الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

وليد عونى: ليس لدىَّ مانع فى رقص المحجبة بشرط أن تكون محترفة!

وليد عونى: ليس لدىَّ مانع فى رقص المحجبة بشرط أن تكون محترفة!
وليد عونى: ليس لدىَّ مانع فى رقص المحجبة بشرط أن تكون محترفة!




على مدار 25 عاما اهتم الفنان والكروجراف وليد عونى بتأسيس فلسفة لفن الرقص المسرحى الحديث، فلم يقتصر اهتمامه على مجرد صناعة اجساد راقصة؛ بينما اهتم بخلق اجساد ناطقة بأفكار ومعان وفلسفة تخص هذا النوع من الفن الذى لم يكن مألوفا بمصر فى تسعينيات القرن الماضي؛ وبالتالى بذل عونى جهدا كبيرا حتى يتقبله الجمهور لا سيما النقاد والمثقفين منهم، واجه عونى فى بدايته الأولى مع نشأة هذا الفريق عام 1990 عاصفة من الهجوم والانتقاد وطالبه كثيرون بالعودة إلى بلده «لبنان» .. «وليد عونى go home» هذه الثورة الكبيرة صدمته فى البداية لكنها زادته إصرارا على البقاء والمثابرة وإقناع المصريين بهذه الحركة الفنية الحديثة بأوروبا والعالم الغربى ثم انطلق مؤسسا ومرسخا لفن الرقص المسرحى الحديث بدار الأوبرا المصرية.

قدم عونى مع فريقه عروضا حفرت فى تاريخ الفن الحديث بدار الأوبرا مثل «الأفيال تختبىء لتموت»، «سقوط إيكاروس»، «شهرازاد»، محمود مختار»، «شادى عبد السلام» «ثلاثية نجيىب محفوظ»، «أبوالهول»، «سترة النجاة تحت المقعد»، «أسرار سمرقند»، «كلارا والرمال المتحركة»، «بين الغسق والفجر»، «قاسم أمين»، وغيرها الكثير، بينما كانت الصدمة الكبرى والتى أثارت استياء عونى ومحبيه تجاهل ذكر فرقة الرقص المسرحى الحديث أو اعتمادها ضمن فرق الأوبرا فى احتفال دار الأوبرا بمرور 30 عاما على ميلادها حيث حضرت كل فرق الأوبرا وقدمت مقتطفات من أعمالها فى تتابع فنى مستمر على اختلافها وتنوعها بينما تم تجاهل الرقص الحديث عن قصد أو غير قصد ولم يذكر أو يشار إليه من قريب أو بعيد.

 عونى بين العودة والاستقالة

ترك عونى الفريق منذ عام 2011 بعد اندلاع ثورة 25 يناير بسبب خلافات مع بعض اعضائه، تقدم وقتها باستقالته وتولت إدراة الفريق من بعده الدكتورة لمياء محمد ثم تلاها مباشرة المخرج والمصمم مناضل عنتر بالطبع خلال هذه الفترة ما بين اندلاع الثورة وتغير مديرى الفريق مر الرقص الحديث بحالة من الترهل والهزة الفنية العنيفة لكن مناضل قبل التحدى والمثابرة واستطاع إعادة فريقه للحياة من جديد وقدم معهم عددا لا بأس به من الأعمال الفنية الناجحة والتى حظيت بجماهيرية كبيرة خلال الفترة الماضية مثل «اعمق مما يبدو على السطح»، «غير المتوقع يحدث احيانا»، «عشم إبليس»، «مولانا وحلم البصاصين»، ثم «الفيل الأزرق» الذى نجح نجاحا منقطع النظير، وأخيرا «قلعة آلموت»، وبعد هذا العمل حدث خلاف بين مناضل وبعض اعضاء فريقه مما دفعه للتقدم بإستقالته والإكتفاء بالعمل كمخرج ومصمم فنى فقط..بعد استقالة مناضل اصبح الفريق فى حرج شديد ولم تجد الأوبرا افضل من الاستعانة بعونى من جديد خاصة أن هذا الرجل خرج من الفريق ومن دار الأوبرا بشكل لا يليق بتاريخه الفنى الكبير وبين غيابه سبع سنوات وعودته الأخيره لبيته فرقة الرقص المسرحى الحديث لم يتوقف عونى عن نقل خبراته والعمل مع عشقه الأول والأخير.. « لم اتوقف عن العمل مع الفريق طوال فترة غيابى صحيح تقدمت باستقالتى لكننى اشتغلت عدة مرات قدمت عروض «محمود مختار»، «قاسم أمين»، واحتفلنا مؤخرا بمرور 25 عاما على تأسيس الرقص الحديث بإعادة «سقوط ايكاروس»، ففى كل مرة كنت اذهب وأعود للأوبرا»

