الخميس 5 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الإعلام.. وفضائيات دكاكين رجال الأعمال!

الإعلام.. وفضائيات دكاكين رجال الأعمال!






منذ أن دخل رجال الأعمال بأموالهم على الخط فى قطاع الإعلام، وظن كل تاجر أو معلم أنه من الممكن أن يكون له مؤسسة إعلامية، يفعل فيها ما يحلو له، ويتعامل مع قنوات الميديا على أنها دكاكين، يبيع فيها بضاعته أيا ما كانت، دون رقيب أو حسيب، بدعوى حرية الإعلام والرأى والتعبير، منذ هذه اللحظة فقط، أصبح الإعلام فى خطر ويهدد الدولة.
فطوال الأيام الماضية لم ينقطع الحديث عن خطايا الإعلام، والكوارث التى يرتكبها الإعلاميون فى حق هذا الوطن، ووصل الغضب إلى أن البعض طالب بمحاكمة الإعلاميين، وآخرون اقترحوا استبعاد عدد منهم، بينما اتجه آخرون إلى ضرورة تفعيل ميثاق الشرف الإعلامى.
كل هذه الأمور كانت اجتهادات أطلت علينا عقب كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الندوة التثقيفية التى أقامتها القوات المسلحة، والتى تحدث فيها عن كوارث الإعلام بانتقاداته المستمرة لكل شىء دون أن يعطى أملًا للمشاهد بأن هناك شيئًا إيجابيًا يتحقق على أرض الواقع.
هناك مَن لم يعجبه حديث الرئيس عن خطايا الإعلام، واعتبروا ذلك الانتقاد تدخلًا فى توجيه الإعلاميين، أو تدخلًا فى صيغة الخطاب الإعلامى، وترجموا كلام الرئيس على أنه حدا من حرية الرأى والتعبير، وهناك من تطرف فى رأيه  وقال إن انتقاد الرئيس للإعلام ما هو إلا عودة للوراء، إلى عصر مبارك، بل هناك مَن زايد على ذلك واعتبر عصر مبارك «كان أرحم»، لكن رغم كل هذا الظلام هناك قليلون تناولوا الموضوع بموضوعية، وأقروا أن هناك أخطاء فى الإعلام.
الحقيقة التى لم يتطرق إليها أحد، أن عددًا كبيرًا من الإعلاميين غير مؤهلين أو مدربين، نهائيا، على العمل الإعلامى، ومنهم من لا يفهم الفرق بين عمله فى قناة رياضية أو قناة للأزياء والموضة، وبين العمل فى قناة إخبارية، فقط كل ما يشغلهم ويهمهم هو التواجد أمام الكاميرا والميكروفون، وكل ما يعرفونه عن الإعلام أنه رغى متواصل وكلام والسلام!
إن الذى ساعد على تفشى هذه الظاهرة، هم رجال الأعمال أصحاب دكاكين الإعلام، أو كما يسمونها «قنوات» حيث إنهم يسمحون لكل من هب ودب أن يجلس أمام الشاشة ليبخ ما يريد فى وجه المشاهدين، مَن يصدق أن عددًا كبيرًا من القنوات الفضائية يتعاقد مع مذيعين لم يدرسوا الإعلام، ولا علاقة لهم من قريب أو بعيد بمجال الإعلام، فمنهم، مثلا، خريجو زراعة! والمفاجأة الكبرى أن هناك أشخاصاً يسمونهم الناس «مذيعين وإعلاميين» فى حين هم يحملون شهادات متوسطة، ولم يمر واحد منهم يومًا على ورشة فى العمل الإعلامى!
نحن لا نريد قطع عيش أحد، ولا نطالب هذه القنوات باستبعاد هؤلاء أو إيقافهم عن العمل، لكن أقل ما يمكن أن تفعله هذه القنوات أن تسارع بإعطاء هؤلاء الإعلاميين دورات تدريبية فى أصول المهنة، وتدريبهم على ميثاق الشرف الإعلامى، ليعرفوا أن الكلمة على الهواء مسئولية، ممكن أن تتسبب فى أزمات كبيرة قد تمس الأمن القومى وأمن المجتمع المصرى، لابد أن يعرف هؤلاء خطورة ما يقدمون.
فعلى الرغم من أننا نرى كل يوم تكتلات إعلامية جديدة لمجموعة من القنوات الفضائية، إلا أننا لم نسمع أن قناة واحدة حاولت تدريب العاملين لديها على العمل الإعلامى، ولو حتى بإحضار أساتذة متخصصين فى الإعلام من جامعة معروفة مثل جامعة القاهرة، ليحاضروا فى العاملين عن الخطاب الإعلامى وأهميته وخطورته حتى تستقيم الأمور.
هذا لن يحدث طبعا، لأن كل محطة فضائية لا يهمها إلا أن تصبح رقم واحد بين الفضائيات، تماما كما تفعل الدكاكين فى سوق الخضار، الكل يرفع صوته بالنداء على البضاعة من أجل جذب الزبون والربح الوفير، ولا يهمهم راحة الناس أو التوقف عن إزعاجهم، هؤلاء إن سألتهم على مصر سيقولون لك: «لتذهب مصر إلى الجحيم».