السبت 12 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

شريف عبدالمجيد: أكتب بروح الهواية

شريف عبدالمجيد: أكتب بروح الهواية
شريف عبدالمجيد: أكتب بروح الهواية




 عبر ست مجموعات قصصية أسس الكاتب شريف عبد المجيد مشروعه الأدبى منحازًا للقصة القصيرة بصورة كاملة ومحاولًا تضمين جميع الأشكال الأدبية بداخلها، فبعض القصص لا تخلو من روح روائية، وقصص أخرى تبدو أقرب للسيناريو، وأصداء عالم المسرح تظهر فى قصص أخرى.
فى مجموعته القصصية الجديدة «صولو الخليفة» الصادرة عن بدائل للنشر بالقاهرة، يعتمد شريف فى عالمه القصصى على بناء يشبه السيناريو ينطلق فيه من عنوان رئيسى إلى مجموعة من القصص الفرعية، موظفًا العديد من التقنيات السينمائية فى الكتابة مثل القطع والفلاش باك والمشهدية، يطرح شريف عبر قصصه العديد من الأسئلة التى تشبك من المتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، محاولًا تجاوز الصورة المعتادة للأشياء والبحث داخل تفاصليها الصغيرة.
تنقسم المجموعة إلى قسمين، الأول بعنوان «صولو الخليفة» وتدور قصصه الـ 10 حول الناس فى شارع الخليفة وأحوالهم وطبيعة الحياة والمتناقضات التى يعيشها سكان الشارع والتغيرات الكبيرة التى حدثت فى الثلاثة عقود الماضية وذلك من وجهة نظر القاص الذى يحكى عن طفولته بعد مرور سنوات طويلة، بينما يأتى القسم الثانى بعنوان قبل وبعد ويشمل 8 قصص وتدور حول العولمة واثرها على المجتمع والأجيال الجديدة.. حول تجربته مع «صولو الخليفة» ورحلته مع عالم القصة القصيرة والفوتوغرافيا دار معه هذا الحوار.

■ التقنيات السينمائية حاضرة بقوة داخل قصص المجموعة من مونتاج وفلاش باك ومشهدية كيف ترى العلاقة بين الأدب والسينما؟
أرى أن هناك علاقة وطيدة بين الأدب والسينما لأن عناصر الدراما فى الاثنين واحدة من شخصيات وأحداث وحبكة وصراع وهناك تراسل بين الفنون حيث تستفيد كلها من منجزات وتقنيات بعضها البعض وفى المجموعة كان حس المشهد جزءا من تكوين العمل وطريقة كتابته كما سنجد فى كتاب فن كتابة المسرحية على سبيل المثال وبه تقنيات كتابة المسرح نجد أن المؤلف يقول أن هذه القواعد صالحة لكل الفنون والكتاب نفسه جزء من دراسة فن السيناريو فى المعاهد المتخصصة لدراسة فن السيناريو.
■ المجموعة تبدو كممتالية قصصية حيث كل قصة منفصلة ومتصلة بالقصص الأخرى فى آن واحد لماذا اخترت هذا الأسلوب؟
أعتقد أن الأمر لا يخضع لفكرة التخطيط المسبق ولكن بعد كتابة أكثر من قصة تشكلت فكرة العالم الواحد الذى يجمع البيئة والمحيط النفسى والمكانى والاجتماعى للشخصيات وأحببت الفكرة وعملت عليها فى الكتابة الأخيرة وعند ترتيب قصص لمجموعة لدرجة أن بعض الشخصيات ظهرت فى قصص أخرى بعد نهاية ظهورها فى قصص سابقة مما جعل الأمر يبدو فى نسق بناء رأسى ويؤكد وحدة العالم فى قصص الجزء الأول بينما لم التزم بذلك فى قصص الجزء الثانى (قبل وبعد) رغم وجود وشائج تربطها بعالم الجزء الأول
■ رغم الحضور الطاغى لرواية فى العقدين الماضيين إلا أن القصة القصيرة عادت بقوة فى السنوات الأخيرة كيف ترى هذه العودة؟
أعتقد أنها شئ طبيعي فى ضوء عودة الاهتمام بالقصة القصيرة عربيا وعالميا فبعد فوز الكاتبة أليس مونرو بجائزة نوبل وهى قاصة ثم إعلان جوائز عربية مهمة لفن القصة القصيرة مثل جائزة الملتقى وجائزة الطيب صالح ربما كانت كل هذه العوامل مجتمعة معا جعلت هناك كتاب هجروا فن القصة القصيرة يعودون إليها وهو عود حميد وطيب والفائز فى جميع الأحوال هو فن القصة القصيرة والقارئ.
