الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

موضة صديقة للبيئة

مبادرات بـــــ COP27 لإنتاج ملابس من المخلفات بخامات غير ملوثة للبيئة

تتنوع صيحات الموضة يومًا بعد الآخر من حيث الألوان والموديلات تعود يومًا إلى موديلات الأربعينيات وتصعد تارة أخرى إلى حيوية السبعينيات بما فيها من ألوان مبهرة ونقوش جذابة، ومع بداية كل فصل تتغير الموديلات ويسارع الناس على اختلاف أعمارهم لاتباع الموضة، لكن هل فكرت يومًا أن الموضة السريعة ملوثة للبيئة؟ وتؤثر على تغير المناخ، وأن شراء كميات كبيرة من الملابس التى تكتظ بها الدواليب ومن ثم التخلص بشكل غير آمن يعتبر عبئًا بيئيًا لا سيما وأنها غير قابلة للتحلل..  «روزاليوسف» تعرض الأمر بالتفصيل من خلال تجارب رائدة لمصنع ملابس ومبادرة لنشر الموضة المستدامة؛ وهو واحد من العناصر الهامة التى تعرضها مصر ممثلة فى وزارة البيئة فى المنطقة الخضراء من المؤتمر؛ وهى المنطقة الخاصة بالدولة المضيفة والتى تنظم فيها فعاليات وعروض تقدم حلولًا بيئية وتضم عدة مبادرات ناشئة، منها «جرين فاشون» والتى تشارك فى مؤتمر المناخ والقادم وتجربتهم نعرضها فى السطور التالية.



الموضة المستدامة 

هدير شلبى واحدة من مؤسسى مبادرة «جرين فاشون» للتوعية بالموضة المستدامة؛ أى الملابس التى يتم إنتاجها من خامات قابلة للتحلل فى البيئة وفى نفس الوقت تصنع من مخلفات مصانع الملابس وتكون من خامات ناعمة، وتهدف المبادرة أيضًا للتوعية بتقليل وتيرة التخلص من الملابس واستخدامها لأطول فترة ممكنة والتخلص الآمن منها.

تقول هدير شلبى لـ«روزاليوسف» إن الفكرة بدأت من قريتها «بلمشط» التابعة لمركز منوف فى محافظة المنوفية، حيث لاحظت أن عدداً من سيدات القرية يسافرن يوميًا للعمل فى مصانع إنتاج النسيج والملابس فى مدينة السادات، ويعانين من مشاكل أسرية نتيجة تغيبهن عن منازلهم لفترات طويلة فضلًا عن الأجر غير مجزٍ ويضيع غالبيته فى الإنفاق على المواصلات، هذا بخلاف ما تنتجه هذه المصانع من مخلفات غير قابلة للتحلل ومضرة للبيئة، إضافة إلى ما تنتجه الورش غير المخططة؛ من هنا كانت الفكرة لإطلاق مشروع يضم ورشًا لتشغيل السيدات لإنتاج ملابس صديقة للبيئة وذلك فى نفس مكان معيشتهن بالتالى لا يستخدمن المواصلات مما يقلل من الانبعاثات الكربونية، وفى نفس الوقت تكون ملابس مواكبة لصيحات الموضة.

ملابس صديقة للبيئة

أسست هدير شلبى مشروع جرين فاشون بالشراكة مع أمجد مصطفى وأميرة سنبل، وهم من المهتمين بموضوعات البيئة ومواجهة تغير المناخ وتقليل الانبعاثات الكربونية، لا سيما وأن الملابس تعتبر ثانى أكبر ملوث للبيئة بعد مصانع الطاقة، المنتجة للمشتقات البترولية، وأشارت هدير شلبى إلى أن الملابس تعتبر من النفايات غير القابلة للتحلل بسهولة فى التربة؛ ما يؤثر عليها ويؤدى لارتفاع درجات الحرارة، علاوة على وجود إنبعاثات كربونية غير مرغوب فيها.

وأضافت مؤسسة مبادرة «جرين فاشون» أن مراحل تصنيع الملابس والموضة السريعة المتغيرة باستمرار، بها تفاصيل كثيرة مضره، بداية من الضرر بصحة العامل وانبعاثات الكربون، بخلاف المواد الضاره المستخدمة فى صناعة ألياف النسيج وهكذا، تكمل قائلة:«وهو ما دفعنا للحماس لفكرة لها مردود بيئى واجتماعي؛ لأننا نقدم منتج من المخلفات نعيد تدويرها، ونواجه ثقافة التخلص من الملابس بطريقة غير آمنة».

كما لفتت هدير شلبى إلى استخدام «جرين فاشون» ماكينات تدار بواسطة الطاقة الشمسية؛ ما يقلل انبعاث الكربون لأنها طاقة نظيفة غير ملوثة للبيئة، وقالت: «كما أن الخامات المستخدمة فى التصنيع من المخلفات ويتم إحضارها من جهات قريبة من مقر عملنا؛ بالتالى نقلل من انبعاثات الكربون، ولا نستخدم أى كيماويات؛ حيث نختار مخلفات من القطن والخامات الناعمة؛ وهو ما يلقى القبول لدى المستهلكين ويكون مطلوباً منهم أيضًا، علاوة على أن الأصباغ المستخدمة كلها طبيعية، وحاليًا نسجل براءة اختراع لفكرة استخدام منتج قابل للتحلل فى التربة بعد التخلص منه، كما أن خامات بواقى تصنيع للمصانع الكبيرة التى نتعامل معها لا تستخدم مواد كيماوية ولا ألياف صناعية، بل كلها خامات قطنية». 

