الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«الترسانة البحرية» وريادة مصر الصناعية

«الترسانة البحرية» وريادة مصر الصناعية






على ما يبدو أن الإعلام المصرى لم يصل بعد إلى مرحلة النضج الكامل.. فما زال متقاعسًا عن كشف الحقائق للرأى العام ويتغاضى عن حق المواطن فى المعرفة بأهم المشروعات العملاقة التى يفتتحها الرئيس عبدالفتاح السيسى.. كل ما يهم إعلامنا هو الجرى وراء الإثارة، التى ترفع من قيمة البرامج ماديًا وليست موضوعيًا، بل تتجاهل الماكينة الإعلامية دورها الحقيقى فى توعية الرأى العام، وإنارته بما يدور على أرض الواقع، حتى لو كانت هذه الحقائق رصينة وهامة فهذا النوع من الحقائق غير براق ولا يسيل لعاب المعلنين أو يحقق لهم ما يريدونه من النجومية.
هذه الخطايا لم يسلم إعلام الدولة من الوقوع فيها، إذ لم يقم بدوره بإذاعة المعلومات التى تهم الناس بشكل يجذب المشاهد، ويعبر عن رمزيته العميقة فى أنه صوت الشبكة.
 فعلى الرغم من أهمية زيارة الرئيس لألمانيا وما حققته من نجاح منقطع النظير على الصعيد الخارجى الداخلى، إلا أن افتتاح الرئيس مشروع الترسانة البحرية العملاق بالإسكندرية فى الأسبوع الماضى، لم يلق نفس الاهتمام الإعلامى على الرغم من دلالته القوية على أن مصر تغيير من سياساتها تجاه الفكر الصناعى، إن هذا المشروع فى رأيى هو الأهم والأكبر خلال عام حكم الرئيس ولم يأخذ حقه من الترويج له إعلاميًا، وكأنه افتتاح مصنع من بين آلاف المصانع التى يمكن أن يفتتحها الرئيس.
 مشروع «الترسانة البحرية» يعد من مشروعات مصر القومية، فهو يعادل مشروع قناة السويس الجديدة، وإن كان بعض العالمين ببواطن الأمور يؤكدون أنه يزيد أهمية على مشروع قناة السويس بفارق ملحوظ، وأهميته ترجع إلى أن هذه الترسانة هى التى بناها محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة، ومنها تكون الأسطول المصرى الذى صال وجال فى البحر المتوسط واستطاع فى وقته أن يكون أهم أسطول بحرى فى الشرق الأوسط، وأن ينافس الأساطيل البحرية فى أوروبا ويتفوق عليها، وقد أصيبت هذه الترسانة بالوهن إلى أن جاء الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وأعاد إحياءها، إلا أن يد الغدر كادت تعصف بها مجدداً وتقضى عليها ببيعها والتخلص منها فى خضم اتجاه نظام مبارك لخصخصة «القطاع العام» سنة 2008، ولكن الجيش المصرى العظيم استطاع أن يحافظ عليها ويبقيها تابعة له بدلًا من أن تذهب للقطاع الخاص وبعض الطامعين الذين كانوا فى هذا الوقت يمنون أنفسهم بالحصول عليها حتى تتحول هذه المنطقة - التى تعد من أهم شواطئ الإسكندرية - إلى منتجع سياحى، لما لها من منظر خلاب داخل البحر، وجاء الرئيس عبدالفتاح السيسى وقرر إعادة تشغيلها مرة أخرى بكامل طاقتها، وفى شهور قليلة استطاعت هذه الترسانة أن تتعاقد على بناء سفن ولنشات بـ165 مليون جنيه، وفى الشهور المقبلة سوف تصل بالرقم إلى 500 مليون جنيه بعد تم إعادة تأهيلها من خلال الاتفاق مع كبرى الشركات الأجنبية المتخصصة فى بناء السفن عالميًا.
البعد الاجتماعى لم يغب عن المشروع، لقد رأيت الفرحة فى عيون العاملين والابتسامة تملأ وجوههم وهم ينظرون إلى عملهم فى الترسانة على أنه واجب وطنى قبل أى شىء آخر، لقد لمست أثناء حديثى معهم حجم الفخر الكبير، بأن مصر الآن تصدر البواخر واللنشات التجارية إلى دول أوروبا وعلى رأسها تركيا، وأن الصناعة المصرية تتميز عن غيرها من الصناعات الأخرى بأن قواربها ولنشاتها غير قابلة للانصهار، بالإضافة لمميزات عديدة جعلت عددًا كبيرًا من دول العالم يفضل التعاقد مع الترسانة البحرية لبناء سفنها فى مصر.
هذا المشروع العملاق مر على الجميع فى وسائل الإعلام مرور الكرام، وكأنه مشروع عادى وتفرغ لتفاهات وتراهات بغية الإثارة وجمع المال.. إن الترسانة البحرية الجديدة  سوف تنقل مصر نقلة حضارية وتجارية واقتصادية غير عادية وكان يجب على الإعلام الوطنى أن يفتح البرامج لها حتى يعرف القاصى والدانى أن مصر بدأت تضع قدمها على الطريق الصحيح، ويعاد بناؤها بشكل حقيقى يجعلها تعود مرة أخرى كما كانت فى الماضى رائدة وقائدة للمنطقة وللعالم وأنها تعود الآن إلى موقعها الطبيعى.