الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

شفرات الاغتيال والدم

شفرات الاغتيال والدم
شفرات الاغتيال والدم




أبوعمر مسئول نقل التكليفات وأبومروان للأمن والسيناوى للشئون العسكرية بـ«بيت المقدس»

 

تقرير يكتبه - أيمن غازى

 

الحلقة 3

تواصل «روزا ليوسف» فى هذا الملف رصد كيف واجهت نيابة أمن الدولة العليا تحت ختم «سرى جدا» التطرف الدينى وقضايا الإرهاب وعلى مدار نحو ألف يوم بلغ عدد ساعات التحقيق فيها نحو 15 ألفتواصل «روزا ليوسف» فى هذا الملف رصد كيف واجهت نيابة أمن الدولة العليا تحت ختم «سرى جدا» التطرف الدينى وقضايا الإرهاب وعلى مدار نحو ألف يوم بلغ عدد ساعات التحقيق فيها نحو 15 ألف ساعة اشتملت على قضايا «الأسماء الحركية لنساء الجماعة، خلايا المجموعات المركزية، أجناد مصر، تنظيم بيت المقدس، ولاية سيناء، داعش، بالإضافة إلى تفجيرات مديريات الأمن على مستوى الجمهورية، تحقيقات النيابة عن الأسماء الحركية للقيادات الإرهابية فى التنظيمات العنقودية، والاستهداف المستمر للكنائس. أبوعمر مسئول نقل التكليفات وأبومروان للأمن والسيناوى للشئون العسكرية بـ«بيت المقدس»

