الخميس 5 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
من حقنا أن نفرح

من حقنا أن نفرح






لم تكن أفراح المصريين ابتهاجا بافتتاح قناة السويس الجديدة مجرد أفراح عادية، إذ تحولت إلى احتفالات شعبية عميقة، شملت العديد من المدن والقرى فى الوجه البحرى والقبلى، حتى المصريون فى الخارج يقيمون الأفراح نشوة بهذا المشروع الضخم.
قد يرى البعض أن هناك مبالغة فى الاحتفال بالقناة الجديدة، ولكن إذا ما دققنا النظر وأمعنا فيما تعنيه هذه القناة، لنا وللعالم، سنصل إلى حقيقة واضحة وهى أن قناة السويس هى مكسب تاريخى لمصر على جميع الأصعدة.
فعلى الصعيد الشعبى استطاع مشروع القناة أن يجعل المصريين يلتفون حول وطنهم، بحب وحماس وإرادة، ويستجمعون كل طاقاتهم من أجل العبور بمصر من مرحلة التوتر إلى مرحلة الاستقرار والبناء، وكان أبرز اختبار لهذه الفكرة هو مشروع قناة السويس، الذى تم فى وقت قياسى، ليعبر عن مدى قوة المصرى وقدرته على تحقيق ما يصبو له.
إذن فرحة المصريين بهذه الأنشودة، ما هى إلا تعبير عن شعور الانتصار المنبثق من أعماقهم، فهى بارقة أمل لكل مواطن مخلص، تقول له بعد أربع سنوات عجاف من التوتر والخطر: «إن الأمل موجود، وإن كل أحلامنا يمكن أن نحققها بدليل قناة السويس».
نجاح مشروع القناة أيضا كان له دور مهم على المستوى الدولى، فقرار مصر شق قناة السويس فى هذا التوقيت، كانت له دلالة بالغة ورسالة قوية إلى جميع دول العالم، خصوصا المتربصة بنا، فمصر حينما اتخذت هذا القرار كانت فى أعنف أوقات الإرهاب، ولم يكن الاقتصاد على ما يرام، ويعانى إنهاك فترة عدم استقرار ليست بالقصيرة، وكانت خزينة الدولة لا تتحمل عبء مثل هذا المشروع الضخم، ولكن كان التحدى الأكبر والاختبار الحقيقى فى تنفيذه، لذا وقف المصريون جميعا خلفه واستطاعت مصر أن تجمع نفقات إتمام المشروع ويزيد فى قرابة أسبوع، سدد المصريون خلاله نفقات مشروعهم بالكامل، ولم يُدفع فيه قرش واحد من أى دولة أجنبية، المشروع (مصرى ــ مصرى) من الألف إلى الياء، وهذا دليل ورسالة لكل دول العالم أن مصر باقية بشعبها العنيد، القوى، القادر على التحدى والصمود، وأنه فى أحلك ظروفه استطاع أن يخطط ويبنى وينفذ مشروعا عملاقا بحجم قناة السويس.
لقد سد مشروع قناة السويس الجديدة الطريق أمام بعض الدول فى المنطقة التى كانت تحاول إنشاء مشاريع ملاحية تسرق بها البساط من قناة السويس، كل هذه الأحلام العدائية ضد بلادنا فرمتها الإرادة المصرية، ورسخت مصر أقدامها مجددا فى سياسات العالم، بعد أن جدد الرئيس عبدالفتاح السيسى شباب قناة السويس، لتعود منبرا ملاحيا يحج إليه كل اقتصاديات العالم، ويدر لخزينة الدولة العملة الصعبة بكثافة، ويضع مصر على الخريطة مجددا وبقوة.
لقد كانت لقناة السويس أصداء على المستوى السياسى دوليا كذلك، عززت فيها اسم مصر وأصبح الجميع يرضخ لها ولا يتأسد عليها إيمانا منه بأن لغة القوة والنفوذ لن تجدى مع مصر وشعبها الأبى.
لقد دوى فى الأيام الماضية أزيز الطائرات الحربية المنضمة حديثا إلى أسراب القوات الجوية المصرية الاتية من أمريكا ومن فرنسا، لقد شاهد المصريون بأعينهم طائرات «F16» و«رافال» وهى تحلق محتفلة داخل أجواء العاصمة، مطلقة الألوان المكونة لعلم مصر العظيم، لتقول للعالم: نحن هنا، إننا على حق: واستطاعت مصر الحصول على ما كان محجوبًا عنها بغية كسر إرادتنا، إلا أن هؤلاء أيقنوا ان ارادة المصريين لا تنكسر أبدا.
إذن من حق كل مصرى أن يشعر بالفخر والاعتزاز  بما حققوه من معجزة فى زمن قياسى، لم يكن أحد يتصور أو يتخيل أنه يمكن تنفيذها بكل هذه السهولة.
 فالعالم كله يقف الآن مبهورا أمام هذا الإنجاز التاريخى بعد أن كان ينظر لمصر على أنها قد وصلت إلى خط النهاية، والبعض منهم كان يُمنّى نفسه بأن تتحول مصر إلى سوريا أو ليبيا أو تصير يمنًا جديدًا، إلا أنه فوجئ بها تنهض وتهدى لهم هذا الشريان المائى الذى يقلب موازين حركة التجارة العالمية فى تحقيق أهدافها.
لقد أصبح لدينا أمل فى مستقبل باهر نحقق خلاله طموحاتنا وأحلامنا، تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أعاد لنا فكرة الأمل وخلق لنا طريق النجاح بالعزيمة والإصرار.
فما رأيته بعينى فى تخريج دفعات جديدة من الكليات العسكرية سواء كلية الشرطة أو الكلية الحربية خلال الأسبوع الماضى، يؤكد أن المستقبل قادم بقوة، وأن مصر بجيشها وشرطتها وشعبها قادرون على حمايتها والدفاع عنها ضد كل معتدٍ يفكر فى تعطيل مسيرة هذا الشعب العظيم.
من حقنا نفرح وأن نشعر بالفخر والاعتزاز بأننا- ونحن نؤكد أننا فعلا- من بنى الأهرامات وقناة السويس القديمة، وأن الأفضل قادم بإذن الله.