الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بالمستندات.. «روزاليوسف» تكشف أخطر نصاب فى مصر




 كتب ـ محمد هاشم
سقط أكبر نصاب فى قبضة رجال الأمن بعدما ظن أن ذكاءه وحيله الشيطانية ستحيل دون وقوعه بعدما أوهم ضحاياه بالثراء والتربح ويستولى على أموالهم فغالبا ما يتمتع النصاب بدرجات عالية من الذكاء لنصب شباكه على ضحاياه وابتكار حيل جديدة لإقناع الضحايا بنفسه وطريقته فى الربح السريع، إلا أن الشىء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده فقد سقط أخيرًا الدبلوماسى المزيف فى قفص العدالة واقتصت عدالة السماء منه واعتبرته مصادر أمنية أخطر نصاب فى مصر خلال العامين الماضيين.
 

خيوط الواقعة بدأت تكشفها جريدة روز اليوسف فى أعداد سابقة وكانت أول من نشرت عن النصاب المزيف الذى انتحل صفة المستشار الإعلامى لسفارة ليبيريا وتبين بعد ذلك انه ينتحل صفة المستشار المالى للسفارة القطرية.

مفاجآت مثيرة ومعلومات جديدة تكشفها جريدة «روز اليوسف»، حيث حصلنا على مستندات رسمية من مصلحة الجوازات والهجرة تؤكد سفر المتهم للخارج أكثر من 60 مرة خلال سنتين فقط بأوراق مزيفة وبطرق ملتوية كما حصلت «روز اليوسف» على مستند من مصلحة الأحوال المدنية تفيد حصول المتهم على عدة بطاقات بمهن ووظائف مختلفة أحدها حاصل على دبلوم صنايع والأخرى مكتوب فى خانة العمل أنه المستشار الإعلامى لسفارة ليبيريا وعناوين مختلفة ووهمية.

وأكدت مصادر قضائية أن التحقيقات المبدئية والتحريات الأولية عن الدبلوماسى المزيف ويدعى عبد السلام عبد الرحمن عبد السلام يشترك مع آخرين  ـ  رفض ذكر اسمائهم ـ يعملون فى جهات رسمية لتسهيل سفرياته وتزييف أوراق وشهادات رسمية وأشارت المصادر أن أجهزة سيادية تفحص ملف المتهم لمعرفة حقيقة ضلوعه فى الاشتراك مع جهات أجنبية فى عمليات تخريب داخل البلاد من عدمه بعد أن اكتشفت الجهات سفرياته الدبلوماسية المتعددة بطريقة مزيفة وملتوية.
كما أيدت محكمة استئناف الهرم الحكم بحبسه 3 سنوات فى إحدى قضايا التزوير الصادرة بحقه وجار التحقيق فى أكثر من 20 قضية نصب أخرى وفقا لمصادر قضائية.
ويروى فرج محمد عبد الحميد 49 سنة صاحب شركة مقاولات، أحد ضحايا المتهم تفاصيل الواقعة قائلا: «تعرضت للنصب من أخطر طرق النصب الحديثة دفعت كل ما أملك أنا وأسرتى، وهو مبلغ 12 مليون جنيه عن طريق شخص ادعى أنه المستشار الإعلامى لسفارة ليبيريا».
ويستطرد: «بدأت الحكاية عندما كنت أمتلك قطعة أرض بمدينة 6 أكتوبر وأخرى بالطريق الدائرى قمت بشرائها فى عام 2006، وكانت مساحتها 47 ألف متر تقريبًا “اشتريتهم بتحويشة عمرى لكى استثمرها لأولادى، وقمت بعرض القطعتين للمشاركة بالبناء بالنظام المتبع بالقاهرة وهو نظام المناصفة”.
فوجئت بشخص يدعى فاروق فراج وادعى أنه مدير تسويق فى إحدى الشركات بدول الخليج، وأخبرنى بأنه سمع من بعض الناس عن رغبتى فى بناء قطعتى الأرض، وأن لديه شركات ترغب فى العمل فى مصر.
فى اليوم الثالث جاء لى هذا الشخص وآخر يدعى «عبدالسلام عبد الرحمن» وادعى أنه المستشار الإعلامى لسفارة ليبريا، ويوجد معه بطاقة تحقيق شخصية مدون به الاسم والمهنة وجواز سفر، فأعطيته الأمان أنه يعمل فى الخارجية والسلك الدبلوماسى، وأنه من عائلة مرموقة، وصعب علينا كمصريين أن أحدًا يعمل فى هذا المنصب الرفيع ويكون مزور خاصة أن معه ما يثبت فى بطاقة صادرة من الأحوال المدنية.
