
كمال عامر
شرعية الصندوق
الشرعية للصندوق .. شعار مرفوع على مقار الأحزاب الموجودة فى المشهد السياسى وعادة ما نسمعها على لسان معظم المسئولين أو قادة العملية السياسية.
الشرعية للصندوق كلمة جميلة.. سياسية معمقة.. تنفع ميدالية أو فوطة صفراء على الرأس!
الأخطر أن الفائز هو الأسعد بالشعار.. والخاسر يبحث عن مبررات لضرب الشعار، وما بين الموقفين يقف الشعب المغلوب على أمره حائرا.
ولأن الديمقراطية التى نعيشها هى «وليد» من رحم الفوضى.. ولأن ما حدث لمصر أمر غير مخطط أو مدروس، الأمر الذى جعل كلمة الديمقراطية شكوكا وظنونا وأملا وليس تجربة وممارسة.
- نحن نعيش فترة ريبة.. الملاحظ انعدام الثقة تماما ما بين الجميع.. حتى الإخوان المسلمون أنفسهم والذين يحكمون البلد يتعاملون بريبة مع الجميع بما فيهم الشركاء.
على كل المستويات تزداد الظاهرة وضوحا.. والنتيجة إهدار المزيد من الوقت والجهد وضياع الفرص على مصر للتعافى والخروج من المأزق.
- الشرعية للصندوق كلمة يشجعها ويطرب لها الفائز.. ويلعنها الخاسر وهو ما يحدث.
الاستفتاء قال نعم للدستور إذا علينا أن نحترم النتيجة مهما كانت المبررات.. فى كل ديمقراطيات العالم تحدث تجاوزات.. والدول الأقرب لنا واجهت مشاكل متنوعة فى الانتخابات والاستفتاءات، وبرغم كل ما حدث من تجاوزات فى العملية الأخيرة للاستفتاء إلا أن هناك جوانب مضيئة مهمة.. منها أن المواطن أصبحت لديه غيرة على صوته.. يدقق فيمن يفوز به من الأسماء وهى سمة جديدة.. كنت أشعر بالغيرة عندما أشاهد طوابير الانتخابات فى البلدان الأفريقية مثل نيجيريا وغانا وزبمبابوى وجنوب أفريقيا.
وكنت أقرأ عما يحدث وأتابع.. الحمد لله مشاكل الديمقراطية وصلت لمصر.
- نعم هناك تجاوزات.. لكن هناك أغلبية قالت نعم.. والحكم على التجاوزات لجهات رسمية محايدة لا جهات قامت كل مجموعة معارضة بتسميتها وأطلقتها على التشهير بالعملية الانتخابية.
على العموم أنا مع غلق ملف كل خطوة.. لكى نتفرغ للخطوة المقبلة.. وإذا كانت المعارضة قد خسرت أمام الإخوان المسلمون موقعة الاستفتاء، أظن أنها لو تفرغت لانتخابات مجلس الشعب المقبل ربما تحقق نجاحات تخنق بها الإخوان ده لو فيه ناس عاقلة تعرف التخطيط.. شرط ألا تتفرغ المعارضة لهتافات الشارع وقطع الطرق والاعتصامات التى تلحق الضرر بالمواطن البسيط.. هذا لا يمنع أن للمعارضة حقوقا وبعد غلق كل الأبواب أمامها تلجأ مضطرة لما هو متاح أمامها.
الاستفتاء انتهى والشعب قال «نعم» والمعارضة قالت «لا».. والشرعية للصندوق تقول إن القرار الآن فى يد مرسى والإخوان، فقط دون غيرهما، إما أن يقرروا حزمة حوافز لجذب المعارضة على الأقل لنبدأ مرحلة البناء معا حكومة ومعارضة لتلاشى التوتر والغضب أو يشرع الإخوان فى طريق الغضب مهمشين كل من دونهم، هم هنا يتحملون التبعات لأن الشارع سينقسم بل سيزداد انقسامه.. وبلد منقسم لن يستطيع الإخوان التقدم به خطوة أو الاستمتاع بقيادته.
أنا أتوقع أن يسلك الإخوان الطريق الأول وهو «مد» اليد خاصة أن العالم كله يراقب التجربة ليمررها فى الأردن أو سوريا أو غيرها، أو يحصرها فى حدود دولة ممزقة!
أتوقع أن تبدأ لغة العقل فى الحوار.. وتختفى ولو تدريجيا لغة الانتقام، حتى لو كانت مطلوبة فى بعض الأوقات.
تعالوا نبدأ فى البناء الصحيح قبل أن يمر الوقت وندفع جميعا الثمن.
[email protected]