الخميس 30 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الرسالة» للإمام الشافعى .. أول كتاب يضم أصول الفقه الإسلامى




نعرض اليوم لأحد أهم وأقدم ما دُون فى أصول الفقه الإسلامى وهو كتاب "الرسالة" للإمام الشافعي، والذى أراد به مؤلفه أن يضع الضوابط التى يلتزم بها الفقيه أو المجتهد لبيان الأحكام الشرعية لكل حديث ومستحدث فى كل عصر، ويقال أن كتاب الرسالة ألفه الشافعى مرتين، ولذلك يعده العلماء فى فهرس مؤلفاته كتابين الرسالة القديمة، والرسالة الجديدة، أما "الرسالة القديمة" فالراجح أنه ألفها فى مكة حين كتب إليه عبد الرحمن بن مهدى أن يضع له كتابا فيه معانى القرآن، ويجمع قبول الأخبار فيه، وحجة الإجماع وبيان الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة، فوضع له كتاب الرسالة، وأرسل الكتاب إلى ابن مهدى مع الحارث بن سريج النقال الخوارزمى ثم البغدادي، وبسبب ذلك سمى النقال، كتاب الرسالة المعروف حالياً هو الكتاب الذى ألفه فى مصر.
 
أما مؤلف الكتاب فهو أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ، فقيه وإمام من أئمة أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الشافعى فى الفقه الإسلامي، ومؤسس علم أصول الفقه، وهو أيضاً إمام فى التفسير وعلم الحديث، وقد عمل قاضياً فعُرف بالعدل والذكاء، وإضافةً إلى العلوم الدينية، كان الشافعى فصيحاً شاعراً ورامياً ماهراً، ورحّالاً مسافراً، أكثرَ العلماءُ من الثناء عليه، حتى قال فيه الإمام أحمد: «كان الشافعى كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس»، وقيل أنه هو إمامُ قريش الذى ذكره النبى صلى الله عليه وسلم بقوله:"عالم قريش يملأ الأرض علماً".
 
وقد ولد الشافعى بغزة عام 150 هـ، وانتقلت به أمُّه إلى مكة وعمره سنتان، فحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين، وحفظ الموطأ وهو ابن عشر سنين، ثم أخذ يطلب العلم فى مكة حتى أُذن له بالفتيا وهو دون العشرين، هاجر الشافعى إلى المدينة المنورة طلباً للعلم عند الإمام مالك بن أنس، ثم ارتحل إلى اليمن وعمل فيها، ثم ارتحل إلى بغداد عام 184 هـ، فطلب العلم فيها عند القاضى محمد بن الحسن الشيباني، وأخذ يدرس المذهب الحنفي، وبذلك اجتمع له فقه أهل الحجاز (المذهب المالكي) وفقه أهل العراق (المذهب الحنفي)، ثم عاد الشافعى إلى مكة وأقام فيها تسع سنوات تقريباً، وأخذ يُلقى دروسه فى الحرم المكي، ثم سافر إلى بغداد للمرة الثانية، فقدِمها عام 195 هـ، وقام بتأليف كتابالرسالة الذى وضع به الأساسَ لعلم أصول الفقه، ثم سافر إلى مصر عام 199 هـ. وفى مصر، أعاد الشافعى تصنيف كتاب الرسالة الذى كتبه للمرة الأولى فى بغداد، كما أخذ ينشر مذهبه الجديد، ويجادل مخالفيه، ويعلِّم طلابَ العلم، حتى توفى فى مصر عام 204 هـ.