الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

اللى أوله عنف آخره مأساة احذروا جرح ثوب الأنوثة الناعم

اللى أوله عنف آخره مأساة احذروا جرح ثوب الأنوثة الناعم
اللى أوله عنف آخره مأساة احذروا جرح ثوب الأنوثة الناعم




كتبت - مروة فتحى


«العنف ضد المرأة»، عبارة شائعة نسمعها كثيرا فى الداخل والخارج، نسمعها فى كل وقت ومن خلال أكثر من آلية، هى مأساة تواجه المرأة حول العالم وتسلبها أبسط حقوقها الإنسانية، ورغم وجود إحصائيات تشير إلى نسب العنف التى يتعرض لها الجنس الناعم إلا أنها تحصرها فى قوالب محدودة جدا كالضرب أوالختان أو الاعتداء الجنسى، لكن تظل هناك أشكال أخرى للعنف تتعرض لها المرأة يوميا حتى دون علمها، وخلف الأبواب المغلقة تكثر القصص وتطول الحكايات التى تشيب لها القلوب والعقول قبل الرءوس الأمر الذى يؤكد وبكل حسم أننا نعيش فى مجتمع يهوى تعنيف نسائه، وبكل أسف تتصدَّر مصر قائمة الدول العربية الأكثر ممارسة للعنف ضد المرأة فى العالم العربى خلال عام 2015، طبقًا لأحدث الدراسات الاجتماعية الصادرة عن مؤسسة «تومسون رويترز».
وأشارت الدراسة، وهى الرابعة التى تجريها المؤسسة البريطانية عن وضع المرأة منذ ثورة 25 يناير 2011 فى مصر، إلى انتشار التحرش الجنسى وختان الإناث والزواج القسرى وتصاعد ظاهرة استغلال النساء، بفضل الفهم الخاطئ للعقائد الدينية والقوانين العنصرية التى تميز بين الرجل والمرأة.
ويحتفل العالم اليوم باليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة الموافق 25 نوفمبر، فى محاولة من الجمعية العامة للأمم المتحدة للقضاء على العنف الممارس ضد المرأة بمختلف أشكاله.. وتستمر الاحتفالات 10 أيام فى الفترة من 25 نوفمبر حتى 10 ديسمبر وهو اليوم العالمى لحقوق الإنسان، تحت عنوان حملة الـ16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة، ويكتسى العالم وقتها اللون البرتقالى فى إشارة واضحة لموقفه المناهض لهذا العنف.
ودعا بان كى مون الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة تحت عنوان «اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة» إلى نشر «الفكرة البرتقالية» فى كل مدينة وكل حي، قائلا: «استخدموا اللون البرتقالى كيفما شئتم لجعل العالم برتقالياً.. اللون الذى يرمز إلى مستقبل أكثر إشراقا دون عنف موجه ضد النساء والفتيات».
وأضاف: «ساهموا بجعل شوارعنا ومرافقنا ومعالمنا برتقالية فى هذا اليوم».
وتوضح الأرقام أن التكلفة الاقتصادية للعنف ضد المرأة المصرية سواء فى المنزل أو الأماكن العامة بلغت نحو 2.6 مليار جنيه سنويا، وفق مسح اقتصادى أجراه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن العنف القائم على أساس النوع الاجتماعى خلال عام 2015 وأعلنت نتائجه فى أول يونيو 2016.
ويبقى العنف ضد المرأة وباءً عالمياً وتعانى أكثر من 70 فى المائة من النساء من العنف فى حياتهن.
وبحسب تقرير لمكتب شكاوى المجلس القومى لحقوق الإنسان عام 2012، فإن 64% من نساء مصر يتعرضن للتحرش الجنسى سواء باللفظ أو بالفعل فى الشوارع والميادين العامة، وهذه النسبة جعلت مصر تحتل المرتبة الثانية على العالم بعد أفغانستان فى التحرش الجنسى، كما كشفت دراسة حديثة أجراها المجلس القومى للمرأة بالشرقية برئاسة الدكتورة فاطمة الشربينى حول ظاهرة العنف ضد المرأة أن 34% من العنف الممارس ضدها هو من داخل الأسرة، وجاء الزوج فى المركز الأول بين المتسببين فى العنف وخاصة فى المرحلة التالية للزواج كما ارتفعت نسبة التعرض للعنف بين المتزوجات إلى أكثر من 61%من سيدات العينة.
