الأربعاء 26 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خلل فى مواجهة «داعش»

خلل فى مواجهة «داعش»
خلل فى مواجهة «داعش»




 أعد يورام شفايتسر، الباحث الإسرائيلى المختص فى شئون الإرهاب الإسلامى المتطرف دراسة تحمل عنوان «عاصفة الدولة الإسلامية»، نشرت على موقع معهد دراسات الأمن القومى الإسرائيلى، والتى تقول إن الدولة الإسلامية باتت مصدراً للرياح الشريرة العاصفة لكل من يحاول الوقوف أمامها فهى تشكل خطرا واضحا وملموسا على العالم بأسره، كما أنها لم تعد تخفى أى نوايا لها.
وأوضع الكاتب الإسرائيلى حلا يمكن إتباعه من وجهة نظره من أجل كبح جماح التنظيم الإرهابى بكل ما يتعلق به من حيث «عمله ـ أهدافه ـ قيمته المعلنة» على أن يكون ذلك من خلال حملة دولية ضده تكون أكثر إصرارا وتصميما وهجومية على جميع المستويات «العسكرية ـ السياسية ـ القضائية ـ الأيديولوجية».
وأشار شفايتسر إلى ضرورة النظر إلى ميزان زعيم التنظيم أبو بكر البغدادى من حيث المزايا والأخطاء فى خطواته نحو محاولات سيطرة تنظيمه وتعزيز سلطته فى الأماكن التى احتلها فى العراق وسوريا، ونجاحه فى استقطاب بضع عشرات الآلاف من المسلمين المتطوعين من جميع أنحاء العالم والانخراط فى صفوفه للجهاد من أجل إقامة الخلافة الإسلامية التى طالما دعا التنظيم لها.
ولفت الباحث الإسرائيلى إلى أنه على الرغم من أن معظم التقارير والدراسات تشير إلى أن خطر تنظيم الدولة الإسلامية لا يقتصر على منطقة الشرق الأوسط فقط، بل على العالم برمته، إلى جانب أن مراكز الأبحاث الاستراتيجية الإسرائيلية ما زالت تنشر الدراسات عن تنظيم الدولة الإسلامية بما يوحى أن إسرائيل ليست موجودة حتى اللحظة على سلم أولويات هذا التنظيم، محذرا أنه عاجلا أم أجلا، ستتحول إسرائيل إلى هدف من أهداف التنظيم، وخصوصا من شبه جزيرة سيناء، بعد إعلان تنظيم أنصار بيت المقدس، الناشط هناك، مبايعته لزعيم الدولة الإسلامية، أبو بكر البغدادى.
وقال يورام شفايتسر إن التحالف الدولى الذى تم تشكيله لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» فى الشام والعراق استطاع حتى الآن بلورة نجاحه فى كونه منع التنظيم الإرهابى من عمليات الاحتلال السريعة فى الشام والعراق، وليس النجاح فى تدميره حسب تصريحات القيادات الغربية المشتركة فى التحالف.
ويرى شفايتسر أنه من السلبيات التى تحسب على البغدادى هى تنصله من زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى، الأمر الذى أوجد له عدوا شرسا من التنظيمات الجهادية السلفية، إلى جانب الحكومات فى هذه البلدان، ناهيك عن التحالف الغربى الذى تم تشكيله لمواجهته، مضيفا أن المحاولة التى نفذت فى شمال العراق فى 7 من نوفمبر حين قامت طائرات التحالف التى تقاتل ضد الدولة الإسلامية داعش بمحاولة اغتيال كبار القادة فى تنظيم الدولة الإسلامية.
وأكد الباحث أن أبو بكر البغدادى زعيم التنظيم على رأسهم - لم تنجح لكنها أوضحت أن البغدادي سيبقى فى المستقبل أيضا هدفا مركزيا  للاغتيال من قبل خصومه فى الداخل والخارج لأن سلوك البغدادى خلال العام و النصف الأخير يدل على أنه مصمم على السير فى طريقه متحملا مسئوليته عن المخاطر المحسوبة، مع التقدير بأن البغدادى درس بشكل جيد المزايا والمساوئ لعملياته ومن بينها قراره بتعيين نفسه خليفة وإقامة الدولة الإسلامية في العراق والشام.
