الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مخاوف نسائية بعد استئصال أنجيلينا جولى لثدييها




فجر قرار نجمة السينما الأمريكية «أنجلينا جولى» بأنها استأصلت ثدييها كإجراء وقائى بعد أن اكتشف الأطباء أنها تحمل الجين المتحور «بي.ار.سي.ايه1» والذى يعد أحد مسببات سرطان الثدى، جدلا واسعا بين السيدات اللاتى فوجئن بأنها تحكى تجربتها مع المرض بمنتهى الشجاعة فى المقال الذى كتبته فى صحيفة نيويورك تايمز بعنوان (خيارى الطبى)، وذكرت فيه أن الأطباء أخبروها بأنها إذا لم تستئصل ثدييها فستزداد نسبة إصابتها لتصل إلى 87 % بسبب الجين المسبب للمرض الذى ورثته من والدتها والتى عانت من سرطان الثدى،وخوفها من أن يفقد أطفالها الستة أمهم، قد دفعها لاتخاذ هذا القرار الصعب،وحثت النساء على إجراء الفحوصات الطبية لاكتشاف ما إذا كن معرضات لمخاطر مماثلة،ولكن هل تنشر قصة استئصال جولى لثدييها الوعى بين السيدات المصريات بخطورة الإصابة بهذا المرض، وتشجعهن على تقليد تجربة أحد رموز الأنوثة فى العالم، أم مازالت المرأة المصرية تشعر بأزمة نفسية من فقدان أهم أعضاء أنوثتها؟
تقول نرمين بليغ مهندسة معمارية: إن تجربة جولى لا تشجع السيدات المصريات لتقليدها، بل إنها تسهم فى التوعية المجتمعية بخطورة الإصابة بسرطان الثدى، وهى دعوة لتشجيع المرأة بألا تعتمد على المواصفات الجمالية لجسمها فقط، بل إنها عقل وكيان فى حياة كل أسرة مصرية.
وتتفق معها الكاتبة ايمان قنديل قائلة: ما قامت به أنجيلينا لا يصلح مطلقا لنساء مصر مثلا لاختلاف الثقافات، وأيضا لعدم وجود منظومة طبية أو تأمين صحى يكفل لها ذلك،ومازالت حملات التوعية بالكشف المبكر عن سرطان الثدى فى مهدها رغم الجهود التى تبذل من المعنيين بالأمر وبعض القنوات الفضائية التى تضع «الفيونكة البمبى» احتفالا باليوم العالمى لمكافحة سرطان الثدى.
ومن ناحية أخرى، معظم البيوت تنقلب رأسا على عقب بعد إصابة الزوجة بسرطان الثدى،فالخوف من عودة المرض يلاحقها فى كل وقت، وتصاب المرأة بالخوف من فقدان عضو يميز أنوثتها.
وتشير يسرا عبد الحميد مبرمجة كمبيوتر إلى أنه على الأزواج بأن يساندوا زوجاتهن فى أوقات الشدة ويخففوا من آلامهن،وألا يتركوهن حتى لا يصبن بأزمات نفسية. ثم قمنا بمعرفة آراء الأطباء المتخصصين فى تجربة إنجلينا جولى.
ترى الدكتورة «حنان جويفل» استشارى الأشعة التشخيصية لأمراض الثدي، والعضو المؤسس فى المؤسسة المصرية لمكافحة أمراض الثدي، أنه لا يمكن تعميم تجربة إنجلينا جولى على السيدات المصريات،لأن جولى لها وضع خاص،وقامت بعمل الفحوصات الطبية واكتشفت أن لديها الجين المسبب للسرطان، فأصبحت حياتها معرضة للخطر،وخصوصا مع إصابة والدتها بالسرطان، فقامت جولى بإزالة التجويف الداخلى للثدى والغدد والقنوات اللبنية ولم تزل الحلمة والجلد، ووضعت كيساً مائياً داخل الثدى.
