الأحد 6 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بينها اللوار وكولورادو.. جفاف 6 أنهار فى العالم

التغيرات المناخية تهدد البشرية

أسفرت التغيرات المناخية التى يشهدها العالم عن نقص كبير فى معدل هطول الأمطار، ما تسبب فى موجات من الحر الشديدة أدت إلى جفاف بعض الأنهار، بالإضافة إلى خلق معاناة لسكان كوكب الأرض فى طعامهم وشرابهم أو حتى استخدام هذه الأنهار لشحن بضائعهم، وفقًا لشبكة «سى إن إن» الأمريكية.



ونقل تقرير شبكة «سى إن إن» بعض الصور الفضائية التى تكشف جفاف 6 أنهار فى العالم، بينها نهر اللوار أطول أنهار فرنسا، الذى يعد نموجًا واقعيًا لما أحدثته التغيرات المناخية.

يبحث العديد من مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى، مؤخرًا، عن أسباب جفاف أنهار أوروبا، إذ أن أسباب جفاف أنهار أوروبا، يعود إلى عدة عوامل متأثرة بالمناخ، إذ إنّ التغيرات المناخية الكبيرة التى تشهدها عدد من الدول الأوروبية، يجعل مثل هذه الأزمات أكثر توترًا، خاصة مع الارتفاع القياسى فى درجات الحرارة، وفق ما ذكرته صحيفة «الجارديان» البريطانية، وموقع «سى إن إن» الأمريكية.

وترجع أسباب جفاف أنهار أوروبا إلى النقص الشديد وغير المعتاد فى هطول الأمطار، وموجات الحر الشديدة التى سامهت بشكل كبير فى تجفيف الأنهار فى الولايات المتحدة، وأوروبا وآسيا، والشرق الأوسط، وتقلص الكثير من حيث الطول والعرض، وأصبحت بعض الأنهار جافة جدًا.

وتؤدى أزمة المناخ التى يسببها الإنسان إلى تأجيج الأحوال الجوية القاسية فى جميع أنحاء العالم، والتى لا تؤثر فقط على الأنهار، لكن تؤثر على الأشخاص الذين يعتمدون عليها، إذ يعتمد معظم سكان الكوكب على الأنهار بطريقة ما، سواء لمياه الشرب أو لرى الطعام أو للحصول على الطاقة أو لشحن البضائع. 

وتواجه إسبانيا أسوأ موجة جفاف لها على الإطلاق، حيث تشير الأبحاث إلى أن شبه الجزيرة الأيبيرية قد تكون الأكثر جفافاً منذ أكثر من 1000 عام، وقد أدى الجفاف إلى ظهور دائرة حجرية من عصور ما قبل التاريخ أُطلق عليها اسم «ستونهنج الإسبانية»، والتى كانت مرئية بالكامل 4 مرات فقط منذ عام 1963.

وقال دانيال سوين عالم المناخ بجامعة كاليفورنيا فى لوس أنجلوس: «إنه مزيج من عدد من العوامل التى أدت إلى هذا الحدث المتطرف بشكل خاص، ولكن من الواضح أن هناك دوراً للتغير المناخى، ما زاد من احتمال حدوث الكثير من موجات الحرارة الكامنة التى تجاوزت الأرقام القياسية، والتى فى بعض الحالات حطمت الأرقام القياسية تحطيماً، بشكل كبير».

من جانبها، قالت إيسلا سيمبسون العالمة فى المركز الوطنى لأبحاث الغلاف الجوى فى بولدر بولاية كولورادو، إن ارتفاع درجات حرارة الأرض يعنى أن ثلوجاً أقل ستتساقط على سلاسل الجبال، ما يعنى تدفق كميات أقل من المياه إلى الجداول فى الصيف أثناء ذوبان الثلج.

 

«ظواهر نادرة»

يبرد المحيط الهادئ الاستوائى بسبب ظاهرة لا نينا التى تسبّب اضطرابات فى أنماط الطقس العالمية، ما يؤدى إلى هطول أمطار غزيرة فى بعض المناطق وجفاف مناطق أخرى. يشهد العالم الحدث الثانى على التوالى من لا نينا وترتفع احتمالات أن يشهد عام 2023 حدثاً آخر.

