الثلاثاء 2 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إخراج الزكاة مقدمًا لمواجهة «كورونا»

فى الوقت الذى تعانى فيه الدول من الموجة الثانية من وباء كورونا تظهر عدد من الحلول  النابعة من الشريعة الإسلامية لتخفيف آثار الوباء، ومن  تلك الحلول  ما طرحه العلماء بجواز إخراج الزكاة مقدمًا ولمدة عامين لمساعدة مرضى كورونا .



من جهتها أصدرت لجنة الفتوى بالأزهر فتوى تجيز  إخراج الزكاة لتوفير لقاح كورونا لتقليل انتشار الوباء، وإخراج الصدقة لشراء أجهزة ومستلزمات  علاج المرضى، ووفقا للفتوى فإن الصدقة فى ظل أزمة كورونا أعظم الصدقات، فى ظل  ما يشهده العالمُ كلُّه مِن جائحَةِ فيروس كُورونا المُستجد، وما خلَّفتهُ من آثار اقتصاديَّة على جميع النَّاس بمُختَلَفِ طبقَاتِهم؛ لا سيَّما الفُقراء منهم، ومَحدودِى الدَّخل، وأصحَاب الأعمَال البسيطة وغير الدَّائمَة.

وشددت علي أنَ واجبَ الوَقت فى ظلِّ أزمة كهذه هو تَفَقُّدُ الإنسان أحوالَ أهله ومعارفه وجيرانه وعُمَّاله، ومواساتهم ودعمهم بما قَدَرَ عليه من مال وإطعام.، لافتة إلى أن التَّصدُّق فى ظلِّ ظُّروف كهذه سببٌ لدفع البلاء، وكشْف الضُّر، وسعة الرّزق؛ قال ﷺ: «وهَل تُنصَرُونَ وتُرزَقُونَ إلا بِضُعَفَائِكُم»

كما قالت دار الإفتاء المصرية: «إنه يجوز صرفُ أموال الزكاة لتوفير لقاح فيروس كورونا؛ تحقيقًا لمقصد حفظ النفس، وهو المقصد الأول من المقاصد الكلية العليا فى الشريعة الإسلامية، وبناء المنظومة الصحية داخلٌ فى تحقيق هذا المقصد؛ صيانةً لصحة الناس وِقَاءً، وإنقاذًا لها بالعلاج استبقاءً، ودفع المرض يكون بالوقاية منه قبل حصوله، وعلاجه بعد نزوله، وكما جاز الصرف على المريض لعلاج ما فيه، جاز من باب أولى تلافيه».

دفع المرض قبل الفقر

من جهته قال د.  محمد مختار جمعة وزير الأوقاف إن علاج مرضى كورونا وتوفير الدواء والأجهزة الطبية اللازمة لعلاجهم ومساعدة المضارين من الظروف الاقتصادية التى فرضها انتشار كورونا من أولى أولويات الزكاة فى هذه الأيام. 

 كما أكد  أنه يجوز تعجيل الزكاة وتقديم موعد إخراجها لصالح الفقراء، ولا سيما فى أوقات الشدائد والجوائح والأزمات .وأوضح قائلا : يجوز إخراج الزكاة فى علاج الفقراء أو توفير اللقاح لهم، فدفع المرض من أولى الأولويات وبخاصة فى النوازل، قال تعالى: « إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ»، وبما أن الفقراء هم فى مقدمة المستحقين للزكاة فعلاجهم أولى لأن دفع المرض أهم من دفع الجوع . علاج الفقراء من أولى الأولويات فى الزكاة، ويجوز أن يكون هذا فى شكل لقاح للفقراء وأبنائهم .

أضاف أن  جواز  تعجيل الزكاة  في ظل تلك الأزمة دليل على سماحة النفس مع الله والناس، وعلى كرمه مع الله والخلق،وأكد أن تعجيلها فى أوقات النوازل والكروب  والأزمات مستحب، وذلك لتفريج كُرب المكروبين، فمن سمحت نفسه بتفريج الكروب من الصدقات ومن باب فروض الكفايات، ومن لم تسمح نفسه جاز أن يُعجل بالزكاة، وهذا وقت ينبغى على الناس فيه التراحم والتكافل، فإن لم يتراحم الناس فى أوقات المحن والنوازل والشدائد والكروب فمتى يتراحمون؟، ومن لم يتعظ بتخطف الموت لبعض أهله ولأصدقائه ولأقاربه فلا واعظ له.

