الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

هل ينجح مؤتمر برلين فى إنهاء الأزمة الليبية

منذ الإطاحة بمعمر القذافى فى 2011 باتت ليبيا مسرحًا للفوضى، وتحت قيادة حكومة الوفاق فى طرابلس نهبت ثرواتها وتأجج الصراع على أراضيها، إلى أن ارتمت ميليشيات الوفاق فى أحضان الرئيس التركى رجب طيب أردوغان للنجاة من الهزيمة على يد الجيش الوطنى الليبى بقيادة الجنرال حفتر، فوجد فيها الرئيس التركى قناعًا لأطماعه متشدقًا بإنقاذ إرث أجداده، فكان لذلك صحوة دولية وأممية فى محاولة للتصدى لأطماع الغازى العثمانى. تتويجًا لتلك الجهود العالمية، جاء مؤتمر برلين المقرر انعقاده اليوم الأحد، بالعاصمة الألمانية برلين، بمثابة مظلة دولية للمضى قدمًا فى تحقيق تقدم ملموس فى سبيل حل الأزمة الليبية، إلا أنه بمثابة مظلة مثقوبة على حد وصف المبعوث الأممى إلى ليبيا غسان سلامة، خاصة فى ظل وجود تركيا التى لم تلتزم بقرارات حظر تصدير الأسلحة ولم تتوقف عن مد حكومة الوفاق بالسلاح، مع تهديداتها المستمرة بالتدخل العسكرى فى ليبيا.