وقال ريتشارد سيجر أستاذ الأبحاث فى مرصد لامونت دوهرتى للأرض بجامعة كولومبيا: «يربط حدث لا نينا المستمر والقوى بين موجات الجفاف وانخفاض تدفق الأنهار فى أميركا الشمالية وأوروبا والشرق الأوسط ونصف الكرة الجنوبي».

تعنى درجات الحرارة الأكثر سخونة فى العالم أيضاً أن الممرات المائية تتبخّر فعلياً. أو كما يقول سيغر، فإن الغلاف الجوى الدافئ «يمتص المزيد من الرطوبة من سطح الأرض».

 

«التأثير الاقتصادى»

وتعتبر الأنهار، كنوزا اقتصادية متدفقة يستفيد منها العالم، لكن ذلك المورد المائى الاستراتيجى مهدد بالجفاف وينذر بكارثة عاصفة فى قارات متفرقة.

قد يعيد ارتفاع عدد حالات الجفاف بنسبة ٢٩% مقارنة بسنة ٢٠٠٠، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، العالم إلى التحذيرات التى أطلقتها دراسة لمنظمة «كرستيان أيد»، فى نوفمبر الماضي، من التأثيرات الكارثية للتغير المناخي، على ٦٥ دولة على الأقل، كما يعطى أهمية مضاعفة للدورة السابعة والعشرين من مؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، كوب ٢٧، التى تستضيفها شرم الشيخ فى نوفمبر المقبل.

لم تترك أزمة التغير المناخى جزءًا فى العالم إلا وطالته، وباتت الآن تهدد شرايين المياه فى أوروبا، بعد أن سجلت القارة العجوز درجات حرارة قياسية، تسببت فى تبخر مياه أنهارها الكبيرة، كما تهدد بتبخير نحو 80 مليار دولار من اقتصاد الاتحاد الأوروبى.

وتشهد قارة أوروبا أسوأ موجة جفاف قال العلماء إنها لم تحدث فى القارة العجوز منذ نحو 500 عام.

ويأتى ذلك بدافع الانهيار المناخي، وأدى فصل الشتاء والربيع الجافان بشكل غير عادى، متبوعَين بدرجات حرارة قياسية فى الصيف وموجات حر متكررة، إلى نقص تجديد الممرات المائية الأساسية فى أوروبا وزيادة سخونتها بشكل متزايد.

ويسبب الجفاف اضطرابات قوية فى حركة التجارة عبر الأنهار، والتى تعد عنصرًا مهمًا للنقل بين الدول الأوروبية، وهذا يحدث، بعد أربعة سنوات فقط من توقف مشابه لحركة النقل التاريخية عبر نهر الراين الشهير، لتراجع منسوب المياه فيه خلال 2018، مما يزيد الضغوط على الاتحاد الأوروبى لدعم قطاعات النقل، فى وقت يواجه فيه الاتحاد العديد من التحديات بسبب أزمة أوكرانيا ونقص الغاز وغيرها.

وتساهم حركة النقل النهرى بنحو 80 مليار دولار فى اقتصاد منطقة اليورو، بحسب بيانات هيئة «يوروستات»، وهو مبلغ قد تفقده ميزانية دول الاتحاد الأوروبى إذا ما توقفت حركة النقل عبر الأنهار والقنوات المائية بالمنطقة.

وتشير التوقعات، والتى تفترض استمرار الظروف السيئة، إلى أن اقتصاد منطقة اليورو قد يفقد نحو 5 مليارات دولار بسبب الأضرار التى تمنع حركة التجارة عبر نهر الراين حاليًا.

وأصبحت قدرة الدول الأوروبية على استخدام النقل النهرى محدودة بشكل كبير، خاصة فى ظل قلة الأمطار، ما يتسبب فى زيادة تكلفة بدائل النقل الأخرى بشكل كبير، ففى يوم واحد، ارتفعت أسعار الشحن بنحو 30%.

