
كمال عامر
فى رحاب «الحسين»
جامع الحسين.. تربطنى به علاقة محددة فى قراءة الفاتحة عند مرورى فى المنطقة.. أو عند تلبية دعوة للجلوس على أحد مقاهى المنطقة.. ممكن مرة فى رمضان.
يوميًا أقطع الطريق من شارع قصر العينى إلى روكسى بمصر الجديدة عبر عدد من المسارات المتنوعة.. ومنها خلال نفق الأزهر حتى صلاح سالم.
الثلاثاء أنهيت عملى.. ووجدت أحد الأصدقاء يقول لى «مش عاوز تحضر مولد الحسين».. قلت ياه ده بيبقى زحمة يا عم جدًا.. سكت زميلى ولم يرد.. فى ميدان الأوبرا وجدت نفق الأزهر زحام سيارات واضح.. وكوبرى الأزهر كأنه ينادينى لم أر سيارة واحدة حتى النزول قبل ميدان الحسين.. ركنت السيارة فى جراج الجعفرى.. وترجلت مع زميلى المتمرس فى الموالد وسلمت نفسى إليه.
المرة الأولى اكتشف وأرى وجوها مصرية رجالاً وسيدات بسطاء.. زحام شديد.. مولد الحسين الليلة الكبيرة.. مشيت فى شوارع لم أتوقع أنها موجودة من الأساس.. مشيت تحت عمارات.. حجرات مفتوحة وعائلات تجلس.. لم أر سيارة.. عرض الشارع متر.. ومتر ونصف.. ومترين ولك أن تتخيل شكل السير والطبيعى الاصطدام.
خلال التنقل أقرأ لافتات.. طرق صوفية .. الرفاعية.. البرهامية.. أسماء وأدقق فى الناس أرى وجوها تختلف تمامًا عما أراها فى حياتى العادية.
صديقى قال لى: «عاوز تشوف عن قرب.. قلت نعم.. قال تعالى وشوف واختلط وردد ما يقولوه.
فى عمارة تعجبت كيف تكون موجودة وسط بيوت عتيقة.. ورائحة عتيقة قال لى صديقى بعدما شاهد ترددى.
■ عندما وقع بصرى على سوند سيستم صوت عال جدًا يذيع الأغانى الشعبية الراقصة.. و«لعها ولعها» اوعى وشك.. قلت لصديقى ماذا يفعل صاحب السماعات العالية.. قال لى ثورة يا سيدى.. المفروض أن الأغانى فى الليلة الكبيرة للحسين على الأقل تواشيح دينية وأناشيد فى حب الرسول.. لكن تعمل إيه.. دخلت من باب الطريقة النقشبندية.. دور الثانى ناس حول مائدة الطعام... الأكلة محددة فى «الفتة + اللحمة + التحلية موز.. ولأول مرة.. أدقق فى تفاصيل الوجوه لأننى المرة الأولى التى اقترب منها.
بعد الأكل إلى صالة كبيرة وهى الدور الأرضى بالعمارة المخصصة للطريقة النقشبندية.
حصلت على كتاب أوراد سيدى محمد بهاء الدين النقشبندى جمعها ورتبها د.جودة محمد أبواليزيد المهدى نائب رئيس جامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية.. يضم فى بداية الكتاب صور القطب النقشبندى الشيخ عيسى جودة والشيخ محمد أبواليزيد المهدى والدكتور جودة محمد أبواليزيد المهدى والشيخ عبدالفتاح رفعت حامد.. والشيخ عمارة محمد فهمى قاد الشيخ أحمد البدوى عيسى جودة وبجواره مجموعة من الشباب والشيخ عمارة فهمى الاتباع فى ترديد الورد النقشبندى الشريف للشيخ محمد بهاء الدين النقشبندى... بعد ساعات من الدعاء والابتهال.
اتصفح الوجوه المسلمة والمسالمة وهى من خلال القرآن والسنة تدعو الله لمصر بالخير، ولأمة محمد عليه السلام بالتقدم وهى رسالة إنسانية عظيمة.. لم أكن أخطط للحضور ولا لسماع الأدعية الصوفية وقد عدت بالذاكرة إلى مولد الشيخ جودة بمدينة منيا القمح.. وكيف كنا نقطع المسافة بين كفر شكر مدينتى وبلد المولد فى سيارات خاصة تحمل كل منها عشرين فردًا.. كان الحاج محمد البنا رحمه الله يقيم لأهل كفر شكر خيمة كبيرة للمترددين على المولد.
وتصفحت ذاكرتى وجدت نفسى أكرر مع الحاضرين الأدعية والأناشيد الدينية جرعة معنوية كنت فى حاجة إليها.. الأهم حصلت على إجابة لماذا هؤلاء الناس طيبون لا يعرفون الأحقاد ولا الغش.
خرجت مع صديقى.. أشاهد الطرق الصوفية التى تحتفل بمولد الحسين أدقق فى الملامح.. أرى كيف يتناولون الفتة المشهورة وقطعة لحم.
مشهد الحسين هذا العام لا يمكن أن أنساه.. شكرًا لصديقى على موعد لم أتصور أن أكون أحد الحاضرين.
[email protected]