السبت 27 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

طابا أعظم ملحمة دبلوماسية عسكرية وثائقية فى التاريخ




كتب- صلاح أحمد نويرة

تقع طابا على رأس خليج العقبة بين سلسلة جبال وهضاب طابا الشرقية من جهة، ومياه خليج العقبة من جهة أخرى. وتبعد عن مدينة شرم الشيخ حوالي 240 كم جنوب طابا، وتجاورها مدينة ايلات. تمثل المنطقة الواقعة بين طابا شمالا وشرم الشيخ جنوبا أهم مناطق الجذب والتنمية السياحية بجنوب شبه جزيرة سيناء.

أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أن «قضية استرداد طابا هى تجربة مصرية فريدة تضافرت كل الجهود لإنجاحها ووظفت الوثائق التاريخية والخرائط والمجسمات الطبيعية وكتابات المعاصرين والزيارات الميدانية وشهادة الشهود وأشرطة الفيديو والصبر بشكل جيد حتى عادت «طابا»، مشيرا إلى كتاب «طابا قضية العصر» للمؤرخ يونان لبيب رزق الذى يحوى 16 فصلا تناول فيها القضية من بدايتها وحتى حكم المحكمة باسترداد طابا.

وطالب ريحان بتدريس ملحمة طابا أعظم ملحمة دبلوماسية عسكرية وثائقية فى التاريخ لطلاب الثانوية العامة لتعزيز قيمة الانتماء والافتخار بتاريخهم القديم والحديث والاعتزاز بحضارتهم وبطولات أجدادهم، وتسجيل أسماء أبطال هذه الملحمة فى ذاكرة مصر بحروف من نور وعلى رأسهم اللواء بحرى محسن حمدى، رئيس الوفد المصرى فى اللجنة العسكرية المشتركة، واسم المؤرخ المصرى يونان لبيب رزق.

وقال: إن طابا كانت المنطقة المتنازع عليها على خليج العقبة والتى تبلغ مساحتها 1020 مترا مربعا وقد تشكلت لجنة خاصة لاستعادتها وهى «اللجنة القومية العليا لطابا» حين صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 641 فى 13 مايو 1985 وكانت تضم أبرز الكفاءات القانونية والتاريخية والجغرافية وهى اللجنة التى تحولت بعد ذلك إلى هيئة الدفاع المصرية فى قضية طابا والتى أخذت على عاتقها إدارة الصراع فى هذه القضية من الألف إلى الياء.
وأضاف أن تلك الهيئة استخدمت جميع الحجج لإثبات الحق ومن أهمها الوثائق التاريخية التى مثلت نسبة 61% من إجمالى الأدلة المادية التى جاءت من 8 مصادر، وقد نصت مشارطة التحكيم على أن المطلوب من المحكمة تقرير مواضع علامات الحدود الدولية المعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الانتداب أى فى الفترة بين عامى 1922 و1948، وبالرغم من ذلك فإن البحث فى الوثائق ذهب إلى ثلاثينيات القرن الـ19 والوثائق فى الفترة اللاحقة على عام 1948 حتى حرب يونيو ونتائجها.

وأوضح ريحان أن الوثائق تم تجميعها من دار الوثائق القومية بالقلعة والخارجية البريطانية ودار المحفوظات العامة فى لندن ودار الوثائق بالخرطوم ودار الوثائق باسطنبول، بالإضافة إلى محفوظات الأمم المتحدة بنيويورك وذلك لتحديد علامات الحدود حتى العلامة 91 عند طابا.

وأشار إلى أن الوفد المصرى لم يقبل بموقع العلامة 91 من الطرف الآخر، وقد نجح أحد الضباط المصريين فى العثور على العمود الحديدى الخاص بالعلامة 91 على منحدر شديد الوعورة، حيث نزل وحمله لأعلى بنفسه وطول هذا العمود 2م وعرضه 15 سم ووزنه ما بين 60 و70 كيلوجراما وكان موجودًا عليه رقم العلامة، لافتا إلى أنه أمام هذا الموقف لم يملك أحد أعضاء الوفد الإسرائيلى نفسه قائلا «إن الطبيعة لا تكذب أبدا»، حيث اتضح فنيا أن العمود والقاعدة أزيلا حديثا ورغم ذلك فقد رفضت إسرائيل الاعتراف بهذه العلامة حتى موافقتها على التحكيم فى 13 يناير 1986.

وأكد الخبير الأثرى أن الأدلة المصرية الدامغة والمثابرة والعزيمة كانت وراء حكم المحكمة الدولية الخميس 29 سبتمبر 1988 فى قاعة مجلس مقاطعة جنيف برئاسة القاضى السويدى جونار لاجرجرين لتنطق بالحق وعودة الأرض لأصحابها فى حكم تاريخى بأغلبية 4 أصوات والاعتراض الوحيد من القاضية الإسرائيلية بالطبع.

وذكر أن الحكم يقع فى 230 صفحة وانقسمت حيثيات الحكم لثلاثة أقسام، الأول إجراءات التحكيم ويتضمن مشارطة التحكيم وخلفية النزاع والحجج المقدمة من الطرفين، والثانى أسباب الحكم ويتضمن القبول بالمطلب المصرى للعلامة 91 والحكم لمصر بمواضع العلامات الأربع، والثالث هو منطوق الحكم فى صفحتين وجاء فيه فى الفقرة رقم 245 « النتيجة - على أساس الاعتبارات السابقة تقرر المحكمة أن علامة الحدود 91 هى فى الوضع المقدم من جانب مصر والمعلم على الأرض حسب ما هو مسجل فى المرفق (أ) لمشارطة التحكيم».