الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

نوار: استمرار غلق المتاحف إهدار للمال العام وأطالب بإحياء الأنشطة التشكيلية الدولية

نوار: استمرار غلق المتاحف إهدار للمال العام وأطالب بإحياء الأنشطة التشكيلية الدولية
نوار: استمرار غلق المتاحف إهدار للمال العام وأطالب بإحياء الأنشطة التشكيلية الدولية




حوار - سوزى شكرى

فى الجزء الثانى من حوارنا مع الفنان الدكتور أحمد نوار يدور الحديث حول العديد من قضايا الحركة الفنية منها ما يتعلق بوزارة الثقافة وعدم اهتمام وزراء الثقافة بالفن التشكيلى، عن قطاع الفنون التشكيلية وإغلاق المتاحف بعد حوادث السرقة المتكررة، حول رفضه لإلغاء الفعاليات الدولية المتوقفة منذ سنوات، مطالبا بعودة الكثير من الفعاليات إلى حضن قطاع الفنون باعتباره مؤسسها مثل سمبوزيوم أسوان للنحت وأيضا مركز الخزف بالفسطاط، كما يدور الحوار حول الحركة الفنية التشكيلية المصرية وعن العديد من الأزمات منها أزمة الحركة النقدية، وعدم وجود مشروع نقدى، عدم وجود الموسوعات الفنية ونقص توثيق الحركة الفنية وتأثير ذلك على الرسائل العلمية فى الكليات الفنية، وبدوره طال الحديث قصور الرؤية فى منظومة الإعلام وإلغاء المساحات المخصصة لصفحات الفن التشكيلى وغلق مساحة التواصل مع المسئولين والملتقى، وغيرها من القضايا المفصلية والمحورية.


■  بعض متاحفنا الفنية مغلقة منذ سنوات إما للترميم أو بعد تعرضها للسرقة، ما رأيك؟
ــ تحتاج المتاحف لصيانة مستمرة للحفاظ عليها، غلق المتاحف بعد حدوث سرقات هو قصور من جانب الإدارة، من المفترض أن يتم التحقيق عن المتسبب فى الإهمال الذى أدى إلى حدوث سرقات ويتم التوصل من خلال التحقيقات ويعلن عن سبب الخلل ومن المتسبب، وليغلق المتحف لمدة قصيرة وليكن 24 ساعة فقط لمراجعة الأنظمة الأمنية، لأن غلق المتحف بعد حدوث سرقة يتسبب فى رعب ليس له مبرر، ويؤثر الغلق على تسويق الفن التشكيلى سياحياً، أما إذا كان إغلاق المتحف للترميم فهذا أمر مختلف تماماً مثل متحف «الجزيرة» الذى تقدمنا عام 1991 بمشروع ترميمه لشركات وانهينا مرحلة السقف والمرحلة الإنشائية الداخلية وجهزنا المخازن على أعلى مستوى ولها مداخل خاصة ومؤمنة الكترونيا وتم تخزين الأعمال، وقاعتين للمحاضرات والسينما ومركز الترميم، لكن مشكلة المتحف نقص التمويل فهذا المتحف لم ينل الاهتمام الكافى لإنهاء تطويره، وكثيرا ما اجتمعت مع اللجنة الثقافية بمجلس الشعب ولكن لم يتم شيء، وطالبت سابقا كأعضاء بلجنة الفنون التشكيلية بالمجلس الأعلى للثقافة فى توصياتنا الانتهاء من تطوير المتاحف، مثل متحف محمود خليل وحرمه الذى أغلق بعد سرقة لوحة «زهرة الخشخاش» والجارى تطويره الآن.
أما التسويق لزيارة المتاحف فمسئولية الدولة، والدولة ليس لها رؤية متمثلة وزارة السياحية التى تمتلك قاعدة بيانات عن المتاحف المصرية مثلما تروج للآثار وزيارة الأهرام والأماكن الأثرية الإسلامية والقبطية وغيرهما.
■  أقيمت مؤخرا عروض متحفية فى قصر «عائشة فهمى» بالزمالك، فهل يمكن أن تكون هذه العروض بديلا عن المتاحف المغلقة كحل مؤقت؟
ـــ مجمع الفنون تمت إعادته وترميمه كما كان قبل استخدامه فى الفعاليات الفنية بوزارة الثقافة وأصبح قصراً حقيقى، أعيد كل جزء فيه بدقة كتحفة فنية نادرة، وأصبح يصلح لعروض متحفية ولكن ليس بديلا لمتاحف بل هو استكمال ونشاط جديد واستثمار للمكان وإخراج الأعمال من المخازن للمتلقى فكرة رائعة تستحق التقدير، الدور الأرضى بالقصر قاعاته مناسبة لعروض فنية متغيرة لكل الفنانين، واحضر لمعرضى المقبل بقصر عائشة فهمى.
