كامل الكيلانى.. «الحكواتى» أول مؤسس لمكتبة الأطفال فى مصر
كتبت- مروة مظلوم
تسألنى يا سيدى من أنا؟ أنا أنا.. كلا.. بل أنا لست إياى! أنا أصبحت شخصا سواى! و سواء أكان ذلك كذلك، أو كان هناك أمر غير ذلك، فأنا أجهل الناس بجواب سؤالك!..نادرون هم من يقرءون الغد فى عيون الأطفال فيحلمون به ببراءتهم ويرسمونه على أوراقهم ويلونونه بكلمات بعضها خيال وبعضها حكمة وبعضها أخلاق ..وبعيداً عن أساطير الأجداد المروعة يبحرون بسفن الخيال فى عالم الأطفال فيتقدمون بحذر ليكون لهم أعظم الأثر.. هكذا كان هو الحال مع رائد أدب الأطفال.. كامل الكيلانى الذى تحل ذكرى رحيله الستين.
نوادر جحا، مغامرات السندباد البحرى، الملك العجيب، شهرزاد وشهريار، مصباح علاء الدين، وغيرها من الأعمال الأدبية الخالدة تربت أجيال وأجيال من أبناء الثقافة العربية وشكلت خيالهم القصصى بمكتبة تراثية عربية خالصة ..فقبل أن يطل علينا «بابا شارو» ،و»أبلة فضيلة».. أطل علينا عبر الأثير «عمو كامل»
شهد حى القلعة فى 20 أكتوبر1897 ميلاد كامل الكيلانى؛ والذى نشأ فى فترة غلب على حكاياتها الأساطير والفن القصصى، فانجذب لقراءة الشعر، واستطاع أن يحفظ أكثر من 20 ألف قصيدة لصفوة الشعراء العرب، بعد أن حفظ القرآن الكريم كاملًا بالكُتٌاب، ثم التحق بجامعة فؤاد الأول بعد حصوله على البكالوريا «الثانوية العامة حاليا»، حيث عزم على دراسة الأدب فحصل على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وكان أثناء دراسته بالجامعة قد قرر الالتحاق بمدرسة دانتى لدراسة الأدب الإيطالى فى الوقت نفسه.
عمل فى ميادين عديدة منها التدريس والترجمة، ثم استقر فى العمل موظفًا بوزارة الأوقاف، حيث كان يتولى التصحيح اللغوى، وتدرج فى المناصب إلى أن شغل منصب سكرتير المجلس الأعلى للأوقاف فى عام 1954، كذلك عمل أيضًا فى مجال الصحافة والأدب، ثم رئيسا لتحرير مجلة «الرجاء» والتى تأسست عام 1922، ثم أصبح سكرتير مجمع الأدب العربى فى الفترة بين 1922 إلى 1932.
حكواتى عبر الأثير
انطلاقة الكيلانى الحقيقية مع فن «أدب الأطفال» حيث حقق الفكرة التى آمن بها طويلًا وهى إنشاء مكتبة الأطفال، وكان يرى أن حوار قصص الأطفال يجب أن يكون بالفصحى واستخدم مصادر قصصه من الأساطير والأدب العالمى والأدب الشعبى، كما كان حريصًا على الجانب الأخلاقى فى كتابته للأطفال وهو يُعد أول من خاطب الأطفال عبر الأثير «الراديو» وأول مؤسس لمكتبة الأطفال فى مصر، وله عدة روائع منها الملك النجار، جحا، الأسد الطائر، الفيل البيض.
الرواية العصرية للتراث العربى
رأى الكيلانى أن تراثنا العربى غنى بالقصص التى تشكل جزا كبيراً من ثقافتنا وتاريخنا ،لذلك عمل الكيلانى على إحياء التراث العربى وإعادة صياغته بصورة سهلة ومبسطة يمكن لعقل الطفل أن يفهم محتواها، كما أن من أهم العوامل المميزة لأدب كامل كيلانى هو أنه ساهم فى الارتقاء بالجوانب الأخلاقية لدى الطفل ولكن بصورة غير مباشرة، أى دون أن يستخدم أسلوبا خطابيا مباشرا أو أن يتقمص دور الواعظ كما كان للكيلانى إسهامات فى مجالات أخرى غير أدب الأطفال، حيث ترجم، وكتب فى أدب الرحلات، والتاريخ منها «ملوك الطوائف» و»نظرة فى تاريخ الإسلام»، وأصدر كتابَ «نظرات فى التاريخ الأندلسى»، كما ترجم العديد من القصص المكتوبة بالإنجليزية إلى اللغة العربية ووضعها فى كتاب سميَّ «روائع قصص الغرب» و»مختار القصص»، كما تعاون مع المستشرق جيرالد براكنبرى فى ترجمة رسالة الغفران للمعرى إلى اللغة الإنجليزية.
مترجمات الكيلانى
كتب كيلانى ما يزيد على ألف قصة للأطفال، وترجم عن الإنجليزية مجموعة من القصص، نشرها بعنوان «روائع من قصص الغرب»، و«مختار القصص»، وترجم «رسالة الغفران» لأبى العلاء المعرى إلى الإنجليزية بالاشتراك مع المستشرق الإنجليزى جيرالد براكنبري، كما ترجم قصائد وقصصا عن الإيطالية.
من أشهر مؤلفاته القصصية: «مصباح علاء الدين»، و«حى بن يقظان»، و«نوادر جحا»، و«روبنسون كروزو»، و«شهر زاد»، و«ألف ليلة» وغيرها.
ترجم إلى العربية كتاب المستشرق الهولندى رينهارت دوزى: «ملوك الطوائف ونظرات فى تاريخ الإسلام»، وكتب أيضا «نظرات فى تاريخ الأدب الأندلسى» «وهى محاضرات ألقاها فى الجامعة المصرية»، و«فن الكتابة: كيف ندرس فن الإنشاء»، و«مذكرات الأقطار الشقيقة»، وحقق مع آخرين «ديوان ابن الرومى»، و«ديوان ابن زيدون».
ديوان الكيلانى للأطفال
ومن إنتاجه الشعرى: «ديوان كامل كيلانى للأطفال»، بالإضافة إلى قصائد أخرى نشرها فى مجلة «أبوللو»، منها: «من يعنينى»، و«سوف أنساك»، و«شاعر مخبول يصف الحب»، وقصائد أخرى تحت عنوان «شعر الأطفال» نشرت فى أعداد متفرقة من المجلة، وترجم بعضها.
ترجمت أعمال الكيلانى القصصية الموجهة للأطفال إلى العديد من اللغات منها الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والروسية مُنح شهادات تقدير من الدولة، وحرص على الإشارة لها فى الصفحات الأولى لإصداراته، كما أن هناك جائزة تحمل اسمه يقدمها المجلس الأعلى للفنون والأدب، والتى يتم منحها للأعمال الموجهة لأدب الطفل توفى رائد أدب الطفل كامل الكيلانى فى 9 أكتوبر 1959، تاركا تُراثا من الإصدارات فى الأدب العربى عامة وأدب الطفل على وجه الخصوص.






