طارق مرسى
مقام العندليب فى المهرجان الدولى للتخييم والفنون
«مانقولش إيه إدتنا مصر ونقول حندى إيه لمصر
يا حبايب مصر حبايبنا».
رائعة «عليا التونسية» التى قدمتها عندما رست موهبتها فى محطة مصر، وهى أصدق تعبير أيضًا لمشاعر الأشقاء هنا فى تونس الخضرا ،الذين يعشقون كل ما هو مصرى، وعربى عمومًا فعلًا وصدقًا.
أقول قولى هذا، وإليكم الأنباء بالتفصيل من منزل جميل الشهير، فى أطراف بنزرت من مقر المهرجان الدولى للتخييم ، والفنون فى دورته التأسيسية، وهو أول مهرجان من نوعه يقام وسط الرمال فى العالم العربى، والذى ترعاه وزيرة الشئون الثقافية «حياة قطاط القرمازى» وترأسه الإعلامية «نادية المنصورى».
ولأن الجواب كما يقال يبان من عنوانه ؛فقد رسمت فعاليات استقبال ضيوف المهرجان بروفة رائعة لكل هذا الحب فى جولة ليلية فى منزل جميل جمعت نجوم الغناء من ضيوف المهرجان على رمال بنزرت ،وحدائقه القريب من مقر الإقامة وتبارى الفنانين وهم: المطربة الكبيرة أمينة قراجة ،والمطربة القديرة سلمى ،وهما من الجزائر الشقيق ومعهم من مصر سعيد عثمان فى غناء روائع الغناء المصرى وسط تظاهرة لشاب تونسي من «سواح» و«جانا الهوى» إلى «اكدب عليك» و”الوداع” و”عيون القلب” و”أما براوه” و”إنت وبس اللى حبيبى” و”ع اللى جرا “وبلاش تفارق” وغيرها من الأغنيات الشهيرة لعندليب الغناء عبدالحليم حافظ ،وأميرة الغناء العربى وردة، والساحرة نجات وكروان الشرق فايزة أحمد ،وفى الصباح يستيقظ الضيوف على صوت سيدة الغناء العربى بأغنية “ياصباح الخير ياللى معانا”.
أما التجلى الأعظم لهذا العشق المصرى فكان فى حفل الافتتاح الرسمى، والذى يحمل عنوان “سهرة الحلم العربى” شارك فى إحيائه ملك الأورج الفنان الكبير مجدى الحسينى الابن البار لعبدالحليم حافظ، ومطرب الأوبرا سعيد عثمان.. أما عن ظهور النجم الأول “ملك الأورج” فقد خرج ؛ليليق بتاريخه وقيمته الكبيرة وتنوعت وسائل الحفاوة بمجرد صعوده على المسرح من الجمهور، وترجم هذا الظهور المايسترو العملاق عبد الرحمن العيادى الذى قال: استمتعوا بإبداع هذا الفنان الأعجوبة..مجدى الحسينى فى مشهد يحدث لأول مرة حاصره الجمهور بينما هو يقف أمام أورجه ؛ليعزف موسيقى أغنية “فاتت جنبنا” لعبد الحليم حافظ وسط انبهار جماهير حفل الافتتاح، ويستكمل مطرب الأوبرا سعيد عثمان سيمفونية عبد الحليم معشوق تونس بتقديم عدد من أغنيات العندليب ؛التى اشتهر بتقديمها منها “جانا الهوى وسواح وقارئة الفنجان” حتى أطُلق عليه عندليب مصر، لإخلاصه فى تقديم روائعه بصدق وحب كبيرين، وتكتمل الحالة الغنائية بصوت المطرب التونسى العملاق “عدنان الشواشى” ،الذى قدم عددًا من أشهر أغنياته بينما قدمت أمينة الجزائرية “جادك الغيث” من التراث الأندلسى، و”يا ليل الصب”، و”وهران وهران “للمطرب الجزائرى بلاوى الهوارى فى حين قدمت سلمى باقة من روائع المطربة وردة.
[لعبدالحليم حافظ مقام رفيع داخل الشقيقة تونس، الذى كراماته قلب الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة وامتد ليشمل الشارع التونسى، وعابرًا لكل الأجيال، وحليم هو المطرب المصرى الوحيد، الذى أطلق عشاقه هنا بتونس اسمه رسميًا على أحد شوارعها بعد جهود فردية كبيرة قامت بها السيدة “وسيلة غلاب “ إحدى عاشقات صوت العندليب، والتى لا تتخلف عن زيارة قبره فى ذكرى وفاته سنويًا.