 ■  البيناليات الفنية الدولية متوقفة منذ سنوات بسبب الميزانية على حد قول المسئولين، فما تعليقك؟
ــ أنا أيضا أتساءل لماذا تتوقف البيناليات الدولية وهى تحت رعاية رئاسة الجمهورية، أكثر ما يفسد الإدارة والمؤسسات فى مصر أن المسئول يأتى ويغير كل شيء ولا يلتف للفعاليات الناجحة خصوصا أذا كان نجاح هذه الفعالية حولها إلى ثوابت وجعلها مؤثرة فى الحركة الفنية، وتوقفها يعد تقصيرا وعدم احترام لثوابت الحركة التشكيلية.
 تأسيس بعض البيناليات تم منذ أكثر من 30 عاماً وأصبح لها أصداء دولية كبيرة ووضعت على خريطة كبرى المعارض الدولية لما حققته من نجاحات وجذب كبار الفنانين للمشاركة فيها، أثناء وجودى بالقطاع لم يكن لدى ميزانية مخصصة للبينالى ومع ذلك كنت أبحث عن تمويل من صندوق التنمية الثقافية التابع لوزارة الثقافة، وأقمنا بالفعل خمس دورات ناجحة لترينالى مصر الدولى لفن الجرافيك، وخمس دورات لبينالى الخزف وسبع دورات لبينالى القاهرة والإسكندرية كل عامين، عودة البينالى يحتاج جهود وحماس وإعادة ترتيب الميزانيات المتاحة، طالبت وأطالب كثيرا بإحياء هذه الأنشطة الدولية لما فيها من فائدة على المستوى الإبداعى والثقافى والسياحى ولتعظيم مكانة مصر وسط العالم.
■  كنت رئيسا للجنة الفنون التشكيلية بالمجلس الأعلى للثقافة.. حدثنا عن أهم ما قمتم به فى اللجنة؟
ــ طلبنا مقابلة وزير الثقافة السابق «حلمى النمم» ليجتمع بنا لكنه لم يحضر، وأرسلنا إلى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة بيان يجمع كل القضايا التى ناقشناها ولكن لم يبت فيها، لجنة الفنون التشكيلية الحالية مفروض أن ترجع إلى ما تركناه من توصيات وتكمل ما بدأنا، وهى ليست توصيات بل هى قضايا ومشروعات مؤجلة تتطلب حلول سريعة واهتمام.
على سبيل المثال ذكرت فى البيان المشروعات الفنية والأنشطة التى أسسها قطاع الفنون التشكيلية والقطاع صاحب فكرة إنشائها ومع ذلك تم نقلها لصندوق التنمية الثقافية بدون مبرر، وتقتضى الأمانة التاريخية احترام صاحب فكرة كل مشروع مثل (سمبوزيوم أسوان الدولى للنحت – الخزف بالفسطاط – مركز الحرف التقليدية).
سمبوزيوم أسوان الدولى للنحت تأسس منذ 22عاماً من خلال قطاع الفنون التشكيلية وقد أقام القطاع الدورتين الأولى والثانية وتولى مهام الإشراف على الدورتين المثال «آدم حنين»، ومنذ الدورة الثالثة نقل تبعيته إلى صندوق التنمية الثقافية بحجة أن الصندوق يمتلك ميزانية تسمح له بالإنفاق وبفحص الاسطوانات المدمجة تبين تجاهلى كصاحب فكرة هذا الملتقى وتجاهل قطاع الفنون التشكيلية الذى أقام دورتين وهذا تزوير للتاريخ! كما تجاهل الصندوق مشاركة مقرر لجنة الفنون التشكيلية كعضو باللجنة العليا للملتقى، المطلوب إعادة تبعية الملتقى لقطاع الفنون التشكيلية باعتباره صاحب الفكرة والمؤسس لها.
مركز الخزف بالفسطاط هذا المركز من الإدارات الأساسية المكونة لقطاع الفنون التشكيلية منذ نشأته وتم نقله لصندوق التنمية الثقافية وهذا إخلال بالنظم والقوانين التى انشأ عليها قطاع الفنون التشكيلية، المطلوب إعادة تبعية المركز إلى قطاع الفنون التشكيلية.
