الثلاثاء 5 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

البرلمان يحل نفسه




علق مجلس الشعب جلساته لمدة أسبوع احتجاجًا علي رفض حكومة الجنزوري تقديم استقالتها وتجاهل المجلس العسكري لتوصية البرلمان بإقالتها بعد رفض بيان الحكومة علي أن يعاود المجلس عقد جلساته 6 مايو المقبل.
التصعيد المتبادل من البرلمان والحكومة أثار ردود أفعال متباينة في الوسط السياسي ما بين مؤيد ومعارض ومستخف بقرار المجلس.. ومن اعتبر أن ذلك التصعيد ليس في صالح المواطن المصري خاصة مع اقتراب انتخابات رئاسة الجمهورية.
من جانبه قال سعد الكتاتني رئيس المجلس: إن المجلس لم يبدأ حتي الآن إجراءات سحب الثقة وإن أمامه استجوابات كثيرة سيناقشها بعد رفض البيان الذي تقدمت به الحكومة، وأكد الكتاتني أن المجلس مستقل في قراراته عن السلطة التنفذية ولا تتحكم فيه الحكومة مضيفًا المجلس يحترم الدستور والقانون والأحكام القضائية لكنه لا يقبل التهديد بحل البرلمان.
من جانبه قال حسين إبراهيم رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين إن الحزب بدأ العمل من خلال هيئته البرلمانية بمد يد العون مع الحكومة بنية صادقة دون الالتفات لماضي بعض الوزراء ورئيس الوزراء بالرغم من أن الحزب لم يختر الحكومة.
وأضاف إبراهيم أن الحكومة بدأت منذ يومها الأول تصدير الأزمات للشعب ونوابه وأصبح مطلوبًا من النواب حل مشكلات الحكومة وأزماتها الداخلية والخارجية.
وأوضح إبراهيم أن خروج بعض التصريحات لمسئولين في الحكومة قصد منها تخريب العلاقات المصرية العربية قبل تشكيل حكومة جديدة وحمل رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة المجلس الأعلي للقوات المسلحة المسئولية عن هذه الأزمات التي تفتعلها الحكومة التي رفضت الاستقاله طبقًا للأعراف بعد رفض غالبية نواب المجلس بيانها حتي من يؤيد بقاءها لم يستطع الموافقة علي هذا البيان.
فيما وصف عدد من القانونيين والسياسيين موقف مجلس الشعب الأخير بتعليق جلساته حتي 6 مايو المقبل باللعبة التي تدور بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان المسلمين.
وأوضح د.ثروت بدوي الفقية الدستوري المعروف أن الإخوان والمجلس العسكري يلاعب كل منهما الآخر موضحًا أن الأمور سرعان ما تهدأ وتعود العلاقة بينهما لمجاريها واعتبر قرار مجلس الشعب مجرد وسيلة ضغط وليس أكثر واستبعد بدوي أن يرضخ المجلس العسكري لتعليق جلسات المجلس متوقعًا أن تستمر حكومة الجنزوري ومشددًا علي استحالة أن يسمح المجلس العسكري بتشكيل حكومة إخوانية.
الرأي نفسه أكده د.محمد حبيب نائب المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين وما يدور بين الإخوان والمجلس العسكري خناقة إنجليزي كلام فقط دون أن نري فعلاً إيجابيًا، مؤكدًا أن المجلس لن يقيل حكومة الجنزوري ولن يوثر عليه قرار التعليق.
وأشار حبيب إلي أن الإخوان لم يهتموا منذ البداية بوحدة الصف الوطني ومالوا إلي المجلس العسكري وهم الآن يحصدون ذلك.. لذلك لن تجد أحدًا يتعاطف معهم وتساءل: أليس الإعلان الدستوري الذي صفق له الإخوان يعطي الحق للمجلس العسكري بتشكيل الحكومة وإقالتها ؟!
من جانبه أكد المستشار محمد عطية، وزير التنمية المحلية المختص بمجلسي الشعب والشوري أنه في حال صدور حكم من المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب، سيعمل علي تأجيل الانتخابات الرئاسية لأن بعض المرشحين لن يكون من حقهم الترشح، لعدم وجود تمثيل برلماني للأحزاب المرشحين علي قائمتها وقال إنه يستبعد ذلك الأمر، حتي لا تدخل البلاد في مرحلة من الفوضي والبلبلة موضحاً أن حل المجلس لا يعني بطلان القرارات والقوانين التي اتخذها سابقًا بل ستكون سارية وصحيحة.