ووصف شفايتسر إعلان البغدادى عن نفسه خليفة فيه الكثير من السلبيات، وفى مقدمتها أنه ربط التنظيم باسمه، الأمر الذى سيجعل بقاءه الشخصى يتحول إلى مصدر ضعف فى الطريق لتحقيق النبوءة وتعيين  بديلا للخليفة البغدادى لن يكون موضوعا سهلا، وأن هذه الخطوة المثيرة للخلاف والجدل أدت إلى موجة واسعة من الانتقادات ضده من جانب رجال الدين فى العالم الإسلامى الذين كفروا وبشدة هذا الإعلان بل إنه دعى أن سلوكك يناقض القيم الإسلامية.
وقال الباحث: رغما من أن الحركات الجهادية السلفية عرفت فى الماضى كيف تجد البدائل المناسبة للزعماء الذين تم اغتيالهم فإن تعيين خليفة جديد ذى مرجعية ومكانة وفقا لهذا الوصف المأمول ليس سهلا للتحقيق والقبول بدعم شرعى، وأن انتخاب خليفة له من رابع المستحيلات.
وتابع شفايتسر السلبيات التى انقلبت على البغدادى جراء إعلان نفسه خليفة للدولة الإسلامية، إذ أصبح له خصوم عدة من داخل المجتمع الإسلامى والغربى، فى حين أن تحدى البغدادى لزعامة الظواهرى وزعماء آخرين للحركات الجهادية السلفية وبينهم الشركاء الكبار فى تحالف تنظيم القاعدة فى الحجاز والمغرب الإسلامى والشباب الصومالى وجبهة النصرة وكذلك منظمات متضامنة مع تنظيم القاعدة وتعتبر الظواهرى مرشدا وموجها.
كما أثار تصريح البغدادى غضب عدد كبير من رجال الدين المسلمين البارزين وبينهم أبو محمد المقدسى وأبو ختالا والسبعى وغيرهم الذين دعوه بالتراجع عن خطواته التى لا تتناسب مع الشريعة الإسلامية وتؤدى إلى الفتنة، ناهيك عن معارضة الجماعات السكانية المحلية التى باتت تتربص للانتقام  من وحشية تنظيم «داعش» وأساليب العقاب الوحشية والإرهابية له، وأسلوب القمع الذى يتعرض إليه السكان الذين لا يملكون أى قدرة للدفاع عن نفسهم والخاضعين لاحتلال الدولة.
وحول ظاهرة القتل والإعدام التى يقوم التنظيم بتنفيذها، قال الباحث الإسرائيلى إن الاستراتيجية الإعلامية ساعدت تنظيم الدولة الإسلامية فى مسعاها إلى جذب الشباب المسلم إلى التنظيم، إذ إن نشر تلك الأعمال جذبت بعض الشباب المسلم المحبط من استبداد الأنظمة الديكتاتورية فى البلاد العربية إلى التنظيم الذى رأه الشباب قويا وصلبا ومتينا، حيث أعطاهم هذا الإعلان فرصة لتحقيق الأمل بأن تتحول الدولة الإسلامية إلى دولة تستوعب الشباب المسلم الذى يقع عليه قمع وظلم من هذه التنظيمات.
وينوه شفايتسر إلى أن التصريحات المستفزة والمتحدية للبغدادى تشكل أيضا «مقامرة» ومراهنات تعكس تفوقه وبأن قوات كبيرة ومتفوقة للائتلاف الدولى دخلت إلى ساحة القتال فى سوريا والعراق ويبدو أنه يفضل أن يقدم على هذا الرهان انطلاقا من ثقته بأن تطور هذا الاتجاه على الرغم من التهديد الواضح الذى يفرضه هذا التحالف على بقاء الدولة الإسلامية.
وأشار الباحث الإسرائيلى إلى أن البغدادى يجند ويعبئ أنصاره لخوض حرب دينية ضد هذا الغاز الأجنبى فى أرض إسلامية، وأضاف البغدادى أن الدولة الإسلامية تنوى العمل أيضا ضد المملكة السعودية ومصر وليبيا واليمن والجزائر، مشيرا إلى أنه فى هذه المرحلة من السابق لأوانه أن نقرر ما إذا كان التقدير الإيجابى للبغدادى بميزان المزايا والنقائص بخطواته وما إذا كانت مبررة.
واختتم شفايتسر دراسته بأن ما يقوله البعض عن أن إسرائيل لا تحتل أولوية لدى تنظيم الدولة الإسلامية ينبغى أن ترى فى خطاب البغدادى ضد التحالف اليهودى الصليبى بصورةٍ مباشرة، أو بصورة غير مباشرة عن طريق حلفائه وعلى الأخص تصريحاته الواضحة حول تقديم إسرائيل الدعم للائتلاف الذى يحارب ضد التنظيم تحذيرا بتغيير ممكن فى أولويات التنظيم.