الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إسرائيل فى «قفص الاتهام» أمام «العدل الدولية»

فى اليوم الـ97 للحرب، تلاقى المعتاد مع الاستثنائى، استمرار الغارات والقتال فى القطاع وما يرتبط بهما من معاناة مستمرة للمدنيين، حيث شنّ سلاح الجو الإسرائيلى غارات مكثّفة على جنوب قطاع غزة فى خان يونس كبرى مدن جنوب قطاع غزة ومركز القتال فى الأسابيع الأخيرة.



ومن المعتاد إلى الاستثنائى، إذ مثلت إسرائيل، لأول مرة فى تاريخها أمام أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة (محكمة العدل الدولية) فى اتهامات بـ«ارتكاب إبادة جماعية» فى غزة.

وفى الدعوى المؤلفة من 84 صفحة، تقول جنوب أفريقيا، إن إسرائيل فشلت فى تقديم الأغذية الأساسية والمياه والأدوية والوقود وتوفير الملاجئ والمساعدات الإنسانية الأخرى لسكان القطاع.

ولفتت إلى حملة القصف المستمرة التى دمرت مئات الآلاف من المنازل واضطرت نحو 1.9 مليون فلسطينى إلى النزوح، وأسفرت عن مقتل 23 ألف شخص.

ومن المقرر أن تستمع لجنة من 17 قاضيًا، منهم قاضيان من إسرائيل وجنوب إفريقيا، إلى مرافعات مدتها 3 ساعات لكل طرف.

كما من المتوقع صدور حكم بشأن التدابير المؤقتة فى وقت لاحق هذا الشهر. 

وللدلالة على صعوبة المعركة القضائية، أرسلت إسرائيل قاضيًا سابقًا بالمحكمة العليا كان قد نجا من المحرقة النازية (الهولوكوست) إلى جلسات المحكمة. فيما ترسل جنوب إفريقيا قاضيًا أمضى فى شبابه 10 أعوام فى جزيرة روبن التى التقى فيها الرئيس السابق لجنوب إفريقيا نيلسون مانديلا.

ماذا حدث فى جلسات الاستماع؟

عقدت جلسات الاستماع يومى 11 و12 يناير، وأمام جنوب إفريقيا وإسرائيل ساعتان فى يومين منفصلين لعرض قضيتهما المؤيدة أو المعارضة لإجراءات الطوارئ.

لا توجد شهادة شهود ولا استجواب، العرض التقديمى عبارة عن حجج قانونية يقدمها مسئولو الدولة وفرقهم من المحامين الدوليين.

ويعد طلب اتخاذ تدابير الطوارئ خطوة أولى فى قضية سيستغرق استكمالها عدة سنوات، يُطلق عليها رسميًا التدابير المؤقتة، والمقصود منها أن تكون بمثابة نوع من الأوامر التقييدية لمنع تفاقم النزاع فى أثناء نظر المحكمة فى القضية بأكملها.

موعد القرار النهائى

جلسات الاستماع، التى انطلقت تتعلق فقط باحتمال منح إجراءات الطوارئ، وغالبًا ما يمنح قضاة محكمة العدل الدولية مثل هذه التدابير، والتى تتكون عمومًا من مطالبة الدولة بالامتناع عن أى إجراء قد يؤدى إلى تفاقم النزاع القانونى.

بالنسبة للتدابير المؤقتة، يتعين على المحكمة فقط أن تقرر ما إذا كانت ستتمتع بالولاية القضائية للوهلة الأولى، وأن الأفعال موضع الشكوى يمكن أن تقع ضمن نطاق معاهدة الإبادة الجماعية.

وأى تدابير تقررها لن تكون بالضرورة هى تلك التى يطلبها صاحب الشكوى.

وطلبت جنوب إفريقيا من المحكمة أن تأمر إسرائيل بتعليق عملياتها العسكرية فى غزة، ووقف أى أعمال «إبادة جماعية» أو اتخاذ إجراءات معقولة لمنعها، وإصدار تقارير منتظمة إلى محكمة العدل الدولية حول مثل هذه الإجراءات.

ومن المتوقع اتخاذ قرار بشأن الإجراءات فى الأسابيع التالية لجلسات الاستماع.