ومن ناحية أخري أكد عطية أن المادة 28 من الإعلان الدستوري التي يطالب البعض بالغائها تم الاستفتاء عليها من ضمن الـ8 مواد التي أجري عليها الاستفتاء، لافتًا إلي أن تعديلها أو تغييرها لا بد أن يكون باستفتاء شعبي وليس بحكم محكمة، مضيفًا أنه من الحكمة أن تكون هناك حصانة لمنصب رئيس الجمهورية، لأنه منصب رفيع ولا يجوز أن يكون مهدداً بالطعن عليه.
وأوضح عطية أنه لا يتوقع أن يصدر القضاء الإداري أو مجلس الدولة أحكامًا ضد المادة 28 من الإعلان الدستوري، بعدما تم الاستفتاء عليها ووافقت عليها نسبة كبيرة من الشعب، مشيراً إلي أنه في حال تعديل المادة وتعرض منصب الرئيس للقلقلة سيدخل البلاد في فوضي عارمة وسيعرض الرئيس القادم للخطر.
وحول رفض مجلس الشعب لبيان الحكومة، أكد وزير مجلسي الشعب والشوري أن الرفض لا يعني قيام الحكومة بإعداد برنامج جديد، ولن تكون هناك أي إجراءات متعلقة بذلك، لافتًا إلي أن الحكومة تعمل ليل نهار من أجل الصالح العام.
وأكد عطية أن الحكومة سوف تحضر جلسة مجلس الشعب القادمة في 6 مايو وهي علي استعداد للتعاون معه مشيراً إلي أن الحكومة لا شأن لها بقرار تعليق جلسات المجلس.
أوضح المستشار سعد عبدالواحد نائب رئيس محكمة النقض الأسبق أن البرلمان لن يكتفي بأن أغلبيته من الإخوان بل هم يحاولون مهاجمة الوزراء وهم بالتالي كشفوا أنفسهم أمام الرأي العام، وعلي المجلس العسكري مطالبة حكومة الجنزوري بأن تستمر في عملها ولا تبالي بقرارات مجلس الشعب.
وأشار عبدالواحدأنه ينتظر قرار المحكمة الدستورية في شهر يونيو المقبل ليعلن عدم دستورية مجلس الشعب، مضيفا إلي أن البرلمان يقدم بقراره هذا ورقة ضدهم وهذا ما يثبت أنهم غير فاهمين لدورهم وصلاحيتهم وغير مدركين للدستور والصلاحيات التي يعطيها لهم فهم بذلك حفروا حفرة لأنفسهم ووقعوا فيها.
فيما أكد المستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادي القضاة السابق أن هذا القرار ودي مؤكدا أن البرلمان يضم النواب الذين اختارهم الشعب وإذا كانت الحكومة لا تحترم الشعب فعليها أن ترحل وإلا فعلي من قام بتعيينها أن يقوم بترحيلها مشيرا إلي أن المجلس العسكري مازال يتستر علي أعمال تلك الحكومة والتي حصلت علي وقت أكبر من اللازم ولن تقدم فيه أي شيء لمصلحة الشعب بل هم يفتعلون أزمات في الشارع وعلي الأخص وزارة الري الذي تقدمت بشكوي رسمية ضده قبل ذلك.
وأوضح عبدالعزيز أن الشعب يحتاج حكومة ثورية ولا يحتاج لوزراء تكنوقراط وأكاديميين ولا يتصدون لشيء.
فيما أكد الدكتور شوقي السيد أستاذ القانون الدستوري أن هذا بكل أسف هي سابقة من نوعها في تاريخ البرلمان ليحدث مثل هذا التصادم السريع مع الحكومة حينما تقوم برفع صلاحيتها وتهديدها بالرحيل الإجباري العاجل دون تواصل أو تفاهم ودون وضع مصلحة الشعب فوق الجميع فهذا ليس في صالح الشعب أو الحياة السياسية أو الحزبية ويقصد بها الاستقواء وفرض السلطة والسيطرة وهي آفة كبري دفع ثمنها الشعب.