■ بعض القصص تبدو أقرب ما تكون لبورتريهات صحفية مثل قصة « عزف منفرد» و«سماعي» و«ارتجال» لماذا اخترت هذا الأسلوب؟
أعتقد أن فن البورتريه الصحفى هو الذى استفاد من فن القصة القصيرة وليس العكس وفى كتاب الحائزة على نوبل سفيتلانا أليكسييقيتش صلاة تشرنوبل ترجمة للصديق أحمد صلاح الدين سنكتشف أن الكتاب هو بورتريهات قصصية من الواقع بل إن جل إبداعها عبارة عن بورتريهات قصصية ومن هنا فالفكرة نفسها جلعتنى لست ضد تضمين فن القصة لأى شكل أدبى.
 ■ هناك اهتمام بالتأريخ لشارع الخليفة ومنطقة مصر القديمة برأيك إلى أى مدى يمكن للأدب أن يكون ذاكرة وتاريخ بديل عن تاريخ الرسمى الذى يركز على الأحداث الكبرى؟
أعتقد أن هذا أحد الأدوار المهمة للأدب فمن منا يستطيع الحديث عن حى إمبابة دون ان نذكر الكاتب الكبير إبراهيم أصلان أو النوبة دون ذكر محمد خليل قاسم فى الشمندورة أو الجمالية والعباسية دون ذكر نجيب محفوظ المهم ألا يكتفى الكاتب بهذا الدور وحده بل يكون فى سياق تجربة أدبية تخصه.
■ ذكريات الطفولة حاضرة بقوة داخل قصص المجموعة برأيك إلى اى مدى نحن أسرى طفولتنا وذاكرتنا الأولى؟
بالطبع ذكريات الطفولة حاضرة فى المجموعة، وتتناول فكرة ما الذى يتبقى من ذاكرتنا وهل له وجود حقيقى أم هى مجرد صورة باهتة غير حقيقية فضلنا أن نحتفظ بها لنقع أسرى لها ففى قصة لعشرة جنيهات يكتشف الرواى عندما يقابل أصدقاء الطفولة أن كل ما يحتفظ به فى ذاكرته غير حقيقى وشككوا فى روايته بما يعنى أننا نخلق أوهاما مختلطة ببعض الحقائق لنبرر ربما فشل الحاضر وصعوبة المستقبل.
■ معظم القصص تبدو قائمة على أحداث حقيقة وواقعية وشخصية كيف ترى المسافة بين الذاتى والمتخيل فى الكتابة الأدبية؟
القصص ليست مبنية على وقائع حقيقية ولكنها تشبه الواقع فى الحارات المصرية الشعبية بصفة عامة وبالتالى كانت مساحة التخيل كبيرة الأصح أن الواقع كان المادة الأولية التى تشكل منها عالم المجموعة كما فى السينما فأنت تصور ساعات كثيرة تخضعها للمونتاج ولرؤية المخرج لترى النسخة النهائية من الفيلم وهو يشبه ما حدث فى المجموعة.