مركز الحرف التقليدية بالفسطاط هو أيضا تم إنشاؤه بقطاع الفنون التشكيلية وتم نقله للصندوق دون مشاورات وكلها قرارات فوقية، وهذا تقليص واضح لكيان متخصص تابع للوزارة وهو قطاع الفنون التشكيلية.
■  كيف تقيم حال الحركة الفنية التشكيلية المصرية حاليا؟
ـــ الحركة الفنية تعيش حالة «ارتباك وتوتر» والارتباك يسبب عدم وضوح رؤية، فى جيل ما بين أعمار الأربعينيات والخمسينيات من النحاتين أكثر تألقا وإبداعا من فنانى التصوير، على مدى الخمس عشر سنوات الأخيرة ظهرت حركة نحتية قوية ومسيرة النحت المصرى مبشرة، فى التصوير بشكل عام الفنانين بعضهم يبدع فناً ويطور نفسه ويفاجئ المتلقى بالتحديث، وبعضهم أعمالهم بها «اجترار» لأفكار السابقة ويعيد تكرار نفسه، لا جديد، وليس لدى كل الفنانين قدرة على التجديد بحسب قدراته، الجديد يأتى من وجود رؤية وفلسفة جديدة تطرح ويقدم فيها خبراته السابقة ويضيف عليها، الجديد لا يخلق من فراغ بل من خبرات وتجارب وتجريب مستمر فى الخامة فى التقنية فى الموضوع فى المعالجة فى الصياغة.
■  نفتقد للحركة النقدية، هل توافق على هذا الرأي؟
ـــ نعم، مؤكد نفتقد الحركة النقدية ونعانى من عدم وجود مشروع نقدى، والفنان يحتاج وجود الناقد ليقيم ويتأمل ويحلل أعماله ويكشف عن القيم الجمالية والفنية مثلما تعودنا من كبار النقاد قديماً، الحركة النقدية لها أهمية كبيرة دور فى مسيرة تقدم الفنان وتطور مشروعة الفنى.
عدم وجود نقد ومتابعة للفنان فى معارضه يؤدى إلى انهيار العملية الفنية وينهار التأريخ ويسبب أن فترة من الزمن وحقبة كاملة تسقط بدون التوثيق، بعد 17 عاما من كاتبتى لمقالات فى جريدة الأخبار بشكل منتظم يوم الأحد حول الفنانين وقضايا الفن ومخاطبة القيادات من الوزارات الأخرى وعلاقة هذه الوزارات بالثقافة والفنون والإعلام وكانت منفذ لوصول صوت التشكيليين وقضاياهم تم غلق المساحة، وهذا قصور رؤية فى منظومة الإعلام أن يتم إلغاء المساحات المخصصة للفن التشكيلى وغلق مساحة التواصل مع المسئولين والملتقى، وأنا أتحدى أن يكون قد حدث مثل هذا الأمر فى تاريخ جريدة عريقة مثل جريدة الأخبار، ففى الأخبار كان يكتب «حسين بيكار» ويطرح قضايا تهم الشباب والوطن والفن، وأيضا الفضائيات والإعلام المرئى لا يوجد برنامج مخصص لفن التشكيلي، ففى الستينيات كانت تقدم الإعلامية «شيرويت شافعى» برنامج «الفن والحياة» وكنا نتابعه وننتظر الناقد «مختار العطار» وهو يحلل ويقرأ اللوحات ينقدها، وسماع ناقد فنى ينتقد عملا فنياً أمرا رائعا وجادا نفتقده، التهميش والتجاهل الإعلامى للفن التشكيلى جريمة قومية واضحة المعالم.
 ■  من يكتب تاريخ الفن وهل لدينا موسوعة للفن التشكيلي؟
ـــ منذ أكثر من عشرة أعوام تمت الموافقة على إصدار موسوعة عن الفن المصرى منذ نشأته «بداية القرن العشرين»، ومع الأسف لم يتم المشروع لكثرة تغير المسئولين والوزراء وعدم الالتزام بثوابت المشروعات السابقة التى تمت الموافقة عليها، ومن المؤلم أن الجامعة الأمريكية أصدرت عدة كتب عن «الفن المصرى الحديث» ووزارة الثقافة لم تصدر كتاباً شاملاُ عن الحركة الفنية.
