعرض العام؟. فبالنسبة لآليات المعرض العام فى المشاركة فهى مقسومة إلى قسمين: فنانون تعرض أعمالهم على اللجنة بموجب استمارة المشاركة، والقسم الثانى: فنانون تتم دعوتهم بدعوات خاصة، لابد من أن يحدد شروط واضحة ومعلنة ومتفقة عليها لمن ترسل الدعوات الخاصة، ولتكن مثلاً إلى الشباب فوق سن 35 عاما الحاصلين على جوائز صالون الشباب فى آخر عامين، يتم دعواتهم حتى تكون المؤسسة الرسمية متابعة لمشوارهم الفنى وتكمل دعمها لهم، وأيضا الدعوات للفنانين الكبار السن فوق الـ60 وانه لا يصح أن نضع أعمالهم سواء اختلفنا أو اتفقنا معها لأن تدخل لجنة الفرز، وخصوصاً بعد مشاركتهم السابقة فى عروض المعرض العام (وهذا حدث فى هذه الدورة ودورات سابقة).
- الفنانون الكبار يقام لهم معرض خاص وليعود معرض «صالون مصر» فى قاعة أفق لأنه كان معرضا مميزا جدا، ويكون بالدعوات تكريما لدورهم واعترافا من وزارة الثقافة بما قدموه لفن المصرى.
- أما إشكالية من سبق لهم العرض فى المعرض العام وتم رفضهم بعد قبولهم فى دورات سابقة، فهى إشكالية يستطيع الناقد الفنى حلها، لأن كل من سبق له العرض يعتبر وجوده أصبح أمرا طبيعيا، والبعض لا يقتنع أنه ليس بالضرورة من سبق له المشاركة فى المعرض العام أن يعرض فى كل دورة، لذا يجب أن يوضح له سبب رفض عمله، ويكون الرفض من قبل ناقد فنى متخصص، وليس فى هذا إساءة للفنان فهذا دور الناقد الفنى، وليكن الأمر بين الفنان والناقد احتراما للفنان، وجود ناقد فى اللجان سوف يقلل من الهجوم على أعضاء اللجنة، الناقد هو الوحيد الذى من له حق الاعتراض على العمل الفنى نقدياً وفنياً، لأنه لديه معايره ومبرراته وأسبابه فى قبول ورفض الأعمال، ووجود الناقد سوف يكشف الأعمال الفنية المنقولة والمزورة والمقتبسة من فنانين آخرين حافظا على حقوق الملكية الفكرية.