رخصة مستحبة

د. مجدى عاشور المستشار العلمى للمفتى  من جهته أوضح كذلك أنه إذا اشتدت العزيمة نأتى للرخصة  وهو ما علينا فعله فى أمر الزكاة، وهو تقديم دفع أموال الزكاة عن وقت الخروج لأنه فى بعض الأماكن لا يوجد عمل بالطاقة الكاملة خاصة أصحاب الحرف، الذين قلت أعمالهم، وهنا يمكن أن نقدم الزكاة عن وقت إخراجها لمدة عامين لمساعدة المحتاجين بسبب انتشار وباء كورونا، حتى نمر وقت تلك الأزمة 

أضاف إذا فعل المسلمون هذا وقت انتشار كورونا على قول بعض الفقهاء، فإننا بهذا سنمر من الأزمة والوباء الذى نعانى منه اليوم،  فالقادر عليه أن يخرج صدقاته وتبرعاته وزكاته الآن وقت انتشارالوباء ، ومن يخرجها فهو كمن أوجب على نفسه شيء فى وقت ليس هى بواجب عليه وذلك ابتغاء رضا الله بمساعدة المحتاجين .    

واستطرد :  نقول لمن لديه زكاة وأخرجها  قبل وقتها «كأنك أوجبتها على نفسك للمصلحة العامة لمساعدة المحتاج وإفادة الناس فمن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدينا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة» 

وطالب  د. مجدى بضرورة  أن نبحث عمن يتعففون ولا يسألون الناس رغم الأزمة  التى يمرون بها وقت الوباء، حتى نحقق العطاء، وإتيان الزكاة لهؤلاء الذين قال تعالى فيهم: «للْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِى الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا»

واجب الوقت

د. علاء الشال من علماء الأزهر لم يختلف فى رأيه فى قضية إخراج الزكاة والصدقة فى مواجهة كورونا  عما سبق وأوضح قائلًا : « لا يخفى على أحد حجم الدمار الاقتصادى والنفسى والاجتماعى الذى سببته جائحة كورونا ولا تزال، وفى وقت الشدائد تظهر معادن البشر النبيلة، وكما قيل « الناس فى العافية سواء فإذا نزل البلاء تباينوا»  أى تباينوا من خلال التكافل الاجتماعى والمواساة، والمسئولية الملقاة على كاهل أهل الثراء فى ظل ما يعيشه العالم أجمع من بلاء كبير وعظيم،وواجب الوقت يحتم على أهل اليسار أن ينفقوا ما أعطاهم الله ومن عليهم به  ولقد مدح الله أهل الإنفاق والتصدق فى أكثرمن آية فى القرآن الكريم قال تعالى:{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِى كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}،  كما قال تعالى {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} 

وشدد علي أن واجب الوقت الآن يقتضى مساعدة المرضى والمحتاجين ومواساتهم مادياً واجتماعياً، وليس هناك زمن يحتاج الناس فيه للتكافل من هذا الزمان وعلينا فى هذه الأيام العصيبة  تفقد أحوالَ الأهل والجيران والأصدقاء، ومواساتهم بما نقَدَرَ عليه، فإنَّ ثوابَ الصَّدقة عظيم، وثوابها فى وقت الأزمات يكون أعظم،حينما سُئل: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ .. قَال:«أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى..» أى أنَّ أعظم الصَّدقات أجرًا مالٌ يجود به الإنسان  وهو يَرى أنه محتاج له بشدة، ومع هذا فهو يقدمه لمن هو أشد منه حاجة هو يخشى أن يُصيبَه مِن الفَقرِ ما أصابَه، ويرجو الغِنى وزيادةَ المال.. هذه عند الله أعظم الصَّدقات.

واستطرد الشال : إن من شدة حرص النبى على التكافل الاجتماعى بين أفراد المجتمع جعل من تمام الإيمان تفقد حالات المحتاجين الأقربين قال صلى الله عليه وسلم : «مَا آمَنَ بِى مَنْ بَاتَ شَبْعَان وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ»، ولقد جعل النبى الصدقة فى زمن البلاء أحد الأسباب الموصلة لإجابة الدعاء،وزيادة الأرزاق،  قال صلى الله عليه وسلم : «إنَّمَا تُنصَرُونَ وتُرزَقُونَ بِضُعَفَائِكُم»

وأوضح أن كثيرًا منا له عبادة خفية  بينه وبين ربه يجد فيها راحته، فمن الناس من يهرع للصلاة، ومنهم من يجد لذته فى قراءة القرآن، وهناك أناس اختصهم الله من بين الخلق بمساعدة الفقراء والمحتاجين، يجدون لذلك راحة صدر وانشراح قلب وهدوء أعصاب وتيسير أمر، وهؤلاء وجدوا السعادة فى العطف على عباد الله والتزموا بنص الحديث قال ﷺ: «صنائِعُ المعروفِ تَقِى مصارعَ السُّوءِ، و الصدَقةُ خِفْيًا تُطفِئ غضبَ الرَّبِّ»