الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عودة الريان
كتب

عودة الريان




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 16 - 08 - 2010



وكانت أكبر عملية نصب في تاريخ الشعب المصري


(1)


لي مع الريان ذكريات غير سعيدة، فبسببه تم تقديمي إلي نيابة أمن الدولة العليا سنة 95، بعد أن نشرت تحقيقاً صحفياً في «روزاليوسف» في ذلك الوقت بعنوان «فضيحة ليلة الأربعاء في مجلس الشعب».


في أول جلسة تحقيق استمرت 7 ساعات كاملة وحضرتها معي الأستاذة أمينة شفيق عضو مجلس نقابة الصحفيين كان هناك إصرار من وكيل النيابة علي أن يحاكمني بمادة تتيح له أن يتخذ قراراً بحبسي.
يبدو أنه كان «متوصي عليا»، وكان النائب العام في ذلك الوقت هو المستشار رجاء العربي وكان رئيس النيابة يبذل قصاري جهده ليثبت أنني نقلت كلاماً علي غير الحقيقة من جلسة مجلس الشعب ليحبسني!
(2)
جاءت المضبطة في جلسة التحقيق الثانية بعد أسبوعين، وتأكد رئيس النيابة بنفسه أنني لم أنشر حرفاً واحداً خارج ما قيل في الجلسة، بل إنني حذفت بعض الأشياء الجارحة والخادشة للحياء.
ملخص الموضوع المنشور هو أن أحمد الريان أنجب طفلة وهو في السجن، وأنه يخرج من محبسه كل يوم من الثامنة صباحاً حتي العاشرة مساءً لإدارة أمواله في مكتب التحفظ.
ويقول التحقيق المنشور أيضاً: إن الريان كان يتناول الطعام هو وحاشيته في مكتب التحفظ من جروبي وتكلفته 5 آلاف جنيه في اليوم، وأنه يرد أموال المودعين بإجبارهم علي قبول أجهزة تالفة.
(3)
قضية الريان لم تقف عند هذا الحد، فقد كان نجوم توظيف الأموال في ذلك الوقت يفرشون الطريق لتمويل الحملات الانتخابية والأنشطة الدينية السياسية، وكانت كارثتهم الكبري هي «كشوف البركة».
صحيح أنه تم التعتيم علي كشوف البركة بعد ذلك، لأنها تضمنت أسماء شخصيات كبيرة ومهمة كانوا يحصلون علي مزايا وأموال من الريان، وكان من الصعب إثبات ذلك.
الكارثة الثانية هي أن الكبار والنجوم والرياضيين والفنانين الذين وضعوا أموالهم عند الريان نجحوا في استردادها بعد القبض عليه، بينما ضاعت تحويشة العمر لعشرات الآلاف من المصريين الغلابة.
(4)
الريان وشركات توظيف الأموال هم أصحاب أكبر عملية نصب في تاريخ الشعب المصري، وبسببهم مات كثير من المصريين قهرًا وكمداً بعد أن ضاعت تحويشة العمر وعرق السنين.
المصريون الغلابة، دفعوا الثمن مرتين.. الأولي في الغربة في دول الخليج للبحث عن لقمة العيش، والثانية في نهب مدخراتهم في شركات توظيف الأموال.
أعداد كبيرة من المودعين تم إجبارهم علي استرداد ودائعهم في صورة أجهزة كهربائية تالفة ويزيد سعرها علي السوق بمقدار الضعف، شيء أفضل من لا شيء.
(5)
الريان الذي لا يجد مليون جنيه الآن لدفع الكفالة سوف يعود في غضون سنوات قليلة من أغني أغنياء مصر، وسوف يدفع المليون وعشرة، ولم تنته قصته.
الريان سوف يعود لأن كل الظروف التي أدت إلي ظهوره مازالت قائمة، بل إن الأجواء الآن ملتبسة وضبابية وتسمح له بالعودة إلي الحياة ولو من خرم إبرة.
الريان سوف يجد من يمد له يد العون والمساعدة، ويدفع له عشرات الملايين ليعود إلي الحياة، لأنه أحد أفراد عائلة «البيزنس الملتحي»، بل هو عميدها.
(6)
هذا السجين الفقير كان يمتلك الذهب في بدروم فيلته مثل كنز علي بابا، وكان يضع الفلوس في شوالات القطن، دون أن يعدها، لأنها تحتاج شهورًا لحصرها.
كان الناس يتهافتون عليه، ويبحثون عن واسطة ليقبل ودائعهم حتي تحول إلي أسطورة، صاحب نفوذ وسطوة ويسير في حراسة مدججة ولا كبار رجال الدولة.
لم يسأل أحد نفسه: «هل يقوم الريان بتوليد الفلوس» حتي يدفع لهم فوائد من 30% إلي 50% سنويا، رغم أنه ليس له أي نشاط سوي تجارة هزيلة لا تحقق 5% ربجاً؟
(7)
الريان كان أستاذ نظرية «من دقنة وافتله»» وكانت تدخل خزائنه الملايين كل يوم فيدفع منها الأرباح، وكان كثير من المودعين يودعون الأرباح للحصول علي أرباح.
طبعاً لم يحصلوا علي شيء، وكثير منهم ماتوا بالسكتة القلبية وهاجمتهم الأمراض لأن الريان سرق منهم الستر وقرشين للزمن.
أحاط نفسه بسياج مهم من الشخصيات المرموقة، وكان ينصب بنفوذهم والتفاتهم حوله.. «معقولة حينصب علينا ومعاه فلان باشا؟»
(8)
الريان سوف يعود، وإذا لم يجد الناس رياناً لصنعوه، وبعده ظهر عشرات الريانات، وامتصوا أموال الغلابة الذين ذهبوا إليهم بأقدامهم.
الريان سيعود، لأن هذه الأيام مدججة بمئات الدعاة الريانيين ومئات رجال الأعمال الريانيين، وملايين المصريين الذين اشتاقوا لأيام الريان.
الريان سيعود، وهل تذكرون ما قاله رئيس هيئة سوق المال في ذلك الوقت محمد حسن فج النور بأن الريان له رصيد قدره 487 مليون دولار «بره»؟
(9)
لي مع الريان ذكريات غير سعيدة لأنه وهو في السجن قدم بلاغاً ضدي للنائب العام رجاء العربي يتهمني بتشويه سمعته مع أنه خرب بيوتاً وحطم أسراً وتسبب في موت كثيرين.
المصيبة أن ذاكرتنا ضعيفة وننسي بسرعة، وكأن هذا الرجل القادم من غياهب 22 سنة سجناً كان بريئاً أو مجنياً عليه مع أنه الجاني الحقيقي.
سيدفع المليون، بل لو حتي كانت مائة مليون، «اللي له ظهر مينضربش علي بطنه».. والظهور الآن كثيرة.. وأنتم تعرفونها.


E-Mail : [email protected]