■ كثير من كتاب القصة انتلقوا لعالم الرواية والعكس أيضًا لكنك مكتف بكتابة القصص القصيرة وحتى الآن صدر لك ست مجموعات قصصية ما سر هذا الشغف بالقصة القصيرة؟
صدقنى لاأعرف السبب فى ذلك ولكنى أحيلك هنا لكتاب بورخس سيرة ذاتية الذى صدر عن دار ميريت منذ عدة سنوات وسنجد أنه يقول نصا (فى حياة مكرسة للأدب قرأت روايات قليلة للغاية وفى اغلب الحالات وصلت للصفحة الأخيرة بدافع الواجب فقط) فتخيل بورخس لم يقرأ سوى روايات قليلة وكان مكرسا نفسه لقراءة القصص القصيرة خاصة ألف ليلة وليلة التى قرأها كثيرا فأنا على الأقل أقرأ الروايات ولهذا ليس على أن أكتبها أيضا.
■ فى السنوات الأخيرة تضاعف عدد دور النشر وكذلك المسابقات الأدبية وظهر عشرات من الكتاب الجدد برأيك كيف انعكس هذا على المشهد الأدبي؟
أعتقد أن هذا شيء جميل جدا ولاحظ أننا تخطينا التسعين مليونا أو المائة مليون فلو أن مصر بها عشرين الف كاتب مثلا فذلك يعد طبيعيا ومع الوقت سيبقى فى مشوار الكتابة من لدية موهبة حقيقية فالكتابة بنت التراكم والدأب والاجتهاد وقبلهم بالطبع الموهبة التى تعد منحة ربانية يجب العمل عليها طوال الوقت بصدق وإخلاص.
■ تعمل معدا بالتلفزيون المصرى وتعمل أيضًا بمجال التصوير الفوتوغرافى بالإضافة لكتابتك الأدبية والصحفية كيف ترى هذه العوالم المتنوعة وما الذى وجدت فى كل منها ولم تجده فى الآخر؟
أعمل بروح الهواية فأنا متذوق للفنون وأعشق العمل بها فى أى شكل وكنت أتمنى أن أتعلم الموسيقى ولكننى فشلت ولم أجد وقتا ولهذا فأنا استمتع بالتصوير وأعشقه كفن مميز يعبر عن روح العصر الذى نعيشه وكذلك القصة القصيرة وفى مجال الإعداد لا أعد سوى برامج الثقافة والفن ومنها برامج صارت علامات فى تاريخ الإعداد التلفزيونى مثل عصير الكتب مثلا الذى شرفت بالعمل فيه مع مجموعة متميزة من الكتاب والمعدين وكان تقديم الكاتب بلال فضل كما عملت مجموعة من الأفلام التسجيلية المهمة التى حصلت على جوائز مثل فيلم حيطان الذى حصل على جائزة أفضل فيلم تسجيلى طويل من المهرجان القومى للسينما عام 2015.
■ فى ظل ما نعيشه من حضور طاغ للصورة فى عالمنا المعاصر كيف انعكس ذلك على جماليات الفوتوغرافيا وكذلك كيف ترى مستقبل الكتابة والأدب فى ظل هذه التطور التكنولوجى الهائل؟
هناك تراسل بين الفنون البصرية صارت جزءا من الثقافة الراهنة ، وبلا شك فان الحضور الطاغى للصورة جعل الفنون الأخرى تأثرت بالعناصر البصرية والمشهدية والأدب سيكون مؤثرا فى الأشكال السردية المواكبة لتطور الفنون البصرية فى أشكال السيناريو أو النص المسرحي، وكذلك فى تأسيس الفكر النقدى للفنون البصرية هناك بالعقل استفادة من لغة المدونات وتويتر فى طريقة الحوار والسرد الأدبى، لهذا ربما نشهد أشكالا جديدة للنص الأدبى مستفيدة من كل هذه المنجزات فى مجال تطور الفنون البصرية.
■ ما عملك المقبل؟
ليس هناك مشروع حالى أعمل عليه ربما تكون هدنة قصيرة بعد صدور المجموعة الجديدة.