هيئة الأمم المتحدة كانت قد عرفت «العنف ضد المرأة» فى إعلانها العالمى لمناهضته عام 1993 بأنه «أى فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس، ويترتب عليه أو يرجح أن يترتب عليه أذى، أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية، أو الجنسية، أو النفسية بما فى ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل، أو القسر، أو الحرمان التعسفى من الحرية، سواء حدث ذلك فى الحياة العامة أو الخاصة»، أما منظمة «صحة المرأة» الأمريكية فقد أوضحت عبر موقعها الإلكترونى، ستة أشكال مختلفة للعنف بخلاف الأشكال المتعارف عليها والتى قد تكشف أن المرأة قد تكون إحدى ضحايا العنف وهى لا تعرف ذلك، حيث أكدت المنظمة أن الابتزاز العاطفى يعد عنفا نفسيا يمارسه الزوج تجاه زوجته، التى تريد الانفصال عنه، من أجل البقاء معه سواء من خلال تقديم هدايا أو التفوه بكلمات الحب والغزل الصماء، بعد أن يسىء معاملتها كمحاولة لدفعها للاستمرار معه، أو تهديدها بإيذاء نفسه أو إيذائها إذا تركته، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن الابتزاز العاطفى الذى يمارس ضد المرأة من شريك حياتها بأنه سيحرمها من أطفالها إذا تركته يعد كذلك عنفا.
«حطى مرتبك فى الدرج» العبارة الأشهر التى لا يتورع بعض الأزواج فى قولها لزوجاتهم، اللاتى يعملن، فى محاولة للتحكم فى الطريقة التى ينفقن بها أموالهن أو محاولة للتضييق عليهن ماليًا من أجل تنفيذ رغباتهم أو كطريقة للعقاب، كل هذا لا يمكن تصنيفه إلا تحت بند العنف الاقتصادى الذى يتقن بعض الرجال ممارسته ضد زوجاتهم بلا أدنى شفقة أو رحمة، ووفقا للمسح الديموجرافى الميدانى لعام 2014 فإن 26٪ من سيدات الريف من عمر «15 - 49 عام» لهن حرية التصرف فى عوائدهن المالية مقابل  34٪ فى الحضر.
لم ينته مسلسل العنف الممارس ضد المرأة لتأتى التصرفات المسيئة فى العلاقات العاطفية سواء من الحبيب أو الخطيب أو الزوج لتسرد حلقات أخرى بمزيج من الأسى والقهر، فمراقبة تصرفات المرأة طوال الوقت واتهامها ظلمًا بأنها تخون أو تتجاوز فى تصرفاتها مع الجنس الآخر، ومحاولة منعها من مواصلة تعليمها أو عملها، كل ذلك يُصنف تحت بند «العنف ضد المرأة».
وتعد الرسائل الإلكترونية ورسائل الفيس بوك غير المرغوبة التى قد يرسلها رجل لامرأة بهدف تخويفها أو مجرد ملاحقتها عنف تحت تصنيف «المطاردة» أو «التعقب»، وهو ما يصنف أيضًا تحت بند «العنف ضد المرأة» وهو ما لا تدرك الكثيرات أنه يعتبر كذلك، كما أنه يصنف كجريمة، خاصة أنه قد يؤثر على حياتها ويجعلها تشعر بالاكتئاب ويمكن أن يؤثر على قدرتها على النوم أو تناول الطعام، سواء كان هذا التعقب من قبل شخص تعرفه المرأة أو شخص لا تعرفه.
منظمة الصحة الأمريكية أشارت كذلك إلى أن محاولة التقليل من المرأة أوالسخرية منها أمام الآخرين هو أحد أشكال العنف النفسى الممارس ضدها، كما أن إساءة معاملة النساء ذوات الاحتياجات الخاصة مثل ضعاف السمع أو ذوات الإعاقة الحركية، سواء كان ذلك فى المنزل أو من قبل مقدمى الرعاية الصحية يعتبر أيضا عنفا.
نحن أمام ظاهرة عالمية تختلف من مجتمع إلى آخر بحسب المفاهيم السائدة ووعى المجتمع المحلى، ودرجة عدالة القيم الاجتماعية، وسيادة مبدأ القوانين وحقوق الإنسان، ولاشك أننا بحاجة إلى حلول مبتكرة للوقوف بشراسة أمام هذه الظاهرة ومواجهتها بكل جرأة، والحل يبدأ من الاهتمام برفع الوعى الدينى فى المجتمع والتعريف بمبادئ الشريعة السمحة التى أكدت حقوق المرأة وطرق التعامل معها وطبيعتها ككائن رقيق والأسس التى يجب أن تقوم عليها العلاقة فى كل مناحى الحياة، كما أن الاهتمام بتربية الأبناء الذكور يعد نصف الحل وذلك بغرس الأسس الصحيحة للتربية بداخلهم منذ الصغر وتعريفهم بقيمة المرأة لينشأ جيل قادر على التعامل الصحيح مع «نصف المجتمع»، علاوة على إصدار القوانين والتشريعات الصارمة لحمايتها من أى عنف أو اضطهاد وإعمالها حتى لا تكون مجرد حبر على ورق.