وتأتى المفارقة، أن أوروبا كانت تنوى الاعتماد بشكل كبير على الممرات المائية كجزء من جهودها لمكافحة التغير المناخى وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، إذ كانت تستهدف المفوضية الأوروبية زيادة النقل عبر الممرات المائية بنحو 25% بحلول 2030.

ويحتل الاتحاد الأوروبى المركز الثالث بنسبة 7.52% بين أكبر 10 كيانات مسببة للانبعاثات الحرارية فى العالم، بعد الصين المسئولة عن 26.1% من الانبعاثات العالمية، ثم الولايات المتحدة التى تساهم بنسبة 12.67% ثم الهند رابعًا بنسبة 7.08%.

 

«الجفاف فى أمريكا والصين»

ولم تقتصر أزمة جفاف الأنهار على أوروبا، فنهر كولورادو فى الولايات المتحدة والذى ينبع من جبال الروكى ويوفر المياه لولايات الغرب الأمريكى ويصب فى المكسيك، يعانى هو الآخر من تراجع حاد فى مستوى مياهه.

ويعتمد على مياه نهر كولورادو الرئيسية فى جنوب غرب الولايات المتحدة الأمريكية؛ نحو 40 مليون شخص فى المكسيك و7 ولايات مختلفة للشرب والزراعة والكهرباء.

وينذر تراجع المستوى بفتح صراع غريب على تقاسم مياهه بين عدة ولايات فى الغرب الأمريكى، إذ أعلن مكتب الاستصلاح الأمريكى أن ممثلى ولايات «آريزونا، وكاليفورنيا، وكولورادو، ونيفادا، ونيو مكسيكو، ويوتا، ووايومنغ»، فشلوا فى التوصل إلى اتفاق حول كيفية خفض استخدامهم للمياه بنسبة 15 بالمئة على الأقل.

وفى الصين التى يزيد عدد سكانها على مليار و400 مليون نسمة، يثير الجفاف الذى ضرب 66 نهرًا فى 34 مقاطعة بمنطقة تشونجتشينج (جنوب غرب)، مخاوف إمدادات السلع بين المقاطعات، حسب التلفزيون الرسمي.

فنهر اليانغتسي، أطول أنهار الصين وثالث أطول نهر فى العالم لم يسلم من ارتفاع درجات الحرارة والجفاف الذى يطول أجزاء واسعة من البلاد.

ووفقًا لبيانات أصدرتها وزارة الطوارئ الصينية خلال الأسبوع الثالث من أغسطس الجاري، فقد أدى ارتفاع درجات الحرارة، فى شهر يوليو، وحده، إلى خسائر اقتصادية مباشرة بلغت قيمتها ٤٠٠ مليون دولار.

ومن مظاهر هذا الجفاف، تقلص بحيرة بويانج إلى ربع حجمها لهذا الوقت، وأهميتها تكمن فى أنها أحد أحواض الفيضان المهمة لنهر اليانجتسى، وفق وكالة «شينخوا».

ويقطع هذا النهر الصين عرضيا ليصب فى بحر الصين الشرقى، ونضوبه يعنى أن أكبر بلد من حيث السكان مهدد بالجوع، ما سيخلق طلبا غير مسبوق على إمدادات الغذاء فى العالم. 

وتثير الانقطاعات الحالية تساؤلات طويلة الأجل حول اعتماد الصين على الطاقة الكهرومائية، وهى أكبر مصدر للطاقة النظيفة فى البلاد، حيث مثلت نحو 18% من مصادر توليد الكهرباء فى 2020، وفقاً لـ«بلومبرج لأبحاث تمويل الطاقة المتجددة».

وأغلقت شركتا «تويوتا موتورز» (Toyota Motor Corp)  و«كونتيمبورارى أمبيريكس تكنولوجيز» (Contemporary Amperex Technology Co) أكبر شركة لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية فى العالم مصانعهما.