وتعتبر أحكام محكمة العدل الدولية نهائية وغير قابلة للاستئناف، لكنها لا تملك أى وسيلة لتنفيذها.

وفى حال صدر حكم ضد إسرائيل، يمكن له أن يضر بسمعة البلاد الدولية ويُشكل سابقة قانونية.

كم من الوقت سيستغرق الأمر حتى صدور الحكم النهائى؟

إذا وجدت المحكمة أنها تتمتع بسلطة قضائية مبدئية فسوف يتم المضى قدماً فى القضية فى قصر السلام المزخرف فى لاهاي، حتى لو قرر القضاة عدم اتخاذ تدابير الطوارئ.

وستتاح لإسرائيل بعد ذلك فرصة أخرى للدفع بأن المحكمة ليس لديها أسس قانونية للنظر فى مطالبة جنوب إفريقيا وتقديم ما يسمى بالاعتراض الأولى، الذى لا يمكن أن يمس إلا قضايا الاختصاص القضائى.

وإذا رفضت المحكمة هذا الاعتراض فيمكن للقضاة أخيرا النظر فى القضية فى جلسات استماع علنية أخرى.

ماذا قال ممثلو جنوب إفريقيا؟

ومع بدء جلسات الاستماع، قال ممثل جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل، إن إسرائيل شنت هجوما كبيرا على قطاع غزة وانتهكت اتفاقية منع جرائم الإبادة الجماعية.

وأضاف ممثل جنوب إفريقيا:

• إسرائيل تخضع الشعب الفلسطينى للفصل العنصرى.

• ممارسات إسرائيل ترتقى إلى أعمال إبادة جماعية.

• يجب منع الجرائم ضد الإنسانية فى قطاع غزة.

• النظام الدولى فشل فى منع حدوث إبادة جماعية فى غزة.

• إسرائيل ارتكبت أخطاء وعمليات إبادة جماعية فى غزة.

• ندين استهداف المدنيين واحتجاز رهائن من قبل حماس يوم 7 أكتوبر.

ويضرب هذا النزاع القضائى جوهر الهوية الوطنية لإسرائيل كدولة أنشئت فى أعقاب الإبادة الجماعية النازية خلال المحرقة. كما أنها تتعلق بهوية جنوب أفريقيا، التى كثيرا ما قارن حزبها الحاكم، المؤتمر الوطنى الأفريقي، سياسات إسرائيل فى غزة والضفة الغربية بتاريخ جنوب أفريقيا فى ظل نظام الفصل العنصرى لحكم الأقلية البيضاء، الذى حصر معظم السود فى اماكن بعينها لا يتخطونها قبل انتهاء حكم الأقلية عام 1994.

من جانبها، قالت عادلة هاشم المحامية بالمحكمة العليا لجنوب أفريقيا «تؤكد جنوب أفريقيا أن إسرائيل انتهكت المادة الثانية من اتفاقية (الإبادة الجماعية)، بارتكاب أفعال تندرج ضمن تعريف الإبادة الجماعية. وتظهر الأفعال نمطا منظما من السلوك يمكن من خلاله استنتاج الإبادة الجماعية».

وقالت عادلة هاشم إن العمليات العسكرية الإسرائيلية فى قطاع غزة دفعت السكان «إلى حافة المجاعة».

وأوضحت المحامية عادلة هاشم أمام محكمة العدل الدولية فى لاهاى أن «الوضع بلغ حدا بات فيه خبراء يتوقعون أن يموت عددًا أكبر من الناس جراء الجوع والمرض» منه جراء أفعال عسكرية مباشرة.

وقالت جنوب أفريقيا إن نية إسرائيل لتدمير غزة «تم تبنيها على أعلى مستوى فى الدولة».

حيثيات القضية

فى وثائق المحكمة، المرفوعة فى 29 ديسمبر، يتم الاعتراف «بالاستهداف المباشر للمدنيين الإسرائيليين وغيرهم من المواطنين واحتجاز الرهائن من قبل حماس» فى 7 أكتوبر وبعده، وهو ما قد يشكل انتهاكاً للقانون الدولى.

وجنوب أفريقيا وإسرائيل طرفان فى اتفاقية الإبادة الجماعية، التى تلزمهما بعدم ارتكاب جرائم الإبادة، وكذلك منعها والمعاقبة عليها.