الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع.. السنيدة

واحة الإبداع.. السنيدة
واحة الإبداع.. السنيدة




يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:    
[email protected]

 

 

كتبتها - آية رفعت

اللوحات بريشة الفنان عصام عزوز

كنت دوما أتابع المسلسلات والأفلام الرومانسية بشغف ولطالما كانت هناك شخصية «سنيدة» للبطلة تقع فى حب البطل الذى يتركها ليتزوج بالبطلة فى النهاية، وغالبا ما كان يركز المخرج على مساوئ هذه السنيدة لكى يبرز مميزات البطلة والتى قد تكون لا تشعر بإحساس البطل نحوها إلا بعد المشاهد الأخيرة من الفيلم. ويخرج الجمهور بعد مشاهدة الفيلم وهو مقتنع تماما بأن البطل لائق للبطلة وان قصة حبهما كانت معبرة ونهايتها سعيدة. وكنت دائما أفكر فى شخصية السنيدة فلماذا ضحت بحبها لكى يتزوج البطل من البطلة ولماذا لم يشعر هو بها واختار الجرى وراء الفتاة الأصعب، هل لأنها اعترفت له بحبها أم لأنها صارحته بإحساسها من خلال اهتمامها او نظرات عينها.. وغالبا يضع بعض مؤلفو هذه القصص عبارات تؤكد على رضا السنيدة بحكم الفراق بل يعمل بعضهم على نصرها باظهار شخصية فى نهاية الفيلم تعجب بها لكى لا تكون (خرجت من مولد بلا حمص).
وسواء كانت هناك قصة حب تنتظر السنيدة أم لا فكنت اقتنع تماما أن كل فتاة فى حياتها الواقعية تلعب دور السنيدة فى قصة أو ربما أكثر لتصل فى النهاية للقصة التى تلعب فيها دور البطلة بل والمخرج الذى سيشكل نهاية الفيلم حسب رغبتها. ومع بداية إحساسى بالإعجاب نحو شاب ما كنت أحاول أن أقوم بدور البطولة أمامه حتى انتظر النتيجة النهائية للفيلم هى سأكون البطلة ويتصدر اسمى الأفيش أم سأكون مجرد سنيدة وانتظر الكومبارس لأقدم معه فيلما آخر من بطولتنا معا.
وعندما التحقت بأول وظيفة لى ابتعدت عن المشاعر وعن نظرات أى شخص يحاول أن يداعب إحساسى ويجذبنى له ويراودنى الخوف من أننى لن أكون البطلة فى أى قصة.. ولكن لما لا ربما أكون أنا الفتاة التى يبحث عنها احدهم ويكون هو لى فارس الأحلام المنتظر.. فحاولت الاقتراب والتعارف على عدد من الشباب فى حدود العمل واعتادت الحديث مع زملائى الجدد اللذين كانوا يعتبروننى متكبرة لابتعادى عنهم من قبل. وقد لفت نظرى أحد زملائى بذوقه وحسن خلقه.. فقد كان شكله مقبول طويل القامة محترم وواثق من نفسه.. تجاذبنا أطراف الحديث كثيرا وقد بدأت فى التقرب له شيئا فشيئا. بدأت أحلامى تسبقنى وبدأت ملامحى تتغير كلما مر أمامى وأشعر أنى احترق من كثرة السخونة التى أشعر بها من خجلى أمامه خاصة إذا أبدى إعجابه بملابسى أو بالطريقة التى أصفف بها شعرى.. تحدثنا فى كل شىء وعن كل شىء حتى انى نسيت كيف كنت أتعاطف مع السنيدة فى الأفلام وركزت أثناء مشاهدتى على البطلين فقط والمشاكل التى تقابل البطلة والسعادة التى تنعم بها فى النهاية.. نظرت للدنيا وكأنها فيلم تدور أحداثه حول قصتنا نحن فقط وكل من فيها مجرد ممثلون بالأدوار الثانية يقومون بمساعدتنا لتحقيق حلمنا.
أعطانى هذا الرجل ثقتى بنفسى كثيرا وثقتى بأننى بطلة حياته، ولكنى استيقظت من حلمى الجميل على واقع مؤلم.. فكنت أعمل فى الصباح الباكر فى نشاط فى انتظار قدومه للمكتب وعندما كنت أميل على اوراقى وجدت علبة فخمة من الحلوى توضع أمام عيني.. فعرفت انه هو، فقد كان دوما يهدينى بأنواع الشيكولاتة التى أحبها ولكنى عندما نظرت له لم اجد الابتسامة المعهودة منه ولكنى وجدت عينه مليئة بالخجل والسعادة والارتباك نظرة لم افهم معناها إلا بعد سؤالى عن علبة الحلوى.. فرد فى هدوء: «تمت خطوبتى أمس على إحدى صديقاتي».
استحضرت وقتها شعور احدى السنيدات فى أحد الأفلام عندما حاولت ان تخفى هول صدمتها وابتسمت فى سعادة وهتفت بصوت عالى وبطريقة غير متزنة «مبروك»، ولكن من الواضح أن التمثيل هو التمثيل والواقع لن يستطيع مجاراته لأن دموعى سقطت على يدى قبل أن تغادر الابتسامة وجهى وصوتى غدر بى وانحبس قبل أن أكمل الكلمة. نظر لى فى شفقة مثل التى كنت أراها عبر شاشة السينما وواسانى مثلما كان يواصى البطل السنيدة والتى يعرف بحبها له ولكن قلبه يريد فتاة أخرى.. ثم تمنى لى التوفيق مع بطل آخر.
تركت العمل بهذه الشركة وذهبت للبحث عن عالم آخر وقصة أخرى ولكنى بعد مرور أعوام وتجارب كثيرة لا اعتقد ان هناك قصص أخرى لألعب من خلالها البطولة، وقد كنت مخطئة بفكرتى حول السنيدة التى قد يمكنها القدر للعب دور البطولة ولو فى قصة واحدة.. فربما مقدر أحيانا على الفتاة التى لعبت دور البطولة منذ أول ظهور لها على الشاشة أن تظل دائما البطلة ولن تتراجع أما السنيدة فالواقع أنها تظل مكانها لو لم يكتشف أحد موهبتها وتجد من يلعب البطولة امامها.