جلس معى وأخبرنى بأنه سيعرض الموضوع على رجال أعمال فى الداخل والخارج، وأنه له علاقة قوية بحكم عمله فى الخارجية.
بعد أسبوعين أحضر لى مستثمر أجنبى إنجليزى الجنسية وقال لي: إن هذا المستثمر يريد أن يشاهد الأرض على الطبيعة واطلع على مستندات الملكية، وقال اترك الموضوع أسبوعين وسأبلغك بالرد.
مر أسبوعين وأبلغنى بالموافقة طبقًا للدستور المصرى.. بدأت عملية النصب عندما أخبرنى بأنه لابد من فتح حساب فى لندن وقام عبد السلام بإرسال بياناتى إلى بنك “باركليز” فرع لندن، وبعد أسبوعين أبلغنى بأنه تم فتح الحساب بهذا الرقم .. ولتفعيل الحساب لابد من تحويل 50 ألف إسترلينى.
قمت بالفعل من تحويل المبلغ من البنك العربى الإفريقى فرع ثروت، ثم عقب ذلك أحضر لى كشف حساب مدون به الــ50 ألف إسترلينى.
واستطر قائلاً: «طيلة هذه الفترة لم أشعر ببوادر عملية نصب إلا عندما أخبرنى بأنه لابد من عمل شهادات مثل التى قام بعملها المستثمر الأجنبى ولكن لها رسوم».
استفسرت منه عن مبلغ الرسوم المطلوب فأخبرنى بأنه 11 مليونًا و500 ألف، وبالفعل قمت بتحويلهم من البنك العربى الإفريقى فرع المقطم إلى البنك العربى الإفريقى فرع القاهرة  وكانت هذه إحدى نقاط الذكاء فى هذا الشخص لكون التحويل داخلى بين أفرع البنك أما إذا تم خلاف ذلك والتحويل لفرع آخر لكان أخطر البنك المركزى وكان خطأى أننى قمت بتحويله لحسابه فى هذا البنك.
فى خلال هذا الشهر لم يأت المستثمر ومر الشهر الثانى أيضًا، وكانت الكارثة التى صدمتنى حينما أخبرنى قائلاً “المستثمر مات يا حج فرج”، فى تلك اللحظة أصبت بمرض السكر والضغط لأن تحويشة عمرى ضاعت هدر.
 طلب منى ”عبد السلام” أن نسافر إلى لندن لكى نبحث عن المستثمر وبالفعل سافرت معه، وكانت مشكلتى أننى لا أتحدث الإنجليزية وقابلنا شخص وأخبرنى بأنه محامى وسيقوم هو بالبحث عنه، وعقب عودتنا قمت بعرض الأوراق والشهادات التى أخذتها من “عبد السلام” على خبراء فى البنوك وأخبرونى بأنها مزورة  وهنا اتهمته بالتزوير وقدمت فيه عدة محاضر.
كانت المفاجأة عند مخاطبة النيابة العامة لمصلحة الأحوال المدنية للاستفسار عن “عبد السلام”  كان الرد أنه قام بعمل ثلاث بطاقات بذات الاسم والرقم القومى وأحدهما بصفة المستشار الإعلامى لسفارة ليبريا وحكمت عليه المحكمة فى الجنحة رقم 12346 /2012 بالسجن غيابى 3 سنوات مع الشغل- أيدتها محكمة جنح مستأنف الهرم الأسبوع الماضى-  وقام النائب العام السابق بإصدار قرارًا بمنعة من السفر، وقامت سلطات المطار بمنعه من السفر أثناء محاولته الهرب منذ أربعة شهور.
