الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

قلوب من حقها الشعور بالأمان

تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد...



أنا سيدى الفاضل فتاة فى العشرين من عمري، أعيش بالصعيد، حاصلة على مؤهل متوسط، ووالدى يعمل بالزراعة، بينما والدتى هى ربة منزل، لى ٥ أشقاء أكبر مني، وشخصيتى محبوبة بين أهل قريتى والحمدلله، كما أننى أتمتع بالجمال والقبول، أسعى دائمًا لإرضاء ربى بالطاعات، لذلك أخشى على نفسى أن أصبح بين عشية أو ضحاها سببًا فى إزهاق روح بريئة، كونى طرفا رئيسيا فى صراع قائم بين ابن خالتى وابن عمي، من أجل الفوز بى كزوجة ، وإذا سألتنى عن مشاعر قلبى تجاههما، فهو يميل لابن خالتى الأكثر قربًا منذ الطفولة ، ولإعجابى بشهامته وطيبته ونقاء سريرته، يكبرنى بثلاث سنوات فقط، مقارنة بفارق العشر سنوات التى تفصلنى عن ابن عمي، وهذا الفارق ليس الوحيد - بل إن الأول حاصل على مؤهل دراسى مناسب لي، وهادئ الطباع مثلي، أما الثانى مؤهله عالي، إنسان حاد الطباع أو ربما نرجسي، ودائمًا يتشدق بنفوذ عائلتنا وقوة شخصية عمى فى بلدتنا، والأخير يضغط على والدى بكل قوة لقبولى بالزواج من نجله الذى لا أطيقه، وأعتبره مثل أشقائي، لا أحب أن أصدمهم صراحة ببعض الحقائق عنهم ، والمشكلة الأكبر تكمن فى وجود صراع ثأر قديم بين العائلتين، تم حله بصلح هش أقامته الجهات التنفيذية، بعد إراقة بحور من الدماء لسنوات، ضاع خلالها شعورنا كأطفال وشباب بالأمان، ولانزال نعانى الخوف عن التعبير عن رأينا فى كثير من الأمور بحرية، أضطر البعض للاغتراب دون معرفة وجهته، لتلاشى ثقته فى تلك الحالة المريبة، التى يعتبرها البعض هدنة قبل استئناف المعارك الضارية من جديد، وتتجسد ملامحها بشكل متكرر طوال العام فى صورة اشتباكات لأتفه الأسباب بين الطرفين، على خلفية الضغائن الكامنة فى قلوب الجميع - لا أعرف إلى متى سوف يظل هذا السواد جاثم على قلوبنا بمحض إرادتنا،، بعد أن شعر ابن عمى بعاطفتى تجاه ابن خالتي، ودبت فى قلبه الغيرة القاتلة، خاصة أننى رفضت الرد على طلبه بشكل مباشر، وتحججت بعدم تفكيرى فى الزواج الآن، كذلك ارتاب عمى فى كلامى ولم يعلق من قريب أو بعيد، مع العلم بأننى أعلنت قرارى بالدموع لوالدي، وهو تفضيل الموت على الزواج من ابن شقيقه، وأصبحت لا أنام ولا أشعر بالاطمئنان كونى مثل القنبلة الموقوتة بين الطرفين أو العائلتين، فى نفس الوقت لا أستطيع العيش بدون ابن خالتي، لأننى أحبه بشدة، وأدعو الله كل لحظة بأن يكتب لنا الخير معًا ، أرجوك أستاذ أحمد دلنى على التصرف الصحيح للتخلص من معاناتى وضغوطى الكبيرة، دون المساس بأحلامى المشروعة فى استقرارى عاطفيًا، كإنسانة بالغة لها كل الحق فى اختيار ما يسعد قلبها، بلا قيود تفرضها صراعات لا ذنب لها فيها ؟! 

إمضاء ي. ه

 

عزيزتى ي. ه تحية طيبة وبعد...

مما لا شك فيه أن المواقف الصعبة التى نمر بها فى حياتنا، تتطلب منا التفكير بتدبر، والتمتع بالصبر اللازم كى نتخطاها، من بينها هذا الموقف المعقد الذى تعيشينه الآن، وحيرتك الشديدة فى الاختيار بين زوجين، أحدهما ابن خالتك - لكن تلك العلاقة تؤدى لتأجيج الصراع بينه وبين ابن عمك، أو التخلى عن حبك وتقديرك للأول، نظير حقن الدماء بين عائلتين تعيشان على حمم متقلبة من لهيب الثأر.. وبكل تأكيد ستكون نصيحتى لكِ هى الخيار الأخير، مع شرح أبعاد قرارك لوالدك وتقديم طوق النجاة له، والتظاهر أمام الجميع بأن سبب رفض الزواج من أى منهما، يرجع لشعورك بأنهما شقيقين لكِ ليس أكثر، هذا السبب المنطقى كفيل بأن يجعلهما يبتعدان بهدوء، مع الحفاظ على مساحة آمنة بينكم، ولا تحزنى على قرارك - بل اعلمى بأنه عين الصواب، إذا ما أخذنا فى الاعتبار المشاكل الوراثية المحتملة من زواج الأقارب، وكذلك الحساسية بين الأهل التى تضيع فرحة العروسين، وتولد بعض التحكمات الاجتماعية المملة من هنا أو من هناك، تلك الأسباب إذا فكرتى فيها ستكون بمثابة الترياق لنفسك المعتلة وتطييب لخاطرك وتثبيت قناعتك.. يقول الحق سبحانه وتعالى بسورة هود، بسم الله الرحمن الرحيم {وَاصبِر فَإِنَّ اللَّـهَ لا يُضيعُ أَجرَ المُحسِنينَ} صدق الله العظيم، والإحسان هنا عزيزتى يتضمن درء الفتن ابتغاءً لمرضاة الله ، وثقى بأن الجزاء دائمًا يكون من جنس العمل، وأن الله سوف يعوضك بزوج صالح يسعد قلبك، وأخيرًا بالنسبة لهذا السلوك العدائى الأزلى وهو «الثأر»، وإراقة دماء الأبرياء من خيرة شباب العائلات، يظل من أبغض الأفعال التى يهتز لها عرش الرحمن، لأنه قائم على الحقد المتوارث بين الأجيال، وقطع سبل الرحمة والمغفرة التى نتمناها من الله فى كل لحظة، وفاقد الشيء لا يعطيه ولا يُعطى له، بمعنى أننا - كيف نطلب الرحمة من الله العزيز القدير، ونحن لا ننتهجها ونتعامل بها فيما بيننا، ولعل مشكلة هذا العدد من «بريد روزا» هى مثال حى على ذلك، كما يؤسفنى أن تكون نصيحتى هذه المرة، هي التفرقة بين قلبين ارتبطا ببعضهما البعض منذ الصغر، وأرادا التلاقى المباح على سنة الله ورسوله - لكن فرق بينهما الخوف من التربص بسكينتهما واستقرارهما، وقدرتهما على إعلان زواجهما وبناء أسرتهما السعيدة، وعلى من يقرأ هذا العدد أن يعتبر ويراجع نفسه كثيرًا فى تلك العقد التى نصنعها لأنفسنا، بحياة فطرها الله على المحبة والتآلف، فعن معاذ بن جبل رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:《 قَالَ اللهُ -عَزَّ وجَلَّ-: المُتَحَابُّون فِى جَلاَلِي، لَهُم مَنَابِرُ مِن نُورٍ يَغْبِطُهُم النَبِيُّونَ والشُهَدَاء》صدق رسولنا الكريم فيما بلغه عن رب العزة. 

دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا ي. ه