خبراء استراتيجيون وأمنيون وعسكريون : «رابعة والنهضة» يتجهان إلى الفضّ بالقوة
روزاليوسف اليومية
اتفق الخبراء الاستراتيجيون والعسكريون والأمنيون على أن لحظة تنفيذ إخلاء ميدانى رابعة العدوية بمدينة نصر والنهضة بجامعة القاهرة من مؤيدى الرئيس المعزول محمد مرسى أمر بات وشيكا، مؤكدين أن القوات المسلحة لن تطلق رصاصاً حياً على المتظاهرين أثناء الفض ولكنها ستكون وسيلة تأمينية فقط، موضحين أن الشرطة هى المنوطة بفض الاعتصام إعمالا للقانون لأنها الجهة التنفيذية المخولة بذلك، وأن من حق الدولة التعامل بحزم بأسلحتها فى حالة تحول مقرى الاعتصام لبؤر إرهابية، فى الوقت الذى يشيرون فيه عن امتلاك الإخوان المسلمون أسلحة بمقر الاعتصام، ويرفضون فض الاعتصام وإخلاء المنطقة.
اللواء محمد على بلال، قائد القوات المصرية فى حرب الخليج والخبير الاستراتيجى حذر الأطراف المعتدية من غضب القوات المسلحة وقوات الشرطة لأنهما لن يسمحا بالتجاوز، جماعة الإخوان المسلمين تعلم أن الجيش سيرد بقوة على أى استخدامات للعنف من جانبها ضد القوات أو المواطنين على حد سواء.
وأشار «بلال» إلى أن القوات المسلحة ستطلق إنذارا بضرورة إخلاء الميادين وفض الاعتصامات سلميا محددين فترة زمنية محددة للانصياع للنداء، واستبعد اللواء استخدام المركبات والمعدات الثقيلة التى تستخدم فى العمليات الإرهابية مؤكدا أن تسليح القوات قد لا يتعدى استخدام الغازات المسيلة للدموع والعصى وأضاف: «ولازم يكون معاه سلاح حى»، لافتا إلى أن هناك قوات يطلق عليها «القوات الخاصة» وهى فرق للتدخل السريع تابعة للشرطة، وأخرى تابعة للقوات المسلحة سوف تتدخل، لأنها قادرة على إحداث التأثير فى مثل تلك الاعتصامات، وهى مدربة على ذلك جيدا لكى لا تقع المذابح الناتجة عن المواجهة المباشرة مع القوات.
واستطرد «بلال»: يمكن فض الاعتصام نهائيا من خلال 3 أنواع من القوات وهى قوات التدخل السريع التابعة للشرطة وقوات الصاعقة والمظلات التابعة للجيش لأنهم القادرون على التعامل مع العدو خلف الخطوط ومدربون على التعامل مع المدنيين ومعهم خطة التحركات، كما يجب استخدام مضخات وخراطيم المطافى قوية الدفع.
وقال «بلال»: تكمن المشكلة فى إنهاء الاعتصام فى عدم اتفاق الحكومة المصرية على ذلك فكيف يخرج الدكتور محمد البرادعى نائب رئيس الجمهورية ليعلن عن انه فى حالة فض الاعتصام بالقوة سوف يتقدم باستقالته؟ وكيف تقابل مفوضة الاتحاد الأوروبى «كاثرين آشتون» كل مسئول بالحكومة المصرية على حدة؟ مما يعنى عدم وجود رأى موحد للحكومة.
فيما أكد اللواء فؤاد علام، الخبير الأمنى ووكيل جهاز أمن الدولة الأسبق، على أن حكمة القوات المسلحة والداخلية شديدة فى التعامل مع مثل تلك الحالات، من إخلاء المناطق، خاصة فى ظل وجود أعداد كبيرة من الإخوان وأنصارهم مجبرين على البقاء بالاعتصامات، الأمر الذى يحتم على الدولة وضع خطط أساسية وبديلة مناسبة لفض الاعتصام والأخذ فى الاعتبار كافة الاحتمالات الممكنة ليتم إخلاء المنطقة دون خسائر، وإن تطلب الأمر ذلك للضرورة القصوى يتم الإخلاء بأقل عدد ممكن من الضحايا من الجانبين.