وطالبت من خلال وجودى كرئيس لجنة الفنون التشكيلية بإحياء المشروع وكتابنا دراسة متكاملة وطالبنا بتحديد ميزانية لمصور فوتوغرافى محترف وليتفرغ عدد من النقاد لإعداد المادة العلمية وحددنا الفنانين لتطبع أجزاء الموسوعة، لكن مهما قدمنا من مشروعات نجد تجاهلا كاملا لكل متطلبات الفن التشكيلى من قبل الدولة والوزارة، وعدم وجود الموسوعات الفنية أثر عن الرسائل العلمية فى الكليات الفنية فهى مقتصرة على الكتب والاجتهادات الفردية المتوفرة التى قتلت بحثاُ وحددت أسماء معينة وطلاب الكليات لا يعرفون تاريخ فنانين مصرين لهم قيمتهم، وحين يستخدم الطالب مواقع البحث الالكترونى سيجد مغالطات ومتناقضات بين المواقع تضيع بينها المعلومة الصحيحة.
■  هل توجد جهات أخرى يمكن أن تدعم مشروع موسوعة الفن التشكيلى؟
ـــ دور النشر الخاصة يمكنها أن نفذ هذا المشروع ولديها تسويق وعروض بمعارض الكتاب بالعالم العربى، ولكن لابد أن تتحمس لمشروع التوثيق وتدرك أهميته، نحن نفتقد التوثيق التاريخى فى كل المجالات فى مصر وينقصنا بنك المعلومات المعرفية.
 وأيضا مؤسسات وزارة الثقافة مثل هيئة الكتاب وقصور الثقافة والمجلس الأعلى للثقافة كلها جهات معينة بالنشر ولديها مطبوعات وميزانيات وتسويق، الأمر يحتاج إلى قرار من مسئول يدرك قيمة الفن التشكيلى بتخصيص ميزانية لتوثيق الفن المصرى المعاصر مشروع قومى ويتم ترجمة الإصدارات، نحن نفتقد الترجمات عن الفنانين المصريين، وأيضا باقى الفنون ليس لها موسوعات السينما الفنون الشعبية الموسيقى، من العيب ان مصر تستورد كتب عن الآثار من دول أوربية، متاحف العالم لا يوجد بها موسوعة عن الفن المصرى،  نحن فى حاجة ماسه لقرار سيادى بتشكيل لجنة قومية على مستوى مجالات الفنون وبها لجان فرعية لتوثيق تاريخ الفنون بشكل عام بمصر كلها.
■  انتشرت فى السنوات الأخيرة ملتقيات خاصة يديرها أفراد واختيار فنانين لتمثيل مصر، فما رأيك؟
ـــ لست ضد الملتقيات الخاصة وأتمنى أن يكون فى كل محافظة ومدينة بمصر فعاليات فنية كأنشطة لرواج الفنون التشكيلية، ولكن يزعجنى الفعاليات التى يدعون فيها تمثيل مصر بالخارج وهو أمر خطير لأن من يديرها أفراد وليس جهات رسمية مؤسسية، لابد من التأكد من الجهة الممولة وكم من جمعيات خاصة اتسمت بالشق السياسى بعد ثورة 25 يناير وأغلقت بسبب مصادر التمويل، وأيضا الجهات الرقابية فى الدولة من حقها متابعة أنشطة هذه الجمعيات أو الأفراد، ولابد من معرفته من يدير هذه الفعاليات حتى لا تتحول الملتقيات إلى «تجارة» يستفيد منها شخص واحد.
 أما الشق الفنى فنحن نتساءل أين تذهب الأعمال، ومن يختار الفنانين؟.. فأثناء وجودى كرئيس للجنة الفنون التشكيلية بالمجلس الأعلى أصدرنا أكثر من بيان وكذلك فعلت نقابة الفنون التشكيلية وهى الجهة المسئولة عن ممارسة المهنة وعن إصدار تصاريح العمل، وعلمت مؤخراً أن بعض الأفراد قاموا بعمل إجراءات قانونية لاستمرار فعالياتهم بشكل رسمى وهذا أمر إيجابي.
■  ما رأيك فى نظام التفرع بوزارة الثقافة بوضعه الحالى؟
ـــ تحولت منح التفرغ التى تمنحها وزارة الثقافة إلى ما يسمى بالمساعدات الاجتماعية، افتقدت منح التفرغ الهيبة والقيمة والرقى كما كانت فى الماضى، كانت منحة التفرغ شهادة ووسام لمن حصل عليها، ولابد من إعادة النظر فى اللائحة المنظمة للمنح، ووضع آليات ومعاير دقيقة للاختيار حتى ترتقى ونعظم من كيانها وأهدافها.