فى سياق مراحل التحقيق التى تولتها نيابة أمن الدولة العليا بشأن الكشف عن المخططات الإرهابية وعناصر التنظيمات العنقودية  التى تقوم باستخدام المتفجرات ضد مؤسسات الدولة، كان أن كشفت التحقيقات عما يمكن أن نسميه «اللغز» بشأن عناصر الجماعة الإرهابية التى اعتصمت فى ميدانى النهضة ورابعة العدوية وفق نص التحقيقات فى القضية التى عرفت إعلاميا باسم تنظيم ولاية سيناء التى قامت بمباشرتها نيابة أمن الدولة العليا حيث أوضحت أن «اعتصام رابعة والنهضة» المسلحين كانا بمثابة «المفرخة» للعناصر الإرهابية التى بلغ عددها نحو 300 متطرف كلهم شاركوا فى هذا الاعتصام واستعانوا بـ«نماذج مصغرة» للكمائن الأمنية للقوات المسلحة بشمال سيناء المراد استهدافها بناء على معلومات الرصد المجمعة عنها، والتدريب من خلال تلك النماذج قبل تنفيذ العمليات الإرهابية، من خلال استخدام الأسلحة الآلية الخفيفة والثقيلة، والصواريخ المضادة للطائرات والدبابات «آر بى جى وكورنيت» والعبوات المفرقعة والسيارات المفخخة، حيث كان يتم استخدام مجموعات مزودة بسيارة ربع نقل مموهة المعالم مسلحة بالبنادق الآلية الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، إضافة إلى قاذف صاروخى من طراز آر بى جى، وتتخذ تلك المجموعات أكواخا بمناطق تمركزها لينطلق منها أفرادها لارتكاب عملياتهم العدائية ضد الدولة.
ومن أهم المعلومات التى كشفتها النيابة أثناء مراحل التحقيق وثائق مخططات التنظيم الإرهابى، وهى بمثابة شفرات متداولة بين أعضاء التنظيم، إضافة إلى وسائل تفادى التضييق الأمنى المفروض على أعضائه بمدن سيناء، والحيل المتبعة لتصعيد أعمال العنف والإرهاب ضد القوات الأمنية، عقب اندماج الهياكل التنظيمية لأنصار بيت المقدس فى تنظيم واحد ضم جميع القيادات الإرهابية تحت مسمى جديد هو تنظيم ولاية سيناء الذى سعى بدوره إلى تجنيد بعض الأشخاص خارج نطاق شبه جزيرة سيناء، يتولون مهمة رصد بعض المنشآت الحيوية، والتمركزات الأمنية، استعدادا لاستهدافها حال صدور تكليفات بذلك.
وفى سياق التحقيقات المتلاحقة مع عناصر التنظيمات التكفيرية والجهادية التى تم إحالتها إلى نيابة أمن الدولة العليا من قطاعات متفرقة على مستوى الجمهورية وعلى رأسها محافظة شمال سيناء، أوضحت التحقيقات التى باشرتها النيابة مع المتهمين فى القضية المقيدة تحت رقم 502 لـسنة 2015 حصر أمن دولة عليا، أن العناصر المضبوطة تنتمى تنظيميا إلى الفصائل المسلحة الموالية لتنظيم داعش الإرهابى النشطة فى نطاق شمال سيناء، من بينهم قيادات ميدانية فى تنظيم «أنصار بيت المقدس» الذى بايع أبى بكر البغدادى فى نوفمبر 2014، وتحول لما يسمى بـ«ولاية سيناء»، الذى بات يتولاه ما يسمى الوالى والذى يعد قائد التنظيم، ويليه مسئول نقل التكليفات أبو عمر ومسئول الأمن المكنى أبو مروان، والمسئول العسكرى المكنى أبو الزبير السيناوى، والمسئول الميدانى المكنى أبو أنس الخطيب، والمسئول الإعلامى المكنى شادى المنيعى، ومسئول تصنيع العبوات المتفجرة المكنى أبو سليمان وأبو يعقوب، ومسئول الاستشهاديين المكنى أبو هاجر، ومسئول المهاجرين المكنى أبو بصير، ومسئول الشرعيين المكنى أبو عادل السيناوى، وان ما أطلقوا عليها ولاية سيناء تم تقسيمها إلى عدة مناطق، ولكل منطقة مسئول، وكل منطقة مقسمة إلى مجموعات ويتولى كل مجموعة منها مسئول، ومزودة بسيارة نقل مموهة المعالم ومسلحة بالبنادق الآلية الخفيفة والمتوسطة والثقيلة.
الأسماء الحركية
