الإثنين 17 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«شذرات الذهب» لابن عماد الحنبلى..عشرة قرون من تاريخ الإسلام




نعرض اليوم لأحد أهم مصنفات التاريخ الإسلامى المختصرة، وهو كتاب «شذرات الذهب فى أخبار من ذهب»، ألفه الفقيه والمؤرخ ابن العماد الحنبلى، حيث أرخ فى كتابه الألف سنة الأولى من الإسلام، وقد ضم نحو العشرة آلاف ترجمة؛ لفقهاء ومُحدثين وأدباء وشعراء وقراء، وخلفاء ووزراء، وغيرهم، مبتدئا بالسنة الأولى للهجرة فالثانية فالثالثة وهكذا، مبينا فى كل سنة أهم أحداثها، فقدم للمشتغلين بخدمة الحديث النبوى الشريف فوائد قيّمة، كما احتوى على أبيات شعرية كثيرة تشكل بمجموعها ديواناً كبيراً متنوعاً من دواوين الشعر العربى فى أيام عزّه وعلو مكانته، ويعد كتاب شذرات الذهب فى واقع الأمر ملخصا لكتاب «تاريخ الإسلام» للذهبي، وملخصا لكتاب «الدرر الكامنة فى أعيان المائة الثامنة» للحافظ ابن حجر، و«الضوء اللامع لأهل القرن التاسع» للحافظ السخاوي، و«الكواكب السائرة بمناقب أعيان المائة العاشرة» للنجم الغزي، وموجز لما ألف على السنين من تاريخ الطبرى وابن الجوزى وابن كثير، وما ألف على البلاد مثل تاريخ بغداد والشام وقزوين وغيرها، وغير ذلك من المطبوعات والمخطوطات التى انتهت قبل سنةألف هجرية.
 
وقد قال ابن العماد الحنبلى فى مقدمة كتابه: «هذه نبذة جمعتها تذكرة لى ولمن تذكر وعبرة لمن تأمل فيها وتبصر من أخبار من تقدم وصار لمن بعده مثلا سائرا وحديثاً يذكر، جمعتها من أعيان الكتب وكتب الأعيان ممن كان له القدم الراسخ فى هذا الشأن، أردت أن أجعله دفتراً جامعاً لوفيات أعيان الرجال وبعض ما اشتملوا عليه من المآثر والسجايا والخلال، فإن حفظ التاريخ أمر مهم ونفعه من الدين بالضرورة علم، فممن جمعت من كتبهم ونهلت من علمهم مؤرخ الإسلام الذهبى، وفى الأكثر على كتبه اعتمد، ومن مشكاة ما جمع فى مؤلفاته استمد، وبعده من اشتهر فى هذا الشأن كصاحب الكمال والحلية والمنهل وابن خلكان وغير ذلك من الكتب المفيدة والأسفار الجميلة الحميدة وسميته شذرات الذهب فى أخبار من ذهب ورتبته على السنين من هجرة سيد الأولين والآخرين».
 
أما مؤلف الكتاب ابن العماد الحنبلى فهو عبد الحى بن أحمد بن محمد ابن العماد العكرى الحنبلى أبوالفلاح (1032 هـ - 1089 هـ) مؤرخ، فقيه، عالم بالأدب، ولد فى صالحية دمشق، رحل إلى القاهرة وأقام بها مدة طويلة، ثم عاد إلى دمشق ولزم الإفادة والتدريس، وانتفع به كثير من أبناء عصره، توفى حين أدائه فريضة الحج، فدفن فى مكة المكرمة.
 
وقد خلف ابن العماد الحنبلى مصنفات عدة فى علوم مختلفة، منها: «بغية أولى النهى فى شرح المنتهى»، شرح فيه كتاب «منتهى الإرادات فى جمع المقنع مع التنقيح وزيادات» للعلاّمة ابن النجار، و«شرح بديعية ابن حجّة الحموي»، «معطية الأمان من حنث الأيمان» وهو فى الفقه.