ومع ذلك يشدد «علام» على أن القوات قادرة على إخلاء منطقتى «رابعة» و«النهضة» بسرعة فائقة وفى نفس التوقيت، إلا أن الحفاظ على الأرواح فى ظل الأجواء المشحونة والتحريضية هو الدافع لاستخدام المفاوضات.
وقال الدكتور قدرى سعيد الخبير فى الشئون العسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بأن الحوار والمفاوضات بحضور ممثلين لكافة الأطراف هى ضرورة لفض الاعتصامات لأن البديل هو الوقوع فى موجة من العنف والجرائم لا تحمد عقباها من قبل الإخوان المسلمين المسلحة، لأن الحوار هو الحل الأمثل للتعامل مع مثل تلك الجماعة التحريضية التى تتسبب فى مقتل المصريين بشكل شبه يومى فى مناطق عدة.
وفى حالة فشل المفاوضات يشدد الدكتور «سعيد» على أنه لا بديل عن الحل العسكرى المشترك بين الجيش والشرطة وإنذار المعتصمين لترك الميادين خلال فترة محددة، وسيعملون على ذلك فى حالة منحهم الأمان بعدم ملاحقتهم أمنيا أو القبض عليهم بعد إنهاء الاعتصام وعودتهم لبيوتهم لأن الكثيرين منهم يخافون من القبض عليهم واعتقالهم، لذلك يتمسكون بالبقاء فى رابعة العدوية والنهضة.
وأكمل سعيد: فى حالة استمرار تعنتهم وإصرارهم على عدم المغادرة فإنه لا بديل عن استخدام القوة من جانب الدولة، معتبرا أن مجموعات بعينها هى من سترفض الإخلاء وهم المحرضون على العنف والبقاء من أجل مصالح خاصة حيث اشترطوا لإتمام المصالحة الوطنية التى بادرت بها بعض القوى السياسية الإفراج عن المحبوسين من جماعة الإخوان المسلمين والرئيس السابق محمد مرسى فى الوقت الذى تمت ملاحقته لاتهامه فى قضايا تخابر وعنف وتحريض وهروب من السجون وغيرها من الاتهامات التى تعد كلها خروجا على القانون».
وعن الإجراءات والقوانين الحاكمة لمثل تلك المرحلة قال سعيد «إن قانون الطوارئ صُنع لمثل تلك اللحظات الاستثنائية وفى أماكن التوترات فقط».
ويتفق اللواء نبيل فؤاد مساعد وزير الدفاع الأسبق والخبير العسكرى مع ما سبق ولكن بضوابط حيث يرى فؤاد أن القانون يمنح المواطن حق التظاهر السلمي، وأنه ليس من حق الدولة فض اعتصامهم بالقوة، ولذلك لا بديل عن السلمية والاعتماد على أصحاب العقول الحكيمة والمقبولة لدى كافة الأطراف والتى تقوم بتوعية المعتصمين بخطورة استمرار الاعتصام على هذا النحو على حياة المواطنين وأمنهم وعلى الاقتصاد القومي، وأنه يجب فض الاعتصام وعودة المعتصمين إلى بيوتهم وأشغالهم.
وواصل «فؤاد» يجب فض الاعتصام فى حالة أن يقضى القانون بذلك وتنفيذ قرارات الضبط والإحضار لقيادات الإخوان وأعوانهم فى التهم الموجهة إليهم، أو البت فى بلاغات سكان «رابعة» للنيابة العامة بضرورة إخلاء المنطقة لتضررهم البالغ وافتقادهم الأمان وإزعاجهم من قبل المعتصمين، وفى هذه الحالة يكون فض الاعتصام مسئولية مباشرة لوزارة الداخلية إعمالا للقانون وهى الجهة المسئولة عن تطبيقه».
