الإثنين 1 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«عذوبة» الكورة و«تعذيب» التوك شو!

«عذوبة» الكورة و«تعذيب» التوك شو!






هذا زمن الاحتراف فى كل شىء من كرة القدم إلى الفضائيات!
وفى عالم الاحتراف لم تعد ملايين الجنيهات أو الدولارات حكرًا فقط على نجوم كرة القدم بل امتدت إلى مذيعى ومذيعات الفضائيات سواء فى مصر والعالم العربى أو الغربى!
قواعد وأصول الاحتراف مفهومة ومعروفة فى دنيا كرة القدم لكنها غير مفهومة بالمرة فى عالم الفضائيات بعجائبه وغرائبه وفهلوته أيضًا!
فى عالم كرة القدم يدفعون رواتب وأجورا بالملايين لنجوم أمثال: ميسى ونيمار وسواريز ورونالدو وغيرهم، وتعرف أندية هؤلاء أنها ستجنى أرباحًا خيالية من وراء ضم هؤلاء النجوم: إعلانات ودعاية وجماهير عاشقة تشترى كل ما يتعلق بهؤلاء سواء «تى شيرت» أو حتى «كوب» عليه صورته!! أو توقيعه على كرة قدم!!
وفى عالم الفضائيات العربية تدفع المحطات أيضًا ملايين لمذيعها أو مذيعاتها، وغالبًا فأغلب هذه المحطات تشكو وتصرخ إنها مديونة وتخسر وتتأخر رواتب العاملين بها وبعضها يغلق أبوابه سريعًا!!
دعك من لغة الأرقام المذهلة والمزعجة وأدعوك لتأمل حالك ومزاجك وحالتك النفسية فى موقفين لا علاقة بينهما!!
الموقف الأول وأنت تشاهد مباراة طرفاها «برشلونة وريال مدريد» مثلاً، ستجد نفسك طوال تسعين دقيقة هى عمر المباراة مدهوشًا مندهشًا مبهورًا سعيدًا من هذا السحر والإعجاز الذى تراه على أرض الملعب، هذه أقدام تفكر قبل أن تمرر أو تسدد الكرة، فهم يلعبون بعقولهم لا بأقدامهم.. فرص ضائعة لا يصدقها عقل، وعارضة تصد قذيفة فى الثانية الأخيرة من المباراة، وهدف واضح صحيح يحتسبه الحكم تسللا!
هذه متعة عقلية ونفسية وبصرية يقدمها لك كتيبة من أمهر نجوم اللعبة بجدية وإخلاص فلا تهاون أو تكاسل أو همبكة أو ادعاء!!
والموقف الثانى الذى أدعوك أن تجربه وسوف تندم ندمًا عظيمًا فهو أن تشاهد أى برنامج «توك شو» أو برنامج «رياضى» أو حتى «طبى» مدته تسعون دقيقة، سترى ألوانًا من العذاب المذاب فى الجهل، والفهلوة التى ترتدى ثوب دكتوراه، والهمبكة التى يختفى تحتها جهل عصامى لا مثيل له، الكل فاهم كل حاجة!! والكل عارف معرفة تفوق معرفة وعلم كل الذين حصلوا على جائزة نوبل فى العلوم والطب!!
هل رأيت مقهى ما يحتشد مئات الزبائن داخله ليشاهدوا تحليلاً سياسيًا عما يحدث من خراب ودمار فى بعض الأقطار الشقيقة!! هل رأيتم مئات الزبائن تهرع إلى أقرب مقهى لحضور «توك شو» يناقش ضيوفه أزمة الحداثة وما بعد الحداثة، الإجابة لا!
لكن الناس والمشاهدين تهرع إلى المقاهى لمشاهدة مباراة كرة قدم يضم فريقها نجوما تلعب وتتلاعب بالملايين من المشاهدين وتنتزع آهاتهم بكل اللغات، ولا تنس أن كل زبون يدفع ثمن الفرجة والمشاهدة مع كوب شاى «فتلة» أو فنجان قهوة مضبوطة!!
صاحب المقهى سعيد بالإيراد والزبون سعيد بالفرجة والمتعة، ولا أحد يفكر منهم فى الملايين التى يتقاضاها «ميسى» أو «رونالدو» مقابل لمسة ساحرة أو تمريرة مذهلة أو تسديدة ساحقة أو هدف رائع لا يصد ولا يرد!
هل جربت أن تقارن حالتك المزاجية والنفسية عقب مشاهدة هذه المباراة وقارنتها بحالتك أثناء وبعد مشاهدة برنامج توك شو سخيف وغير لطيف.
العذوبة كلها فى الحالة الأولى، والعذاب والتعذيب فى الحالة الثانية، وأظن أن هذا وحده يفسر انصراف الناس عن مشاهدة ومتابعة «التوك شو» رغم الملايين والنجومية والشهرة التى يتمتع بها أصحاب هذه البرامج!
ترقيصة لميسى أو رونالدو أفضل مرة من كل «الترقيص» الذى تشاهده من نخبجية هذه الأيام!!