الأربعاء 26 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الوحدة الوطنية.. واجب الوقت




نستهل حديثنا عن الوحدة الوطنية بالتأكيد أن الإسلام قد أرسى أصولاً بمقتضاها يتعايش المسلمون مع غير المسلمين فوق أرض واحدة، وتحت سماء واحدة، وفى مجتمع واحد.

 
وكانت هذه الأصول متمثلة فى البر والعدل لقوله قال الله تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون}[الممتحنة:98].
 
ولقد جعل الإسلام هذا التعايش بين أبناء الوطن الواحد قائمًا على المعاملة الحسنة، فعند الحوار أو الجدال لا بد أن يكون الجدال بالتى هى أحسن؛ حتى تظل جسور التواصل والتعاون قائمة، فقال الله تعالى: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذى أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون}[العنكبوت:46]. ومن عظمة هذا الدين أنه أكد على المسلم فى حال استجاره غير المسلم أن يجيره وأن يبلغه مأمنه، وهنا تتجلى عظمة الإسلام فى إرساء أصول التعايش الآمن بين أبناء الوطن الواحد حتى لو اختلفت عقائدهم، حيث قال الله سبحانه وتعالى: {وإن أحدًا من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه}[التوبة:6].
 
وإن من أوجه التعايش فى الإسلام والحث على الوحدة بين أبناء الوطن الواحد أن أباح زواج المسلمين من نساء أهل الكتاب وإباحة طعامهم وإباحة طعام المسلمين لهم كما قال الله تعالى: {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذى أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو فى الآخرة من الخاسرين}[المائدة:5]. لقد حرص النبى صلى الله عليه وسلم فى دولة المدينة ألا يقصى أحدًا، فكانت دولة تتسع للجميع لا فرق بين أحد فالكل سواء، والكل يدافع عن وطنه محققًا أعلى قيمًا للمواطنة والسنة تزخر بالكثير من الأمثلة فى هذا الصدد.
 
وها هو ذا عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما ذبحت له شاة فى أهله، فلما جاء قال: «أهديتم لجارنا اليهودي»، سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: «ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه»، فما يضيرنا لو تمثلنا بقول النبى صلى الله عليه وسلم فى كل معاملتنا مع الآخر شريك الوطن.
 
ولا يفوتنا أن نشير إلى أن الإسلام حث على حماية أموال غير المسلمين وصيانتها، فقد جاء فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم لأهل نجران: «ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة رسوله على أموالهم وملتهم وبيعهم وكل ما تحت يديهم من قليل أو كثير»، هكذا تعامل النبى مع الآخر وهكذا ينبغى أن يكون تعاملنا مع الآخر.