توعية طلاب الجامعات ومصممى الأزياء

تشارك مبادرة «جرين فاشون فى مؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية تغير المناخ القادم  COP27 المنعقد فى مدينة شرم الشيخ فى بداية شهر نوفمبر القادم وذلك تحت منصة أكاديمية البحث العلمى فى المنطقة الخضراء.

شاركت مبادرة «جرين فاشون» فى عدة معارض وحصلت على الاعتماد من عدة جهات، كأفضل مشروع بيئى ناشئ له أثر إيجابى على المجتمع، ويوجد مشاهير شجعوا الفكرة بارتداء منتجاتهم والتوعية بالفكرة منهم المذيعة دعاء فاروق وبعض المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي.

حاليًا تعمل «جرين فاشون» على تنظيم حملات لنشر الوعى داخل الجامعات وبين مصممى الأزياء للتوعية بالموضة المستدامة وخطورة الموضة السريعة، من حيث خامات الملابس وإعادة تدوير المخلفات فضلًا عن ارتداء الملابس لفترة أطول وإعادة تدويرها، والتخلص الآمن منها.

كيفية التحويل للموضة المستدامة

على مستوى التصنيع «روزاليوسف» تواصلت مع بولس مسعود صاحب أحد المصانع الخاصة لإنتاج الملابس، وذلك لعرض تجربته المميزة فى إنتاج ملابس صديقة للبيئة، والذى قال إنه فى العموم لا يوجد معايير لإنتاج ملابس صديقة للبيئة، ولكن يوجد أقمشة تنتج من خامات تم تصنيعها بتكنولوجيا لا تستخدم كميات كبيرة من المياه أو المبيدات أو الأصباغ؛ بالتالى تتحلل فى الطبيعة، وأكمل حديثه قائلًا إنه بواسطة هذه الأقمشة يتم تصنيع نوعيات من الملابس، التى تكون صديقة للبيئة بحسب معايير المواصفات الدولية منها مثل الأيزو 14001 لسنة  2015 والمتعلقة بالتوافق البيئي، ولأن شركته حاصلة على هذه الشهادة؛ لذلك تلتزم بتنفيذ الإجراءات التى تم تقييمنا على أساسها، وهى التخلص من مخلفات العملية الإنتاجية بشكل آمن للبيئة. 

يكمل بولس مسعود حديثه لـ«روزاليوسف» قائلًا: على سبيل المثال فى حالة تصنيع الملابس يتم التخلص من بقايا عمليات القص والتشغيل بعدة طرق، منها بالنسبة للقطع الكبيرة يتم تصميم منتجات تتناسب مع حجم هذه القطع أو تنفيذ موديلات خاصة تستخدم فيها القطع الصغيرة؛ ما يسمى بإعادة التدوير داخليًا.

أضاف مسعود أنه بالنسبة لقطع الملابس الأصغر حجمًا يمكن عمل منتجات مثل السجاد اليدوى و شنط البحر التى تلقى رواجًا لدى محبى المشغولات اليدوية بصفة خاصة، لكن لا يمكن استغلال هذه القطع بالكامل لإرتفاع التكلفة، لذلك يتم التخلص من الفضلات بطريقتين: إما التبرع لإحدى الجمعيات المختصة بخدمة البيئة؛ والتى تقوم بإنتاج منتجات فى المجتمعات التى تقدم فيها نشاطها، أو بالبيع لشركات تقوم بعملية فرم البقايا، وإعادة تحويلها إلى خيوط سميكة تستخدم فى إنتاج بعض أنواع السجاد.

ملابس من المخلفات البلاستيكية   أضاف أن شركته تقوم فى الآونة الأخيرة بالتعاون مع شركات دولية لإنتاج ملابس من المخلفات البلاستيكية، فعلى سبيل المثال تنتج هذه الشركات أقمشة من بقايا الزجاجات البلاستيكية الملقاه فى المحيطات والبحار، وتعرف هذه التقنية باسم» RPET»، وهى تخضع لرقابة دولية ولها شهادات خاصة، كما يمكن تتبع الأثر الكربونى من خلال رمز خاص QR code مثبّت على كل قطعة ملابس مما يمكن المستخدم من معرفة كمية الزجاجات المستخدمة فى إنتاج هذه القطعة وهو ما يحقق عدة أهداف أبرزها شعور المستخدم بمساهمته  فى تقليل الإنبعاثات الكربونية المستخدمة فى إنتاج الملابس وزيادة وعيه بأهمية دوره نحو بيئته، وأيضًا التخلص الآمن من المخلفات البلاستيكات الضارة للبيئة البحرية.

ولفت بولس مسعود إلى أن الحفاظ على سلامة البيئة يعتبر أحد الاشتراطات التصديرية الهامة لدول العالم، حيث تضع الكثير من الدول هذا الشرط كمعيار أساسى للتصدير لها، و تطلب الحصول على شهادات تضمن معرفة الإدارة بمتطلبات ومعايير الجودة والصحة المهنية وكذلك سلامة البيئة.

ويؤكد المهندس بولس مسعود على أهمية نشر ثقافة احترام البيئة؛ لما له من أثر كبير على الأجيال القادمة، و نشر الوعى بهذا الأثر وأهميته  بالإضافة إلى التأكيد على العائد الاقتصادى المباشر لنمو أعمال الشركات فى مجالات غير تقليدية.

كما أشار إلى أهمية دور الدولة عبر وضع معايير ملزمة لسلامة البيئة والحفاظ عليها، وأيضًا يمكن تنظيم جوائز للشركات المبادِرة فى الحفاظ على البيئة والإعلان عنها لتكون نموذج لباقى المجتمع الصناعي.