الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

العلماء يرفضون استخدام المسكنات المنومة للهروب من الصيام




مع تزايد عدد ساعات الصيام وقدوم رمضان فى الصيف نجد من يهرب بالنوم طوال فترة الصيام باستخدام مسكنات قوية أو مخدرة وهى محظورة بدأت فى الانتشار وكان لابد من طرحها على علماء الدين لتوضيح مدى مشروعيتها.
 
من جانبها، تقول د. آمنة نصير أستاذ العقيدة سابقا بجامعة الأزهر إن نوم نهار رمضان هو نوع من التحايل لتضييع وقت الصيام خاصة إذا كان عن قصد للهروب من الصيام مثل تناول الحبوب المنومة أو غيرها والسبب الرئيسى فيها هو التليفزيون ووجباته الدسمة فى ليالى رمضان مما يجعل الصائم يسهر طوال الليل ويستهلك من طاقته فى متابعة هذه البرامج الترفيهية والدرامية فيأتى عليه النهار وهو يشعر بالخمول والتعب ويضيع عليه النهار فى النوم هربا من هذا الشعور، كما يؤثر ذلك على أدائه فى عمله ووجباته الدينية وذلك غير مقبول شرعا ويعتبر من مفسدات الصيام.
 
كما يرى د. مبروك عطية فى ظاهرة النوم فى نهار رمضان سلوكا مرفوضا بالمرة، مؤكدا أن حكمة الصيام ليست الامتناع عن الأكل والشرب فحسب إنما أيضا تقوية الإرادة ومقاومة الشهوات والتقرب إلى الله تعالى وقراءة القرآن وممارسة العبادات، لكن من يلجأ للنوم فى وقت الصيام هو بذلك يهرب من هذه الواجبات ولا يستفيد من صيامه، مشيرا إلى أن هذه العادة الدخيلة تغيب لذة الصيام، وتحرم الكثيرين من أوقات الدعاء والتسبيح وقراءة القرآن.
 
وأكمل قائلا: فيا صائم وصائمة احتسبوا، اصبروا، فى شدة الحر تذكروا لحظة الإفطار ما أجملها من لحظة، تذكروا الجائزة الكبرى وأنتم تفطرون، تذكروا أن الله يثبتكم جل فى علاه لا إله إلا هو، تذكروا العطاء الربانى وأنتم قد صمتم لله، ظمئتم وجعتم.
 
وقال: النائم فى حكم الميت، يعنى لم يعش معالم الجوع والظمأ، ينام شيئا من النهار ولكن يقوم خاصة بعد العصر يجهز نفسه للمصحف للدعاء إلى الغروب.
 
كذلك يقول د. محمد الشحات الجندى فى رمضان (والصيف أيضا)، يلجأ البعض إلى النوم فى النهار ومن ثم الأكل بجنون عند الإفطار، ثم يكملون ليلتهم فى السهر حتى الصباح، وأما التعبد والعمل والقراءة فشأن آخر لا يحظى ويعمل به إلا القلة المباركة، إذا أخذنا موسم الصيف مع رمضان وقلة ساعات العمل ولجوء البعض إلى تأجيل العمل والمعاملات إلى ما بعد الإفطار، لوجدنا الشباب هم من يفعلون ذلك رغم أنهم لديهم القدرة على الصيام بخلاف كبار السن وللأسف إن تناول المسكنات المتمثلة فى الأقراص المخدرة تعمل على تسكين الأعصاب وبالتالى عدم الشعور بأى أوجاع فى الجسم بما فى ذلك الجوع المصاحب للصيام ومن بين أهداف الصيام اختبار مدى قدرة الفرد على المشقة وبالتالى فهذا يعتبر تحايلاً على الله تعالى مما يتفسد شرط من شروط الصيام وهو المشقة.
 
بينما قال أحمد ترك إمام مسجد النور السابق: إن من نام نهار رمضان كله فصيامه صحيح إذا كان نوى الصيام قبل طلوع الفجر، ولكن يحرم عليه ترك أداء الصلوات فى مواقيتها مع نيته القيام للصلاة، ولا يصح الصوم ممن لا يصلى، والأمر خطير جدا، والمسكنات التى تسبب النوم عن أداء الصلاة محرمة وتفسد الصوم.
 
بينما قال د. سعد الدين الهلالى: إن شهر رمضان شهر عبادة ليلا ونهارا؛ أما بالليل فبالقيام بصلاة التراويح وقراءة القرآن وأما بالنهار فبالصيام، ولو نام الصائم طول النهار فصيامه صحيح، وليس حراما عليه أن ينام كثيرا ما دام يؤدى الصلوات فى أوقاتها، وقد يكون النوم مانعا له من التورط فى أمور لا تليق بالصائم، وتتنافى مع حكمة مشروعية الصيام، وهى جهاد النفس ضد الشهوات والرغبات التى من أهمها شهوتا البطن والفرج، ويدخل فى الجهاد عدم التورط فى المعاصى مثل الكذب والزور والغيبة، ولكن إذا تعمد ذلك بتناول الحبوب المنومة فهذا غير جائز.
 
كذلك قال د. علوى أمين أستاذ الشريعة بالأزهر: لا بأس بالنوم فى نهار رمضان لراحة البدن وللتقوى على قيام الليل ولترك الخوض مع الخائضين فيما فيه مضرة كالغيبة واللهو والباطل وقد ورد فى حديث: نوم الصائم عبادة ولكن كثرة النوم تفوت خيرا كثيرا فإن الإنسان مطالب بأعمال دنيوية كالحرفة والتكسب والعمل فى طلب الرزق فمتى نام أكثر النهار فإنه خير كثير وكذا يشرع فى رمضان الإكثار من الذكر والدعاء وتلاوة القرآن فيندب اغتنام الأوقات الفاضلة وعدم إضاعتها فى النوم الكثير ولكن النوم أفضل من اللهو واللعب والقيل والقال والخوض فى أعراض الناس فإن ذلك مما ينقص أجرالصيام لحديث ليس الصيام من الطعام والشراب إنما الصيام من اللغو والرفث.
 
وقال د. محمود عاشور وكيل الأزهر السابق: هذه مسألة تدخل فى إطار المحظور إذا تعمد الإنسان أن ينام طوال الوقت أو أكبر عدد من ساعات نهار يوم رمضان مبررا ذلك بأنه يعانى التعب والإرهاق بسبب الصيام فهذا يعد تهربا من تحقيق الحكمة التى أرادها الله من الصوم لأنه فيه تعبير عن الشعور بحرمان الآخرين الذين يعانون الجوع والعطش والاحتياج للمال ويواجهون الظروف الصعبة ونقص الموارد فإذا ضيع نهاره بالنوم فى هذا الشهر الكريم فكأنه تناسى الواجب الذى يجب أن يشعر به، فسبحانه وتعالى لم يفرض علينا الصوم لنمتنع عن الطعام والشراب فقط، فإذا فوت الإنسان على نفسه نهار رمضان بالنوم أو بالاستغراق فى أمور بعيدة عن العمل والإنتاج فهذا مخالفة لحكمة الصيام ومجافاة وبعد عما نقل عن رسول الله صلى عليه وسلم وعن المسلمين فى صدر الإسلام أن رمضان كان شهر الانتصارات ومعنى ذلك أنهم كانوا يجاهدون ويعملون ما هو صالح فى أمور الدين والدنيا.