تشتت كيان الفريق

تعددت الاتجاهات والرؤى الفنية للفريق خلال هذه السنوات السبع التى لم ير عونى عيبا فيها لكنه لايزال مصرا على تقديم الرقص المعاصر كفكر وفلسفة فنية تنعكس على اجساد الراقصين.. «قدم الفريق اعمال مهمة خلال هذه السنوات  لكن أغلبها ذهب على اتجاهات متعددة لأنه اصبح هناك مخرجين متعددى الرؤى وليس هناك مانع فى ذلك لأنه بطبيعة الحال من بعد 2011 كل شيء تغير والمضمون تغير وهذا واضح حتى بمصر، لكننى فى هذه العودة للأسف وجدت نوعا من التشتت بكيان الفرقة، وكذلك بفريق فرسان الشرق حدث خلل واضح ولم يكن هذا الخلل فنيا بقدر ما هو انسانيا، فهناك حالة من عدم الاكتراث فيما بينهم بالتضامن معا ليس هناك روح الانتماء للمكان ولفرقة الرقص الحديث كما كانت من قبل»

إعادة الحب والانتماء

يرى وليد عونى أن كل شيء تغير وفى ظل هذا التغير ليس من السهل إعادة روح الحى والانتماء للفريق من جديد ..  طالما كل شيء فى تغير مستمر لا يمكن إعادة الكيان كما كان سابقا، لكن من الممكن إعادته بالعصر الذى اصبحنا نعيش فيه فنحن نحتاج استراتيجية جديدة وهيكلية جديدة لاستيعاب قيمة الرقص المعاصر وقيمة المصمم الفني، وليست القيم الفنية هى اهم شيء التى نراها على المسرح ويصفق لها الجمهور، بينما هناك القيمة التى تضعنا على سلم العالمية، لذلك أعمل حاليا على إعادة هذا الكيان الفنى والهيكل الإدارى لفريق الرقص الحديث.

بناء لغة الجسد

ويستكمل عونى خطته الجديدة التى وضعها لهيكلة الفريق «أولا لابد من الالتزام بالحصص، بمعنى أن تكون هناك حصص كثيرة قوية دون الارتباط بعرض محدد، إعادة التعريف بهوية الرقص الحديث المصري، وهو ضرورة أن تكون هناك لغة حركية لأننا للأسف اصبحنا نعتمد اكثر على المشهدية، العروض جيدة لكنها تتجه نحو القصصية أكثر، من المهم بناء لغة جسدية التى كنا معروفين بها فى الخارج لست ضد ما قدمته سالى ومناضل، لكن من المهم أن تكون هناك رؤية وطرق جديدة لتناول أعمال الرقص المعاصر، لابد أن نذهب للتحديث، كى نرى مصر الحديثة، وعلى سبيل المثال طلبت من أحدهم أن يقدم لى فكرة عرض مع ستة اشخاص بلا ديكور أو ملابس أو قصة نهائية يعتمد على الإضاءة فقط، لأننى أريد أن أعلم كيف سيتعامل مع الجسد على خشبة المسرح، هذه هى الهيكلية الجديدة دراسة الجسد نخترع حركات تخصنا حتى ينبهر بنا الغرب، فمناضل على سبيل المثال التزم بمدرستى إلى حد كبير لكن فريق فرسان الشرق خرج عن سياق ما اسس من أجله تماما»