وقد وجهت برلين الدعوة للعديد من اللاعبين الدوليين فى الأزمة الليبية، فى مقدمتهم طرفا الأزمة حكومة الوفاق الليبية التى يترأسها فايز السراج، والجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر، والدول الـ 5 أصحاب العضوية الدائمة فى الأمم المتحدة (الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا)، والجزائر ومصر وتركيا، والإمارات، إيطاليا، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط وعدد من المنظمات الدولية. وما يعكر صفو هذه القمة ويشوه آمالها مشاركة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، والتى ألقت بظلالها على المؤتمر، إذ أعلن نشطاء ألمان وأعضاء جاليات عربية التظاهر ضد الرئيس التركى، تأكيدًا لرفضهم تدخل بلاده فى الأزمة الليبية. وأعلنت الشرطة الألمانية، تأهبها للتعامل مع المظاهرات، وأوضح متحدث باسم الشرطة، أن «أمن العاصمة سيتلقى دعمًا من الشرطة الاتحادية وعدد من الولايات لتأمين الأجواء خلال هذه الفعاليات». كما وصل  الرئيس عبدالفتاح السيسى، إلى ألمانيا للمشاركة فى مؤتمر برلين الذى يهدف لإحلال السلام فى ليبيا. يأتى ذلك فى ضوء جولة خارجية، تشمل كل من ألمانيا وبريطانيا، حيث يشارك اليوم الاحد فى مؤتمر برلين الذى يهدف لإحلال السلام فى ليبيا، والذى دعت إليه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. كما يزور الرئيس عبدالفتاح السيسى العاصمة البريطانية لندن للمشاركة فى قمة الاستثمار البريطانية الإفريقية. كان الرئيس السيسى تلقى اتصالاً هاتفياً من ميركل لبحث الأوضاع الليبية، حيث تم التوافق على أن أى مسار لحل سياسى لإنهاء الأزمة الليبية يجب صياغته فى إطار شامل يتناول كافة جوانب القضية من الناحية السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، وكذلك تقويض التدخلات الخارجية غير المشروعة فى الشأن الليبى. وتعقد آمال قمة برلين على توحيد المواقف الإقليمية والدولية تجاه نقاط الخلاف فى الأزمة الليبية، فمن المقرر أن يتمحور المؤتمر حول «6 محاور» على غرار التسوية السورية، وسيضع آلية دولية لتنفيذ مضمونها، وهى «وقف الأعمال القتالية ووقف دائم لإطلاق النار، وتطبيق حظر الأسلحة، وإصلاح قطاع الأمن، والعودة إلى عملية سياسية، وإصلاح اقتصادى، واحترام القانون الإنسانى وقانون حقوق الإنسان، كما لفت إليها الأمين العام للأمم المتحدة. ومن المفترض أن يحال البيان الختامى لمؤتمر برلين، إلى مجلس الأمن الدولى، والذى تتضمن أهم بنوده: ويدعو مشروع البيان جميع أطراف النزاع إلى الامتثال لقرارات مجلس الأمن بحظر الأسلحة، ويناشدون مجلس الأمن فرض عقوبات على البلدان التى تنتهك حظر الأسلحة واتفاق وقف إطلاق النار. كما يطالب البيان من مجلس الأمن والاتحاد الإفريقى والاتحاد الأوروبى وجامعة الدول العربية، باتخاذ إجراءات ضد  الجهات التى تعرقل العملية السياسية، وتوقيع عقوبات عليها فى إشارة إلى تركيا التى تؤجج الصراع بإرسال جنودها ومرتزقتها إلى الداخل الليبى. كما يشير مشروع البيان إلى إصلاح قطاع الأمن، فضلا عن إجراء إصلاحات هيكلية فى الاقتصاد، إذ يقترح تشكيل لجنة خبراء اقتصاديين من أجل إعادة إعمار الاقتصاد فى كافة المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الوفاق الوطنى.  «عقيلة صالح» من جانبه، قال رئيس البرلمان الليبى، عقيلة صالح: إن المجتمع الدولى على يقين من فشل حكومة «السراج»، فى إشارة إلى حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج، مضيفًا أن «تركيا جزء من المشكلة وليست جزءًا من الحل فى ليبيا». ونقلت قناة ليبيا على «تويتر» عن صالح تأكيده أنه يجب خروج ما سمّاها «العصابات» من العاصمة الليبية لاستمرار وقف إطلاق النار. وأضاف رئيس البرلمان الليبى، أن «تركيا تهدف لفرض جماعة الإخوان على حكم ليبيا»، مشددًا على أن «الشعب الليبى لا يقبل تهديد تركيا وسيدافع عن بلاده». «إعادة فتح موانئ النفط» فى سياق متصل، ذكر مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة، إنه يأمل فى إعادة فتح موانئ النفط فى شرق البلاد، خلال بضعة أيام بعد إغلاقها يوم الجمعة، لكنه لا يمكنه التكهن بذلك. وأضاف «إذا لم يتم حل هذا الأمر اليوم أو الغد فأتوقع طرحه» فى إشارة إلى اجتماع تستضيفه برلين اليوم الأحد. قال المبعوث الأممى إلى ليبيا، غسان سلامة ، لوكالة فرانس برس: إن ليبيا «تحتاج» إلى «توقف» كل التدخلات الخارجية فى شؤونها، فيما أورد الموقع الرسمى لبعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا أن البعثة تعرب عن قلقها العميق إزاء ما يجرى من تعطيل أو وقف لإنتاج النفط فى ليبيا. واعتبرت البعثة الأممية أن هذه الخطوة ستكون لها عواقب وخيمة على الشعب الليبى، الذى يعتمد كلياً على التدفق الدائم للنفط. وأردفت أن هذه الخطوة سيكون لها أيضاً تداعياتها الهائلة التى ستنعكس على الوضع الاقتصادى والمالى المتدهور أصلا فى البلاد. وحثت البعثة جميع الليبيين على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، بينما تستمر المفاوضات الدولية فى التوسط لإنهاء الأزمة الليبية، بما فى ذلك التوصية باتخاذ تدابير لضمان الشفافية فى تخصيص موارد الدولة. «بلطجة تركية» وكان الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، قد حذر أوروبا من أنها ستواجه تهديدات جديدة إذا سقطت حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج فى ليبيا. وشدد أردوغان على أن «طريق الوصول لسلام فى ليبيا يمر عبر تركيا». وأشار أردوغان إلى أن بلاده ستقوم «بتدريب قوات الأمن الليبية والمساهمة فى قتالها ضد الإرهاب والاتجار بالبشر». وأضاف الرئيس التركى، أن «على أوروبا أن تظهر للعالم أنها لاعب مهم على الساحة الدولية»، مشيرًا إلى أن «تعاون ليبيا مع تركيا كان الخيار الأمثل لطرابلس فى ظل عدم تحمس أوروبا لتقديم الدعم العسكرى»، فى إشارة إلى لجوء السراج لأنقرة وتوقيعه الاتفاقية العسكرية والأمنية مع أردوغان، والتى اعتبرها البرلمان الليبى، ودول المنطقة، اتفاقية غير شرعية. «أوروبا تغضب» وردًا على تجاوزات أردوغان، كشفت تقارير صحفية ألمانية عن قرار الاتحاد الأوروبى بتقليص مساعدات الانضمام المخصصة لتركيا فى هذا العام بشكل كبير، بسبب الخلاف معها حول التنقيب عن الغاز فى البحر المتوسط وغيرها من المواضيع. وكشفت صحف مجموعة (فونكه) الإعلامية الألمانية استنادًا إلى خطاب بعث به مسئول العلاقات الخارجية فى الاتحاد الأوروبى، جوزيب بوريل، إلى البرلمان الأوروبى، يفيد بتقليص الاتحاد  لمساعداته لأنقرة. ووفقا للمصدر، فإن بوريل برر التقليص الجديد للمساعدات المخصصة لتركيا بأعمال التنقيب غير المصرح بها حسب تعبيره، والتى تقوم بها تركيا قبالة سواحل قبرص العضو فى التكتل بالإضافة إلى العملية العسكرية التركية التى بدأت فى شمال سوريا فى أكتوبر الماضى. وأوضحت صحف (فونكه)، أن خطاب بوريل كشف أن الاتحاد الأوروبى قرر تقليص أموال المساعدات لأنقرة مجددًا، بحيث سيبلغ نسبة المساعدات المشطوبة للعام الحالى 75 بالمئة. «المعارضة التركية» من جانبه، قال زعيم المعارضة التركية كمال كليجدار أوغلو، إن الغرب استخدم أردوغان «فى إشعال النار فى سوريا»، «ويستخدمه الآن لإشعال النار فى ليبيا». وأضاف أن «دماء المسلمين تسال فى الشرق الأوسط، ومن يعطيهم السلاح هم روسيا وأمريكا، والآن أصبحنا (تركيا أردوغان) وكلاء فى إراقة دماء المسلمين».