وتقول إن سرطان الثدى من أكثر الأمراض التى تخاف منه النساء، وذلك لأنه شائع جداً وأسبابه مازالت غير معروفة بشكل كامل،و هناك عوامل كثيرة  تزيد من نسبة الإصابة بالمرض، مثل: تقدم عمر السيدة، حيث إن 77% من حالات سرطان الثدى تشخص بعد سن 55 عاماً، فى حين أن هذه النسبة تبلغ  18% عند النساء فى  سن الأربعين، و تشير الإحصائيات إلى أنه  من 5 إلى10% من حالات سرطان الثدى لها مسببات وراثية، ووجود تشوهات فى عمل الجينات الطبيعية مثل BRCA2، BRCA1 علما بأن هذه الجينات يحملها الرجال والنساء على السواء لذا يمكن وراثتها عن طريق الوالد أو الوالدة، وإذا كان الفحص الوراثى إيجابياً بمعنى (وجود خلل وراثى) فهذا يدل على زيادة احتمال الإصابة بسرطان الثدى دون تحديد إمكانية حدوثه أو توقيته.  وترتفع نسبة الإصابة أيضا فى حالة وجود قريبات مباشرات.
وفى حالة الإصابة بسرطان الثدى فإن احتمال خطر الإصابة فى الثدى الآخر ترتفع بنسبة 3 إلى 4 أضعاف، بالإضافة إلى بدء الدورات الطمثية بشكل مبكر  قبل سن 12 سنة أو تأخر سن انقطاع الطمث لما بعد سن 55 سنة، وعدم الانجاب أو تأخر أول حمل لما بعد 30 سنة.
وتنصح د.حنان الفتيات والسيدات بإجراء الفحص الذاتى للثدى مرة كل شهر عند نهاية الدورة الشهرية، وخطوات هذا الفحص هى: استلقى على ظهرك وضعى مخدة تحت كتفك الأيمن، استعملى باطن بصمات الأصابع الوسطى الثلاثة ليدك اليسرى لفحص ثديك الأيمن، ابدئى تحت الإبط مستعملة ضغط خفيف ثم مكثف، وقومى بدوائر صغيرة بدون إزالة الأصابع عن الجلد، إستمرى  بنفس الطريقة صعودا ثم نزولا، وتحسسى أى تغيرات فى ثديك  فوق وتحت الترقوة وفى منطقة الإبطين، ويجب إعادة الخطوات نفسها على الثدى الأيسر. وإذا  شعرتى بوجود أى تغيير فى مظهر الثدى الطبيعى أو ملمسه، فيجب الذهاب إلى الطبيب المختص للقيام بالفحص الروتينى للثدى وتقول الدكتورة «هبة فتحى» أستاذ الطب النفسى المساعد بكلية الطب جامعة القاهرة، أن جولى إمراة قوية وشجاعة وتجربتها بها الكثير من الدروس المستفادة للسيدات، مثل أنها أجرت العملية لتعيش وتربى أبناءها، كما أشارت إلى المساندة النفسية التى تلقتها من زوجها، ولم تشعر بأن عملية الاستئصال ستقلل من أنوثتها، والذى يعوق تعميم التجربة هو أن الاختبارات والتحاليل التى أجرتها مكلفة لأى أسرة مصرية.
ويشير الدكتور «هاشم بحرى» أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، إلى أنه يتم إجراء تأهيل نفسى للمرضى قبل إجراء  العمليات الجراحية فى الخارج، فمثلا تقوم المريضة  بالذهاب إلى الطبيب النفسى لمعرفة التغيير الذى سيحدث فى شكلها حتى تتعود على شكل جسدها وتتأقلم مع حالتها وذلك فى حالة فقدان أى عضو، وهو ما يعرف بالإعداد النفسى لكى يتعود المريض على شكله الجديد، وبعد انتهاء العملية الجراحة، يتم إجراء مساندة نفسية لها، ومن هنا يبرز دور الأهل فى الدعم النفسى، وخصوصا الزوج الذى يشعر زوجته بأن لها نفس القيمة لديه بالرغم من أنها  استأصلت الثدى، وعندئذ تشعر الزوجة بأنها ليست جسداً فقط ومازالت محتفظة بجمالها، مما يؤدى إلى زيادة ثقتها بنفسها فتنجح فى حياتها وتتخطى الأزمات التى تمر بها بعكس الإنسانة المعتمدة على جمال جسدها. ويؤكد الدكتور هاشم على أن إجراء هذه العملية لن يؤثر على حياتهما الزوجية وذلك فى حالة وجود حب بين الطرفين.