الخميس 30 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

شبهات وردود.. شبهة الحديث سبب المذهبية العشوائية (3)

شبهات وردود..  شبهة الحديث سبب المذهبية العشوائية (3)
شبهات وردود.. شبهة الحديث سبب المذهبية العشوائية (3)




فى كل يوم نعرض لإحدى الشبهات الواردة عن السنة النبوية أو الرسول صلى الله عليه وسلم ونعرض الرد الوافى لها من الأزهر الشريف واليوم نكمل الرد على شبهة الحديث سبب المذهبية العشوائية..
وقد جاء فى إطار تلك الشبهة الزعم بأن ما دُوِّنَ فى مؤلفات الحديث هى ألفاظ الرواة وليس ما صدر من الرسول - صلى الله عليه وسلم، مستدلين  بقوله - تعالى: «أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»، وعليه ووفق لتلك الشبهة إن من كان يؤمن بالقرآن فلابد من أن يؤمن بالسنة؛ لأن الله - تعالى - يقول: «مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ» {النساء: 80}، وكيف يطيع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إن لم يقتد بسنته، ويقول - عز وجل: «وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ» {النحل:44}، وإذا كان الذى نزل إلينا هو القرآن فما الذكر إلا السنة.
ويبدا الأزهر الرد بقول بما قاله الصحابى الجليل عمران بن حصين - رضى الله عنه - منذ قرون حين كان جالسًا ومعه أصحابه يحدثهم، فقال: رجل من القوم لا تحدثونا إلا بالقرآن، فقال له عمران بن حصين: «ادنه، فدنا، فقال: أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد فيه صلاة الظهر أربعا، وصلاة العصر أربعا، والمغرب ثلاثا، تقرأ فى اثنتين؟! أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن أكنت تجد الطواف بالبيت سبعا، والطواف بالصفا والمروة؟! ثم قال: أى قوم، خذوا عنا؛ فإنكم والله إن لا تفعلوا لتضلن»، الكفاية فى علم الرواية للخطيب البغدادى (ص 15)
أضاف الأزهر إن من ينكر  أن تكون ألفاظ الأحاديث من كلام النبى - صلى الله عليه وسلم، ويزعم أنها من كلام الرواة.مع أنه إذا قصد بالرواة الصحابة ففى هذا الإنكار مخالفة لنصوص القرآن التى عَدَّلَتْهُمْ، وأنكر التراضى الثابت لهم من الله فى القرآن، والآيات فى هذا كثيرة، يستطيع الرجوع إليها، ومن ذلك قوله – تعالى: «لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» [التوبة:88].
فإن كان من يقول بالشبهة يذهب إلى عدم الحكم بعدالة جميع الصحابة كما هو شأن بعض الفرق المخالفة لأهل السنة، فما قوله فى أحاديث رواها صحابة لم يختلف فى عدالتهم أحد حتى من مخالفى أهل السنة.
وهل يعقل أن يختلق صحابيٌّ حديثا -وحاشاهم رضوان الله عليهم، أو يقول الصحابى كلاما ثم ينسبه إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - من جاء بعده، ويتكرر ذلك من غير واحد من الصحابة وممن جاء بعدهم، كالأحاديث التى يرويها جمع من الصحابة وتأتى الأحاديث بنفس الألفاظ، كيف يكون هذا؟
وإن كان يستحيل تصور وجود أمر كهذا فى الصدر الأول فتصور وجوده فيمن جاء بعدهم بعيدٌ جدا؛ إذ لو فعل أحد أمرا كهذا لَشُنِّعَ عليه، وافتضح أمره.
وعلى هذا فادعاء كون ما دُوِّنَ فى مؤلفات الحديث من ألفاظ الرواة وليس صادرا من الرسول - صلى الله عليه وسلم - مخالفٌ لقواعد التفكير العلمى والمنطقى، وهذا لمن لم يرض بشهادة القرآن للصحابة - رضوان الله عليهم.
وليس يصح فى الإفهام شىء إذا احتاج النهار إلى دليل.