الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

انتهاء الأزمة فى البرازيل والرئيس يعود للحكم

البداية



 

بدأت القصة قبل الانتخابات التى أجريت فى أكتوبر الماضى، التى عدت الأكثر استقطابًا فى تاريخ البرازيل منذ عقود.

وتنافس فى هذه الانتخابات اليسارى لولا دا سيلفا الذى حكم البرازيل من عام 2003 حتى عام 2010، وسعى للعودة بعد أن أمضى 18 شهرًا فى السجن بتهم مثيرة للجدل أسقطت فيما بعد، واليمينى جايير بولوسونارو والذى يوصف بأنه «يمينى شعبوى».

وسعى بولسونارو للفوز بولاية ثانية بعد ولاية أولى من أربع سنوات تعرض خلالها لانتقادات شديدة بسبب تعامله مع وباء كوفيد وتصريحاته المثيرة للجدل بشأن النساء والصحافة والأقليات والمحكمة العليا.

وخلال الحملة الانتخابية، بدا أن البلاد قسمت وشهدت استقطابًا شديدًا. وهاجم بولسونارو نظام التصويت وهدد بالطعن فى هزيمته، حتى قبل انطلاق التصويت.

عدم الاعتراف

 

وبعد جولة أولى غير حاسمة فى مطلع أكتوبر، جرت جولة إعادة بين الاثنين فى نهاية الشهر ذاته، تغلب فيه لولا (77 عاما) بفارق ضئيل (50.9%) على بولسونارو، لكنه لم يعترف بالخسارة، وهو ما يبدو أنه غذى احتجاجات أنصاره.

وذهب بعض مؤيدى الرئيس نحو إغلاق بعض الطرق السريعة احتجاجا ووضعوا مخيمات أمام ثكنات الجيش، مطالبين بتدخل الجيش لمنع لولا من تولى المنصب.

وفى 13 ديسمبر الماضى، هاجم أنصار بولسونارو مقر الشرطة الاتحادية فى العاصمة برازيليا واشتبكوا مع قوات الأمن، وذلك فى اليوم نفسه الذى أقرت فيه المحكمة العليا فى البلاد فوز دا سيلفا فى الانتخابات.

 

تنصيب دا سيلفا وبولسونارو خارج البلاد

 

وفى الأول من يناير الجارى، أدى دا سيلفا اليمين رئيسا للبرازيل، وسط إجراءات أمنية مشددة، جاءت عقب تهديد أنصار سلفه بارتكاب أعمال عنف. ولم يشهد سلفه حفل تأدية اليمين.

وغادر بولسونارو البرازيل متوجها إلى ولاية فلوريدا الأمريكية قبيل الحفل، حتى لا يضطر لتسليم الوشاح لمنافسه، الذى لم يعترف حتى الآن بفوزه.

وقبل توجهه إلى فلوريدا، ألقى خطابا غالبته فيه الدموع، أدان فيه خطة أحد أنصاره لتنفيذ تفجير ووصفها بأنها «عمل إرهابي»، لكنه أشاد بالمحتجين أمام ثكنات الجيش فى أنحاء البلاد.

 

ضحايا الاقتحام

 

أوقفت المحكمة العليا فى البرازيل حاكم العاصمة برازيليا لمدة 90 يومًا بسبب «قصور أمنى»، بعد أن قام آلاف من أنصار الرئيس اليمينى بولسونارو باقتحام ونهب مبان حكومية، بينها القصر الرئاسى ومقر البرلمان والمحكمة العليا، ما دفع الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذى تسلم مهام منصبه قبل أيام إلى تسليم العاصمة لقوات الأمن الفيدرالية حتى نهاية الشهر الجارى، وتم اعتقال 400 شخص مشتبه فيهم وفتح التحقيق بشكل موسع للوقوف على المتورطين والمحرضين على هذا العنف.

قرار قاضى المحكمة العليا ألكسندر دى مورايس تضمن أيضا منع منصات التواصل الاجتماعى فيسبوك وتويتر وتيك توك الدعاية التى تروج «لانقلاب».