أزمة فرسان الشرق

الفرسان..» بعد أول زيارة لفرقة نيران الأناضول التركية كلفتنى الدولة بتأسيس فريق مماثل لهذا الفريق فى مصر فطلبت عام كامل حتى أعد فريق يتخصص فى تقديم أعمال التراث بالرقص وقدمنا بالفعل عرض «الشارع الأعظم» قدمت خلال هذا العمل مفردات حركية جديدة وكنت ادرس خمس أو 3 عروض حتى اخرج بنوعية أوشكل محدد للفريق، وبالطبع كان يتطلب الأمر منى إعدادا كبير لأن فريق مثل نيران الأناضول لم يكن عظميا من عرضه الأول بل هذا الفريق استعد واشتغل سنوات طوال حتى يصل إلى هذه الدرجة من الإجادة والإتقان الفنى وهكذا فريق كاركالا بلبنان، كنت أخطط للعمل على صيغة جسدية ومنطق جديد لفرسان الشرق للتراث وسيمتها «للتراث» فقط لكنهم من بعدى اضافوا كلمة «المعاصر» وهما اسمان متناقضان لا يمكن الجمع بينهما على الإطلاق».

ضخ دماء جديدة

فبعد عودته قرر عونى ضخ دماء جديدة للفريق لأنه على حد قوله اصبح عدد كبير من الراقصين غير ملتزم مهنيا برغم وصولهم جميعا إلى مستوى عال من الإجادة الفنية والحرفة العالية إلا أن هذا ليس له قيمة مع عدم الإلتزام.. «هناك راقصون جيدون بالفريق لكن معظمهم غير ملتزم اعتمدوا واستقروا لفكرة أنهم محترفون وبالتالى اصبح لا يهمنى مستوى الشهادات والتعليم بقدر ما يهمنى وبقوة الالتزام والاحترام ثم الاحتراف لذلك وجدت أنه من المهم الاستعانة بعناصر جديدة من المحترفين وليس من الهواة لأننى ليس لدىَّ وقت كى اضيعه مع راقصين جدد وسأكون صارما مع الجميع خلال الفترة المقبلة، للأسف أصبح لا يتقدم الكثير من الفتيات للالتحاق بفرق الرقص سواء بالباليه أو الرقص المعاصر وأظن أن هذه المشكلة لها ابعاد اجتماعية ودينية واقتصادية، الشباب المحترفون بفن الباليه كثيرون بينما الفتيات عددهن ضئيل للغاية إما بسبب منظور دينى أو أخلاقى وليس لدىَّ مانع ان تكون هناك راقصة محجبة بشرط أن تكون محترفة والبعد الآخر اقتصادى البعض يرى أن احترافه بالسوق فى الخارج أفضل كثيرا على المستوى المادى من الراتب الحكومى بدار الأوبرا وهذه أزمة كبيرة..!»

«الخادمتان».. و«زها حديد»

يستعد فريق الرقص المسرحى الحديث لتقديم أكثر من عمل فنى خلال الفترة المقبلة منها عروض «رسائل..عن أرض الخوف» تصميم وإخراج مناضل عنتر على خشبة مسرح اوبرا الإسكندرية «سيد درويش»، ثم «الخادمتان» لجان جنييه تصميم وإخراج سالى أحمد، وأخيرا يستعد عونى خلال شهر مارس لتقديم أحدث إنتاج له مع الفريق عن المهندسة المعمارية «زها حديد»..» وسيسافر فرنسا لأنه إنتاج مصرى فرنسى كى نشارك به فى اكبر مهرجان دولى بفرنسا «إكس أون بروفونس» مع الفرقة العالمية «بريل جوكاج»، وسوف نشارك بورشة عمل مع الفريق لمدة 10 ايام يوميا، العرض سيقدم 7 و8 مارس على المسرح الكبير بدار الأوبرا، وفى فرنسا 28 و29 من نفس الشهر وصل الديكور حاليا من بليجكا، وأعتقد أنه ديكور مميز للغاية».