 من واقع تكثيف التحقيقات التى استمرت على مدار أسابيع متتالية تم الكشف أيضا عن أمرين مهمين فى سياق هذا التنظيم  وهو استخدام جميع قياداته العليا لقب «المصرى» باعتباره كنية تمثل التواجد على أرض مصر من الناحية الرمزية، حيث أسندت مهمة الإعداد العسكرى للتنظيم الذى تم جمع شتاته من بقايا التنظيمات الجهادية والتكفيرية من محافظات متفرقة على مستوى الجمهورية من خلال شخصية حركية أطلقت على نفسها لقب أبو مروان المصرى الذى تولى مسئولية التجنيد بالإضافة إلى أبومحمد المصرى مسئول القيادة الميدانية، وأبوهاجر المصرى مسئول العمليات العسكرية ضد الأكمنة.
المؤسسات الأمنية
من ضمن أخطر ما كشفته تلك القضية كان كفيلا بتجفيف منابعه من الداخل من خلال التحذير الذى أوضحته نيابة أمن الدولة العليا بالنسبة للمجموعات التى كانت تعترض طرق الأقوال الأمنية أو تستهدف الكمائن من خلال خطة مفاجئة ساهمت التحقيقات فى الكشف عنها وهو ما جعل الأجهزة الأمنية تتعامل معها فيما بعد وتحاصرها فى المنابع، حيث كشفت التحقيقات عن وجود نظام تقسيم للعناصر التى تشارك فى عمليات استهداف الكمائن الأمنية وهو ما لم يكن معروفا بشكل كبير حتى وقت إجراء التحقيقات، وهو ما فسر أيضا طبيعة فرار العناصر الإرهابية إلى المناطق الجبلية و الصحراوية عقب تنفيذ عملياتها ضد الأكمنة  من خلال تقسيم العناصر التكفيرية نفسها إلى نحو 6 مجموعات بدأت بما يسمى الاستشهاديين، وهى المجموعات التى تتولى اقتحام المواقع المراد استهدافها بسيارات مفخخة، ويعقبها أفراد المجموعة الثانية «والانغماسيين» والتى تتولى اقتحام المواقع واستهداف القوات المتبقية، والثالثة مجموعة الدعم والتى تقدم العون لعناصر المجموعة الثانية، والمجموعة الرابعة «الإسعافيين» والتى تتولى إسعاف من أصيب من عناصر المجموعتين الثانية والثالثة، والمجموعة الخامسة «قطع الإمداد» والتى يتولى عناصرها منع وصول التعزيزات لأفراد الجيش المستهدفين بالعمليات آنذاك ، والمجموعة السادسة والأخيرة «مجموعة الإعلاميين» والتى يتولى عناصرها توثيق مجريات الاقتحام.
مواجهات فكرية
 فى هذا التوقيت كانت تتم عملية التحقيق مع خليتين اخراتين عقب القبض على عدد من المتهمين فى قضايا استهداف مؤسسات الدولة كانت مهمة نيابة أمن الدولة العليا هى الكشف عن هوية وطبيعة الأفكار التى يعتنقها هؤلاء والتى بدأت من خلال مواجهة المتهمين فى قضية خليتى الجيزة وحلوان الإرهابيتين، التى تضمنت إحالة 32 متهما إلى محكمة الجنايات، لتنفيذهم 19 جريمة إرهابية تنطوى على عمليات اغتيال لضباط وأمناء وأفراد الشرطة ومواطنين، إن المتهمين ينتمون لجماعة إرهابية تم تأسيسها بإيعاز من تنظيم «داعش» بالخارج، لتنفيذ عمليات عدائية داخل الأراضى المصرية، خاصة ضد أفراد الشرطة والقوات المسلحة والقضاة، بهدف إسقاط الدولة المصرية.
كشفت التحقيقات أنهم أدوا البيعة  للإرهابى  أبو بكر البغدادي، فى سياق مفاجأة أخرى كشفتها التحقيقات أن الخلية الأولى التى تأسست فى مصر داخل حلوان تم تأسيسها على يد أحد الأشخاص الذى سبق حصوله على حكم قضائى بالبراءة فى القضية المعروفة إعلاميا بـ«خلية الظواهرى»، التى اتهم فيها محمد الظواهرى شقيق أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة، وأن التكليفات التى جاءتهم كانت من خلال أسماء حركية للأعضاء فى مصر كان منها «أبوعبدا لله، وأبو يحيى مستهدفين فى ذات السياق استباحة دماء المواطنين المسيحيين ودور عبادتهم واستحلال أموالهم وممتلكاتهم, إضافة إلى استهداف مؤسسات الدولة بغرض إسقاطها والتأثير على مقوماتها الاقتصادية والاجتماعية، وتعطيل العمل بالدستور والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى.
البيعة