فيما لفت المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض السابق أن هذا التعليق هو نوع من التعبير وطالما قدروا ذلك فهم أدري بتأثيرهم وهذه الوسائل هي طرق تعبير سياسية مثله مثل الاضرابات والاعتصامات لأصحاب المطالب فهم يعتبرون هذا نوعا من الاحتجاج علي استمرار الحكومة في عملها وهم يرون أنها لن تحقق ما يطلبه الشعب منها.
ومن جانبه علق د.عمرو هاشم ربيع مدير وحدة النظم السياسية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن المشهد الحالي نتيجة واضحة لمحصلة الصراع بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان المسلمين لحصد أكبر قدر من المكاسب.
وأشار ربيع إلي أن هذا الشد والجذب سيؤدي إلي مزيد من الأزمات السياسية والاجتماعية أيضا علي صعيد احتياجات المواطن البسيط فضلا عن استمرار أزمة الجمعية التأسيسية منذ أكثر من شهر دون حدوث تقدم.. ولفت ربيع إلي أن منهج عمل جماعة الإخوان خلال هذه الفترة أصبح إما أن تحصد جميع الأشياء أو أننا قد نفسد الأمر علي الجميع.
أما أحمد خيري المتحدث الإعلامي لحزب المصريين الأحرار فقال إن هذا الضغط علي الحكومة لن يؤتي ثماره باستثناء ما سيحققه من أزمات جديدة تضاف إلي سلسلة الأزمات التي تمر بها مصر.
وأشار خيرت إلي أن مصر مقبلة علي أزمات طاحنة لا يعلم مداها أحد، مؤكدا أن حزبه ليس ضد تعليق جلسات البرلمان طالما أن هذا في مصلحة الوطن، ولكن أن يكون الأمر بغرض تقاسم السلطة مع جماعة أخري فهذا الأمر مرفوض لأنه يكرس المصلحة والانقسام، كما أنه يوحي وكأن جماعة الإخوان تتعامل علي أن البرلمان أصبح ملكية خاصة تتصرف فيه كما يشاءون.
وقال د.كمال الهلباوي القيادي الإخواني المستقيل من الجماعة إن هذا الإجراء احترازي من جانب الإخوان المسلمين كإحدي أوراق الضغط علي الحكومة لتقديم استقالتها، لافتا إلي أن هذا الإجراء غير كاف لإجبار المجلس العسكري علي إقالة الجنزوري.
وأضاف الهلباوي أن استقالة الحكومة ليست هي الهدف الوحيد للثورة التي جاء البرلمانيون إلي مواقعهم داخل مجلس الشعب بفضلها فهناك مطالب بإلغاء المادة 28 وأخري بإعادة تشكيل لجنة الانتخابات التي تم وضعها منذ عهد الرئيس المخلوع.
وأكد الهلباوي أن هذا التصرف لن يؤتي ثماره، مشيرا إلي أنه يتعين علي النواب وعلي رأسهم سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب أن يتظاهروا الجمعة المقبلة للتعبير عن موقفهم من قلب ميدان التحرير.
في نفس السياق أعلن بعض ممثلي القوي الليبرالية والتيار السلفي بمجلس الشعب رفضهم قرار الدكتور سعد الكتاتني رئيس المجلس تعليق الجلسات إلي 6 مايو المقبل وذلك بعد تجاهله التصويت علي هذا القرار.
واقترح محمد منيب ممثل حزب الكرامة علي النواب إجراء انتخابات جديدة لرئيس المجلس لاختيار بديل عن الكتاتني الذي أهان النواب لعدم صحة التصويت وهو ما رفضه النائب الإخواني محسن راضي بتأكيده أن التصويت صحيح.
يأتي ذلك في الوقت الذي وقع فيه أكثر من 120 من نواب النور والأصالة السلفي ومختلف الأحزاب الليبرالية بالمجلس علي بيان تم إرساله إلي رئيس المجلس للتعبير عن غضبهم الأمر الذي سارع بنقله بعض نواب الحرية والعدالة إلي الدكتور الكتاتني في مكتبه لتدارك الموقف.