ومن فلوريدا، رفض بولسونارو الاتهام، وقال على تويتر إن المظاهرات السلمية ديمقراطية لكن اقتحام المبانى الحكومية يمثل تجاوز.

وبدا أن اقتحام أنصار الرئيس البرازيلى السابق، جايير بولسونارو للكونجرس والقصر الرئاسى فى العاصمة برازيليا مفاجئا للبعض، لكن التدقيق فى مسار الأحداث خلال الأشهر الماضية سيساعد فى توقع هذه النتيجة.

استنساخ فوضى رحيل «ترامب» 

 

تسبب المشهد فى البرازيل بزلزال يماثل ذلك الذى ضرب الولايات المتحدة أوائل العام الماضى، حينما اقتحم أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب مقر الكابيتول. حطم المتظاهرون الغاضبون المعترضون على نتائج الانتخابات الرئاسية نوافذ فى مؤسسات الحكم الرئيسية فى البلاد وقلبوا الأثاث ودمروا أعمالا فنية وسرقوا النسخة الأصلية لدستور البلاد لعام 1988، كما تم الاستيلاء على بنادق من مكتب لأمن الرئاسة.

وانتشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعى تُظهر الخراب فى مكاتب برلمانيين ومتظاهراً يجلس على مقعد رئيس مجلس الشيوخ، فى مشاهد تذكّر باقتحام مناصرى الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب مبنى الكونجرس فى واشنطن فى يناير 2021.وأنحى لولا باللوم على بولسونارو فى إثارة أنصاره بعد حملة من المزاعم التى لا أساس لها بشأن تزوير الانتخابات بعد انتهاء حكمه، الذى اتسم بالشعبوية القومية المثيرة للانقسام.

 

استعادة السيطرة

 

بعد فوضى استمرّت ساعات، استعادت قوات الأمن السيطرة على المبانى التى اقتحمها مئات المتظاهرين المناهضين للولا وأوقفت أكثر من مئتَى شخص، بحسب وزير العدل فلافيو دينو. وطوّقت السلطات المنطقة. لكن مناصرى بولسونارو الذين ارتدى معظمهم قميص المنتخب البرازيلى لكرة القدم الأصفر وهو رمز اتخذوه لأنفسهم، تمكنوا من تجاوز الطوق الأمني، وألحقوا أضراراً جسيمة فى المقارّ الثلاثة الضخمة التى تُعتبر تحفاً معمارية من الطراز الحديث وتزخر بالأعمال الفنية. وأفادت قناة «سى إن إن» أن متظاهرين أضرموا النار ببساط فى إحدى قاعات الكونجرس، وقد أُغرق بالمياه لإخماد الحريق. وتحدثت نقابة صحافية عن مهاجمة خمسة صحافيين بينهم مصوّر لوكالة فرانس برس تعرّض للضرب وسرقة كلّ معدّاته.

 

ردود الفعل الدولية 

 

وصف الرئيس الأمريكى جو بايدن الهجوم بـ«الشائن»، وكتب وزير خارجيته على تويتر أن «استخدام العنف لمهاجمة المؤسّسات الديموقراطيّة يبقى على الدوام أمرًا غير مقبول». فيما أعرب الرئيس المكسيكى أندريس مانويل لوبيز أوبرادور عن دعمه للولا. وكتب على تويتر «محاولة الانقلاب فى البرازيل مستهجنة وغير ديموقراطيّة»، أما الرئيس الأرجنتينى ألبرتو فرنانديز عبر عن دعمه ودعم الشعب الأرجنتينى للولا غير مشروط فى مواجهة هذه المحاولة.

وادان الرئيس الفنزويلى ورئيس شيلى وكوبا وبوليفيا «الجماعات الفاشيّة الجديدة» التى تسعى إلى إطاحة لولا، وأدانت كندا بشدة اقتحام مقار السلطة فى برازيليا، وأعرب رئيس المجلس الأوروبى شارل ميشال عن «إدانته المطلقة»، فيما دعا الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون إلى «احترام المؤسّسات الديموقراطيّة» فى البرازيل، مشددا على «دعم فرنسا الثابت» للرئيس لولا.