فى سياق التحقيقات مع أعضاء خليتى الجيزة وحلوان اللتين كانتا من ضمن الخلايا التى أعلنت بيعتهما للإرهابى «أبوبكر البغدادى» قبل أن يختفى مؤخرا، كثف المحققون بنيابة أمن الدولة العليا مواجهتهم الفكرية مع أعضاء الخليتين داخل مقر النيابة لمعرفة طبيعة الأفكار التى يتلقاها أعضاء التنظيم وطرق تنفيذها، وهو ما ظهر من خلال اعتراف المتهمين فى هذه الخلايا بوجود ما يسمى المحاور الفكرية والتثقيفية لأفراد التنظيم من خلال أسماء قيادات حركية تتولى هذه المهمة هما «أبوتراب، وأسدالله» من خلال استخدام المناطق النائية اعتمدت على محاور فكرية لترسيخ الفكر التكفيرى لدى الأعضاء، ودروسا لترسيخ عقيدة قتال أفراد القوات المسلحة والشرطة، ومحور حركى يقوم على اتخاذهم لاسماء حركية للتواصل السرى فيما بينهم، من خلال استخدام طرق التخفى وإطلاق النيران من البنادق الآلية التى كانت بحوزتهم تجاه سيارات للشرطة والمتمركزات الأمنية، ومن خلال زرع العبوات المتفجرة عبر عمليات رصد للمتمركزات الأمنية ثم استهدافها من خلال استخدام الدراجات النارية.
 كتائب أنصار الشريعة
 بالتزامن مع سير التحقيقات فى هذه القضية كانت هناك إحدى القضايا ذات الارتباط بالمنهج الفكرى التكفيرى الذى تم الكشف عنه وفقًا للوثائق والأوراق التى تضمنتها القضية رقم 318 لـسنة 2014، حصر أمن الدولة العليا، فقد كانت ملاحظات النيابة على هذا التنظيم بكلمة «الأخطر» منذ عزل الرئيس الإخوانى محمد مرسى نظرا لحجم عمليات الاغتيال التى نفذتها عناصره، وارتباطها بالعديد من التنظيمات الأخرى، فضلًا على علاقتها بالإرهابى أبوبكر البغدادى الذى بايعه أحد أبرز قادتها، مسئول خلية بنى سويف، المدعو سعيد حسين عبدالعظيم، والذى يحمل اسما حركيا هو «أبوالعز»، والعائد من سوريا بعد اشتراكه فى العمليات الإرهابية على أراضيها وتأثره بمشايخ السلفية الجهادية، وارتباطه بالحقل الجهادى السورى لإعداد أعضاء تنظيمه، واستقطابه أعضاء حركة «حازمون» الموالية للقيادى حازم صلاح أبوإسماعيل، والمحبوس حاليا على ذمة عدة قضايا جنائية متنوعة من خلال استخدام المحور الحركى فى اتخاذ اسماء حركية وكنية لكل عضو، وتغيير شرائح الهاتف المحمول بصفة دورية لعدم الرصد الأمني، فضلا على إجراء تحركات لكشف المراقبة، وتغيير محل إقامتهم بصفة مستمرة، إضافة لتأهيل أعضاء التنظيم على القتال،شخص يدعى هانى صلاح أحمد فؤاد بدر، واسمه الحركى «هانى السلفى» وهو لأحد العائدين من سوريا أيضا.
كذبة الالتزام الدينى
عقب سير التحقيقات بشكل مكثف عن بدايات تعرف أعضاء مثل هذه الخلايا على أفكار ومعتقدات التنظيمات التكفيرية كانت هناك مفاجآت فى اعترافات المتهمين منها إن أقدم عضو بها بدأ ما يسمى بالتزامه الدينى خلال العام 2009، دون أن يكون له نشاط ملحوظ، حتى جاءت أحداث اعتصام رابعة والنهضة وانضم رسميا لأعضاء ما يسمى تنظيم القاعدة الموالى فى ذات التوقيت لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية التى شكلت اعتصامها المسلح ضد الدولة فى ذات الميدانين، وهو نفس الأمر الذى انطبق على عدد من المقبوض عليهم والذين تمت إحالتهم فيما بعد إلى المحاكم الجنائية المختصة عقب قيامهم بارتكاب جرائم القتل لعدد من المواطنين ورجال الشرطة المتواجدين فى الارتكازات الأمنية التى استهدفوها عبر التصوير اليومى.
وتبين لاحقًا خلال تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا، ومن واقع شهادات ضباط جهاز الأمن الوطنى الذين تولوا تنفيذ أذون النيابة بضبط وتفتيش مساكن المتهمين الذين أشارت إليهم تحريات الجهاز، وكذا تفتيش المقرات التنظيمية العثور على كميات كبيرة من الأسلحة النارية بنادق آلية وخرطوش ومسدسات وعدد ضخم من الذخائر التى تستعمل فى تلك الأسلحة، وواقيات ضد الرصاص، وعبوات متفجرة محلية الصنع، وأجهزة اتصالات لاسلكية، وأقنعة وملابس مموهة وأعلام تحمل شعار تنظيم داعش الإرهابى، وأقراص معدنية متفجرة.