فعاليات”المهرجان الدولى للتخييم والفنون” الفريد من نوعه والوليد، والمبشر فى دورته التأسيسية الأولى، والذى ضم ضيوفًا من أنحاء الوطن العربى بعد جهود كبيرة، لرئيسته الإعلامية “نادية المنصورى” يعكس اهتمام الدولة التونسية بالتظاهرات الفنية، حتى سجلت رقمًا قياسيًا فى عدد إقامة المهرجانات سنويًا فى أنحاء تونس بين دول العالم العربى، والمهرجان الواعد يهدف إلى الحفاظ على الهوية التونسية، وتعميق البعد التاريخى، والحفاظ على الطبيعة، التى خلقها الله والبيئة والتراث، وترسم فعالياته ملامح شخصيته المستقلة، سواء من خلال المعارض، التى تهتم بالمنتجات، التى تحمل شعار “صنع فى تونس” ،وأيضًا رياضات المنتجعات والشواطئ فى قلب رمال بنزرت درة ،وعروس تونس فضلًا عن إقامة ورش للشباب، ومعارض مستلزمات التخييم والفروسية والغوص، إلى جانب إقامة ندوات تناقش قضايا مهمة تدخل فى صميم رسائل المهرجان وتترجم أهدافه لعل أبرزها ندوة “الأرض الخضراء للجميع “وندوة “مقاييس إسناد الجوائز العالمية للأدب العربى “والجدل القائم حول إسناد جائزة البوكر العربية لرواية الكاتب الليبى محمد النعاس التى حملت عنوان”خبز على طاولة الخال ميلاد”، وافتتحت الندوة بتفصيلٍ سردى لفكرة الجائزة نفسهاـ من حيث إنها منذ البداية (حسب وجهة نظره) كانت جائزة مريبة، كما غيرها من الجوائز التى أصبحت محل شبهة؛ لارتباطها بالعديد من الأجندات ،والأهداف والنوايا التى تحتاج إلى المزيد من لفت الانتباه والحذر، وتحدث الإعلامى “على عمر جابر” من ليبيا، وهو صاحب دار نشر الجابر، ورئيس تحرير صحيفة الديوان، التى تصدر عن مؤسسة الخدمات الإعلامية، وتكلم فيها بإسهابٍ حول موضوع المعايير الخاصة بالجوائز، ثم بدأ فى استعراض المناخ العام ،الذى أحاط بهذه الرواية بالتحديد قبل فوزها بالجائزة، وبعد الفوز أيضًا، ولماذا أصبحت محل رفض بعد أن كانت فى البداية محل ترحيب، وما هى المعايير التى اعتمدتها ردود الأفعال الرافضة، وتلك التى أيدت فى البداية، وشهدت الندوة مداخلة مهمة للأديب والروائى “الصديق بودوارة المغربى” رئيس تحرير مجلة الليبى الثقافية، التى تصدر عن مؤسسة الخدمات الإعلامية، وفيها استعرض بالتفصيل بما أسماه الكاتب بسيرة علامات الاستفهام الطويلة متخذًا من جائزة نوبل مدخلًا للحديث فى نهاية المطاف عن جائزة البوكر العربية، وعن الرواية الفائزة بالذات كشف الصديق بودوارة أن سؤال المعايير ينقلنا من علامة استفهام إلى أخرى، بدايةً بكبرى الجوائز العالمية نهاية بجائزة البوكر العربية، كما أوضح أن السر فى ردود الأفعال العنيفة تجاه الرواية الفائزة ؛ناتجة عن كونها رواية صادمة على عدن مستويات، هذه الندوة التى تلخص أهم رسائل المهرجان، التى تهدف إلى الحفاظ على وحدة الشخصية العربية، والتاريخ المشترك، وتجديد الحب لأم الدنيا مصر كما قالت المطربة التونسية “عليا” من كلمات مصطفى الضمرانى الكبير ولحن العملاق حلمى بكر:
مصر الحياة مصر الأمل
مصر الشهامة والعمل
على صدرها نمنا على حسها قومنا
وبشمسها الحلوة نورنا أيامنا
وفى حضنها دفينا وفى ضلها مشينا
وقلوبنا لو عطشت نيلها بيروينا.