السبت 15 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الشعب يريد معلمـًا من جديد




بقلم أ.د. محمد صالح الإمام


تعد المدارس من أهم الأماكن الأولى التى يتشكل فيها سلوك المتعلم ونجاحه النفسى والتربوى فى حياته. والمعلمون هم قادة التغيير لذلك السلوك لمتعلميهم سلباً أو إيجاباً. والسبب الذى يجعل للسنوات الأولى من المدرسة هذه الأهمية الكبرى هو أن الأطفال يتعلمون فيها أساس حياتهم التعليمية. إننى أعتقد أن من واجب المعلمين والمعلمات أن يكونوا هذا القائد ليعملوا على نقل الحماس لطلابهم ومساعدتهم على ذلك وتزويدهم بالبيئة الدافئة الأمنة.
وفى رأيى كذلك أن المعلم هو الأب البديل أو الأم البديلة للأطفال جميعاً، حيث أنهم يمضون جل وقتهم معها. وفى الوقت نفسه، يصبح المعلم معلماً حقيقياً كذلك من خلال سنوات عدة من التدريب والخبرة فى هذا المجال تدريباً قائماً على المنهج العلمى لا تدريباً قائماً على الطريق النفعى، تدريباً قائماً على الوطنية لا تدريباً قائماً الايصالات المادية، تدريباً قائما على البيئة الأمنة لا تدريباً قائماً على الخلايا النائمة تدريباً قائماً على الكفاءة لا قائماً على الانكفاء، وأن يكون القائمين على التدريب واعين لمعنى المعلم صانع الاجيال مشكل النفوس ومغنى الرؤس موسع العقول غير رابط للعجول غير ملهوف على تجميع القروش لنفخ الكروش، نحن فى حاجة الى مدربين من المعلمين العظماء اصحاب العلم وكتابة النظريات، واعطوا من علم الله لهم لطلابهم فى الجامعات العربية فزادت الخبرات. والأباء بنفس القدر لا يولدن أباء عظماء ولكن مع توسع خبراتهم مع أطفالهم، وتوفير الوعى المعرفى وتعليم القيم الزوجية فى بيئة مطمئنة فإنهم يصبحوا خبراء فى هذا المجال. إن الأباء يبذلن غاية اهتمامهم بأطفالهم وإن واحداً من أهدافهم هى أن ينشئن أطفالهم حتى يصبحوا محترفين ورواداً فى مجتمعاتهم. إن دور الأباء هو إعطاء الأطفال العناية والاهتمام والحب والاحترام وتوجيههم وتوفير البيئة الآمنة لهم فى البيت. ولكن، هل لهذه الأهداف علاقة بدور المعلم مع متعلميه فى حجرة الصف؟ إن كانت الإجابة بالنفي، فما هو دور المعلمين إذن؟
إننى أعتقد أن المعلمين يصبحوا كذلك بعد سنوات عدة من التدريب والتمرين فى هذا المجال. إننى لا أعرف معلم واحد كان خبيراً منذ يومها الأول فى هذه المهنة، وهذه مسألة مهمة لكل معلم ولكل من يخطط ويستعد لكى يصبح واحد ضمن هذه المهنة. بالطبع هناك بعض المعلمين أفضل من البعض الآخر. لقد صادفت فى حياتى بعض معلمينى الذين تم إعدادهم اعداداً جيداً والبعض الآخر لم يكنّ كذلك. كان لى بعض المعلمين الذين كانوا يأتون فقط إلى حجرة الصف ويبدأون فى إلقاء الدرس، ولم يكن لديهم أى اتصال مع تلاميذهم ونادراً ما كانوا يتحدثون إليهم. هؤلاء المعلمين لم يبدون أى اهتمام حول إحساس ومشاعر تلاميذهم. إننى أذكر جيداً أنه كان هناك بعض التلاميذ خجولين، لم تكن تتح لهن فرصة المشاركة أو الحديث فى حجرة الصف. إننى أعتقد إن الطريقة التى يتصرف بها التلميذ تعتمد على موقف المعلم، ولذلك فإننى أوصى بشدة أن يقوم المعلمون بدعوة طلابهم للمشاركة فى حجرة الصف. من الضرورى جداً أن يشجع المعلمون طلابهم لأنهم سيستفيدون من ذلك. فكثيرا ما يصدر الإنسان أحكاما خاطئة، نتيجة تأثير الصورة الذهنية عليه حينما أصدر الحكم، ولم ينظر لحقائق الأمور. لذا علينا محاولة التخفيف من الاعتماد على الصورة الذهنية لإصدار الأحكام، والاستعاضة عنها بالنظر لحقائق الأمور
إن المعلم يحمل على عاتقه مسئولية عظيمة فى حجرة الصف،لأن جميع التلاميذ يعتمدون على كل شيء يقوله المعلم، فإذا كان المعلم يحس مثلاً بالسعادة أو الضيق فإن هذا الإحساس سينتقل بالضرورة إلى التلاميذ. إن المعلمين مسئولين عن السلوك الاجتماعى فى حجرة الصف، وإن حدث خطأ ما فى حجرة الصف فإن المسئول الوحيد هو المعلم حتى إن يكن ذلك الخطأ خطأه.
على المعلم أن يوفر البيئة الآمنة والدافئة والاحترافية فى الوقت نفسه. وإذا شعر التلميذ بالأمن فى حجرة الصف فإن النتيجة ستظهر حتماً فى تقدمه الأكاديمي. لذلك فإن من مسئوليات المعلم أن يعرف تلاميذه فى الصف جيداً، فالمعلم يظهر فى كل يوم موقفاً قد لا ينتبه إليه التلاميذ والتلميذات يفعلن الشيء نفسه من أجل لفت انتباه المعلم إليهم، وهذا تمرين جيد يجب أن يقوم به الجميع ليستفيدوا منه فى كسر الحاجز النفسى بينهما وإذابة جبل الجليد القائم بينهم. من الطبيعى أن يبدى الكثير من الطلاب فى الأيام الأولى للمدرسة خوفاً ونفوراً من المعلم لأنهم لا يعرفون شخصيته تماماً، ومن الطبيعى ألا يتلاشى هذا الخوف حتى يكتشف المعلم وتلامذه بعض الأشياء والهوايات المشتركة بينهما. لقد جاءت الثورتين المصريتين العظمتين ليضيفا علاقة جديدة نصها»كلما كان التلميذ متقدماً ومنفتحاً وصاحب سعة عقلية كلما كان المعلم الحق اكثر تطوراً وتنويراً» اذا لا مكان اليوم لمن لم يلاحق افكار ابنائنا، فهم أصبحوا اكثر منها فهماً وتطويراً فى معظم المجالات، فهل يتأخر المعلم عن تلميذه ؟ علماً بأن المعلم معلم للمادة فقط والتلميذ يدرس مواد عدة !!
إننى أعتقد أن المدرسة هى مكان يذهب إليه الإنسان لكى يتعلم، وأعتقد ايضاً أنه يجب أن تكون هناك أحيان فيها المرح والتسلية ضروري. ولهذا السبب أعتقد أنه يجب أن يكون المعلم مرحاً ودوداً مع تلاميذه. فالصغار يتعلمون أسرع عندما يشعرون بالانجذاب إلى درس ما. على المعلمين ألا ينسوا حقيقة أن التلاميذ يشعرون بالملل سريعاً ولذلك ينبغى وضع خطة ابداعية ومبتكرة للدروس. يجب أن تكون هناك متعة فيما يريد أن يتعلمه الناس.
نكمل الأسبوع المقبل