يضيف الضحية: «المتهم ظل طليقا طيلة عدة سنوات على الرغم من  كم القضايا المرفوعة ضده وكان يتصرف فى أموال الضحايا كيفما يشاء بمساعدة أصحاب النفوس الضعيفة التى تتبوأ مناصب قيادية تحميه وهو يدفع لها الرشاوى ولم يطبق حكمًا واحدًا عليه غير الأسبوع الماضى كما تبين بعد الاستعلام عن اسم المدعو ويحمل بطاقة رقم قومى 26903111400325 وصوره طبق الأصل منها وبالكشف عليه بالحاسب الآلى بالقطاع تبين أن الرقم القومى صدرت عليه عدد «3» بطاقات رقم قومى كالآتى: البطاقة الأولى بتاريخ 2/9/2003 سجل مدنى شبرا الخيمة والمهنة حاصل على دبلوم صنايع ـ محل الإقامة / مساكن نوبار ـ بلوك 7 شبرا الخيمة أول القليوبية. البطاقة الثانية ـ بتاريخ 19/4/2005 سجل مدنى عابدين بنفس البيانات السابقة ما عدا المهنة مستشار إعلامى بسفارة ليبيريا، البطاقة الثالثة ـ بتاريخ 18/5/2005 ـ سجل مدنى عابدين 2 بنفس البيانات السابقة ما عدا محل الإقامة ـ 6 ش أبو بكر الصديق سابقا ـ ترعة الأوقاف ـ الهرم ـ الجيزة.
يقول الضحية: أنا لا أنتظر سوى عدالة السماء ورحمة المحكمة التى تنظر تلك القضايا كى ترد لى أموال أولادى التى ظللت أعمل طيلة عمرى لجمعها.
وفى مفاجأة فجرتها التحقيقات مصادر أمنية أن الإدارة العامة لمباحث الأموال ألقت القبض على موظف اشترك مع آخرين يقومون بتزوير بطاقات الرقم القومى، وتزوير المحررات الرسمية وختمها بأختام الدولة المقلدة، فتم استهدافهم فى مأمورية وضبطهم وبحوزتهم كمية من المستندات والعقود الشهادات التى يستخدمونها فى عمليات التزوير، وأخطرت النيابة وأمرت بحبسهم  على ذمة التحقيقات.
البداية كانت بتلقى ضباط مباحث الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة معلومات مفادها قيام «مجدى.ج.ح» 54 سنة، موظف بقطاع مصلحة الأحوال المدنية، ومقيم بدائرة قسم المطرية، باستخراج بطاقات الرقم القومى الصحيحة ببيانات مغايرة للحقيقة وتزوير المحررات ومهرها بأختام الدولة المقلدة، وذلك مقابل مبالغ مالية. على الفور تم تشكيل فريق بحث والتأكد من صحة المعلومات، وعقب تقنين الإجراءات تم استهداف منزل المتهم وضبطه وبحوزته 5 عقود زواج خالية البيانات ممهورة بأختام شعار الدولة المقلد و2 شهادة مستخرج نجاح خالية من البيانات ممهورة بأختام شعار الدولة المقلد و3 تقارير طبية خالية من البيانات ممهورة بأختام مقلدة و3 بطاقات رقم قومى و3 استمارات الحصول على بطاقات الرقم القومى تحمل أختام شعار الدولة المقلد و6 عقود إيجار أملاك بعضهم خالى البيانات يحملون بأختام شعار الدولة المقلد وقصاصة عليها بصمة ختم صندوق التأمين الاجتماعى. كما تم ضبط بحوزته 4 شهادات منسوبة للتأمينات الاجتماعية خالية من البيانات يحملون ذات البصمة، و3 شهادات تأدية الخدمة العسكرية يشتبه كونها مزورة، و12 شهادة ميلاد مميكنة وصورة ضوئية لها، و3 إيصالات استلام بطاقة تحقيق الشخصية، والعديد من التوكيلات خالية البيانات والمعدة للتزوير، و2 هاتف محمول.
كما تم ضبط «فوزى. م. م» 54 سنة، عاطل ومقيم بدائرة قسم المطرية، والذى يقوم بتقليد الأختام الحكومية وتزوير المستندات الرسمية، وبحوزته بمسكنه 2 شهادة ميلاد مميكنة تحمل أختام شعار الدولة المقلدة، والعديد من شهادات الوفاة الخالية والمعدة للتزوير، و2 عقد عمل بإحدى الدول العربية خالية البيانات ممهورة باختام مزورة، و3 توكيل بيع سيارة خالين البيانات يحملون أختام شعار الدولة المقلد، وشهادة طبية وشهادة قياس «مستى امهاردة» منسوبة لوزارة القوى العاملة يحملان خاتم شعار الدولة المقلد، ومجموعة من الأقلام التى يستخدمها فى تقليد الأختام، و2 هاتف محمول ومبلغ مالى، وبمواجهتهما اعترفا بنشاطهما الإجرامى.