الخميس 5 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
سبع ساعات فارقة  فى عُمر العالم

سبع ساعات فارقة فى عُمر العالم






دعكم من حالة التسفيه التى يحاول البعض تسويقها عن قناة السويس الجديدة، والتى وصلت إلى السعى لإحباط الرأى العام، والقول إن الإنجاز الذى صنعه المصريون (قيادة وشعباً) فى عام واحد ما هو إلا «ترعة» وليس شريانًا حيويًا يستفيد منه العالم غربه قبل شرقه، ويعزز مكانة مصر الاقتصادية والدولية، ويقطع الطريق على بعض الدول العدوة فى المنطقة لصنع طرق وممرات تجارية لسحب البساط من قناة السويس، ولضرب مكانة مصر وأهميتها لدى العالم.
لقد كتبت مقالات عديدة عن قناة السويس الجديدة، تناولت خلالها بالتحليل والتفسير هذا المشروع العملاق من جوانب عدة، واليوم أعاود لأتناول الشريان الوليد من زاوية أخرى، لأطرح تساؤلاً بمثابة إجابة على كل المشككين فى أهمية القناة الجديدة: هل السبع ساعات التى قلصتها قناة السويس الجديدة فى زمن عبور السفن تستحق كل هذا الجهد الذى بذل؟ هل هذه الساعات السبع تعد فعلا هدية للعالم؟
لم أطرح هذا التساؤل على خبراء اقتصاد مصريين، ولا على قيادات سياسية مصرية طالباً الإجابة، بل قادتنى الصدفة فى الأيام الماضية إلى لقاء عدد من السفراء الأجانب فى مصر، وعلى رأسهم سفراء دول منطقة آسيا الوسطى، وقررت أن أستطلع آراءهم عن قناة السويس لأنها ستكون حاسمة فى وجه كل المشككين، فلا مصلحة لهم فى تملق مشروع مصرى، ولن يزوروا فى الحقيقة من أجل استرضاء القيادة السياسية، إنهم سفراء لدول مستقلة، وآراؤهم وكلامهم لا تمثل فرداً بقدر ما تمثل دولة بأكملها. فى البداية سألتهم عن رأيهم فى مشروع قناة السويس الجديدة ففوجئت بإجاباتهم جاهزة وحاضرة: «إنها إنجاز كبير انتظرناه طويلا».
رحت أطرح عليهم تساؤلى: ما الإنجاز الذى يتحقق من تخفيض ساعات مرور السفن فى قناة السويس من 18 إلى 11 ساعة؟ هل السبع ساعات التى وفَّرتها القناة الجديدة تعد إنجازا لبواخر وسفن عملاقة تبحر بالأسابيع والشهور فى البحار والمحيطات؟
الإجابة كانت مفاجأة لى، إذ شرحوا كيف أن هذه السبع ساعات التى تم توفيرها من عمر مرور سفنهم بالقناة، ستساعد بلادهم (وعلى رأسها منطقة آسيا الوسطى) على زيادة عائداتها الاقتصادية، فتلك الدول اقتصادها قائم على محاصيل زراعية تقوم بتصديرها إلى دول أوروبا، وعلى رأس هذه المحاصيل «الخضر والفاكهة» وأوضحوا «أنها سلع سريعة التلف والفساد، وبقاؤها فترة طويلة من وقت الحصاد إلى الوصول إلى السفن للتصدير يعرضها للذبول والتعفن والتلف، إذن الدقيقة الواحدة تفرق فى عُمر تصديرها، وأن وجود ثلاجات وعربات وأماكن مجهزة من أجل حفظ كل هذه المحاصيل فى بلادنا إلى أن تشحن للتصدير أمر مكلف للغاية».
أضاف السفراء فى إجاباتهم عن تساؤلى: «ليس هذا فحسب، فلا يمكن لك أن تتخيل أن تقليص سبع ساعات من عُمر الشحنة، سيرفع وتيرة التصدير سبع ساعات إضافية، وهو ما سيزيد حجم التصدير، وأن عدد الساعات التى تم تخفيضها فى قناة السويس فارقة، وسوف تحقق رقمًا قياسيًا فى تصديرنا إلى أسواق دول أوروبا، لذا نحن أسعد دول العالم بهذا الإنجاز الضخم، واحتفلنا به فى بلادنا كما احتفل المصريون، وستُعمّق سعادتنا إذا تحولت منطقة قناة السويس إلى منطقة تجارة حرة، هذا الإجراء سيساعد بلادنا على زيادة حجم التجارة الخارجية، خاصة أن بلادنا أكثر دول العالم تصديرا للقمح والقطن».
انتهت إجابات سفراء دول آسيا الوسطى عن تساؤلاتى، التى تعد أبرز رد على كل السفهاء الذين يحاولون بكل جهدهم التقليل من إنجاز قناة السويس الجديدة، ويسعون سعيا إلى إحباط الشعب المصرى بكلامهم المضلل الماكر.
ولا أخفى عليكم أنه رغم أننى كنت شاهداً على ميلاد هذا الإنجاز الضخم لقناة السويس، ورغم أننى كنت أعلم أن العديد من دول العالم تنظر إليه على أنه إعجاز حقيقى، إلا أن كلام سفراء دول آسيا الوسطى زاد من سعادتى وإيمانى بأن العالم، فعلا، كان ينتظر تحقيق حلم افتتاح قناة السويس الجديدة على يد الرئيس السيسى الذى حقق حلم المصريين والعالم أجمع.