الأربعاء 19 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

السباحة فى فلك اليأس

السلام عليكم بعد التحية وكل التقدير للقائمين على بريد روزا...  أنا رجل فى العقد الخامس من العمر أعمل مهندسًا ولى ابنتان، إحداهما طبيبة متزوجة من طبيب كان زميلًا لها بالكلية، الأخرى تدرس بكلية الطب أيضًا وتتمتع بقدر من الجمال والثقة بالنفس لكنها تمثل مشكلة كبيرة تؤرقنى بشدة. فأنا أستاذ أحمد بعد وفاة زوجتى لم أفكر مطلقًا فى الزواج، علمًا بأنها توفت منذ خمس سنوات بعد أن تخطيت أنا ٦٠ عامًا وأصبحت لا أجد نفسى ملائمًا لأى عمل أضيع فيه وقتى لينسينى أن العمر بدأ يداهمنى، كما لا أفكر فى الزواج لأننى أعتقد بأن تلك الخطوة يجب أن يخطوها الرجل مرة واحدة فى حياته ولا يجب أن تتكرر، ربما أيضًا أن ابنتى الصغرى هى من أهم تلك الأسباب التى تدفعنى للعزوف عن الارتباط الثانى، فهى تعقدت من الزواج لسببين أحدهما كان لزواج ابنتى الكبرى ومشاكلها المتكررة مع زوجها، حتى أننى لم أتحمل إقامتى الجبرية معها بعد اشتراطها عليه بأن أعيش معهم بفيلته رغم اعتراضى فى بادئ الأمر، إلا أننى وافقت فى النهاية بعد إلحاح كبير وربط موافقتها على الزواج من هذا الطبيب بإقامتى معهما، بعد مرور أول سنة من زواجها لم أتحمل تلك الحياة المليئة بالمسئوليات المكبِلة لهما وأن أكون جزءًا منها، فهما يعملان ليل نهار وغير متواجدين بالمنزل على الدوام بحكم عملهما الشاق كأطباء، ما دفعنى للهروب قبل أن أرى فى عيونهما مشاعر الشفقة على وضعى البائس، فعدت لحضن ابنتى الصغرى وهى سبب شكوتى «لبريد روزا» لأنها ترفض الخُطاب الواحد تلو الآخر، والسر فى ذلك بجانب ما سبق هى تلك الغصة التى تسبب فيها جار لنا كان طالبًا متفوقًا بإحدى الكليات ينتمى لأسرة راقية تقدم لخطبتها قبل أن تأتى له منحة دراسات عليا بالمملكة المتحدة فقرر البقاء هناك ثم تزوج من فتاة إنجليزية ما ضاعف من حزن ابنتى وكرهها للرجال، فقررت على ما يبدو وضع العراقيل فى طريق أى شاب يريد التقدم لها، مثل أن لا يكون طبيبًا حتى لا تعانى مثلما عانت شقيقتها الكبرى. والآن هى فى السنة النهائية للكلية وخلال دراستها تقدم لها ثلاثة أطباء بينهم معيد بكلية الطب ومهندس وضابط شرطة، لكنها رفضتهم جميعًا لأسباب أجدها ما بين المنطقية والمصطنعة حتى تظل إلى جانبى أطول فترة ممكنة، وأخشى ما أخشاه أن تكره الزواج بصفة عامة بالإضافة إلى أننى لا أضمن بقائى فى الدنيا إلى جانبها طول العمر لأن الأعمار بيد الله،، فماذا أفعل أستاذ أحمد!؟.  



 

إمضاء م. ق  

 

لا أجد أى مبرر يدفعك للإحباط واليأس من الحياة بدلًا من الاستمتاع بها والتكيف مع ما آلت إليه ظروفك بعد رحيل زوجتك رحمها الله، كما لا أجد تفسيرًا منطقيا للاعتقاد بأن عدم شغل وقتك بأى عمل متاح حتى لو بشكل إشرافى وإدارى كمهندس له خبرات واسعة - هو بمثابة تضييع للوقت الهدف منه نسيان تخطيك لسن الستين، تلك الرؤية لا تمت للحقيقة بصلة تذكر، لأن أهل الخبرة هم من يصنعون الفارق فى حياتنا عندما يمدوننا بطاقة إيجابية تتكفل بها عصارة تجاربهم فى الحياة وإقبالهم عليها وإيمانهم بقيمة وجودهم فيها، كذلك فإن عدم قناعتك بفكرة الارتباط مرة أخرى لأن الرجل لا يجب أن يخطو مثل تلك الخطوة إلا مرة واحدة فى حياته ولا يجب أن تتكرر - فهذا أيضًا رأى مجرد من الحقيقة التى تعترف بقيمة أقدس علاقة على وجه الأرض وهى الزواج، لأنها لم تشرع للحفاظ على النسل واستمرار الحياة فقط - بل من أجل الإستقرار الإجتماعى والنفسى بين البشر فى حميمية اتصالية لا يضاهيها مثيل. عزيزى انصحك بأن تتزوج إذا وجدت الإنسانة المناسبة لك، وتيقن بأن هذا الارتباط سيكون له فعل السحر على ابنتك الصغرى وطريقة تفكيرها وإيمانها بحتمية وجود التوافق بين الأزواج فى هذه الحياة وأهميته، حتى وإن لم يتوفر لها فى سابقتها الأولى بحكم تطلعات فتى أحلامها الذى رجح كفة أمانيه فى السفر والاستقرار خارج حدود الوطن على تحقيق أحلامه فى مصر والزواج من ابنتك، فضرورى للغاية أن تمثل أنت بقدراتك الإقناعية جسرا من الأمان والتوعية البناءة لصغيرتك، لأن اليأس الذى تنقلة طاقتك السلبية قد يرسخ بداخلها عقدة تجاه الزواج وقيمته الإجتماعية، لتستعيض فى النهاية بوجودها إلى جانبك وحدك عن زوج مخلص تبدأ حياتها معه، كما يجب لفت نظرها بأنه لا ضرورة لربط مصيرها فى الارتباط بزوج لا يعمل طبيبًا أو مقارنة ذلك بالفشل النسبى الذى تعانى منه شقيقتها وتعثرها فى إدارة حياتها مع زوجها على الوجه الأكمل - والدليل على ذلك هو أن هناك العديد والعديد من القصص الناجحة لأزواج أطباء نجحوا فى مداواة سحجاتهم العائلية بالمنزل مثلما استطاعوا تطبيب آلام مرضاهم بعياداتهم، فإذا تقدم لها عريس يعمل بأى مهنة مناسبة وتنطبق عليه مواصفات الزوج المثالى من أخلاق وتدين وأسرة محترمة فلا غضاضة،،، فى النهاية تظل للحياة قيمة يجب أن نعيشها بفن وإعمال لصوت العقل - لا صوت الشيطان الذى لا يكل أو يمل من محاولة إقناعنا بالسباحة فى فلك اليأس.  

دمت سعيدًا وموفقًا دائمًا م. ق