ولا يستبعد اللواء رفعت عبدالحميد الخبير الأمنى، فض الاعتصام خلال الساعات المقبلة لكنه لم يحدد ساعة الصفر بعد، فمثل هذه المعلومات تكون سرية للغاية خاصة فى ظل وجود الطرف الآخر الذى يتسم بالعنف ويحمل العديد من أنواع الأسلحة وفى ظل التحريض الذى يواجهونه من قيادات الإخوان، وبعد اتخاذ القرار بذلك لابد من توافر عدة إجراءات أو خطوات منها أنه سوف تطوق قوات الشرطة والجيش معاً مقر الاعتصام وتطلب من المعتصمين إخلاء الميدان والمنطقة سلمياً، وتحدد لذلك مدة معينة تعلنها للجميع خلال ساعات تكون خلالها قد جهزت للعوامل المساعدة للإخلاء منها مثلا توفير مواصلات للمعتصمين لتقلهم إلى محافظاتهم ومساكنهم.
بعد انقضاء المهلة المحددة وإصرار المعتصمين على البقاء ومواجهة القوات تضطر الشرطة لإطلاق الغازات المسيلة للدموع كخطوة أولى، وهنا قد تستخدم خراطيم المياء فى ميدان النهضة وفض الاعتصام كما حدث فى ميدان التحرير وقت إدارة المجلس العسكرى لشئون البلاد، ولكن فى حالة رابعة العدوية تستخدم المياه بحذر شديد وقد يكون هذا الحل بعيدا نظرا لوجود أكشاك وكابلات كهربائية فى الشوارع هوائية وأرضية قد تسبب المياه إحداث صواعق كهربائية بالمنطقة كلها وتودى بحياة المواطنين».
واستبعد «عبدالحميد» استخدام القوات الأسلحة فى الاشتباك مع المعتصمين إلا فى حالة وقوع خطر داهم على المواطنين أو المنشآت الحيوية، بمعنى استخدام الإخوان للأسلحة المباشرة مع المواطنين أو القوات ما يعنى تحول المنطقة لبؤرة إرهابية تهدد الأمن القومى والمصري، وهنا يجيز القانون المصرى والقوانين الدولية بردع المتمردين بالسلاح.
أما الدكتور أحمد عبد الحليم، خبير وأستاذ العلوم العسكرية والاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية، اعتبر اعتصام رابعة العدوية ما هو إلا قطع طريق تقوم به عصابات، يؤدى إلى ضرر بالغ يصيب سكان المنطقة الذين تقدموا ببلاغات جماعية للنيابة، فى الوقت الذى ينظم فيه الإخوان مسيرات يومية لأماكن حيوية متعددة كوزارة الدفاع والحرس الجمهورى والأمن الوطنى مشيرا إلى أن القوات المسلحة لن تسمح باستمرار ذلك.
وعن سيناريو فض الاعتصام يرى «عبد الحليم» أن الشرطة والجيش سيكونان يدا واحدة، وسيكون القانون منيرا لطريقهما، لافتا إلى انقسام المعتصمين لفريقين الأول يرى ضرورة إنهاء الاعتصام وأنه لا داعى للاستمرار فى المهزلة الراهنة، والثانى وهم المحرضون المتهمون فى قضايا متعددة وأصحاب المصالح ويرون أنه لا بديل عن استمرار الاعتصام، وهؤلاء سوف يطأون بأقدامهم كل غالٍ ونفيس فى مقابل تحقيق أهدافهم، ونأمل أن يحمى الله دماء المصريين وعدم إراقتها سواء كانت من الإخوان أو من القوات أو أهالى المنطقة أنفسهم.