الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ماذا أنتم بفرنسا فاعلون؟

ماذا أنتم بفرنسا فاعلون؟






علّق الغرب لمصر المشانق لمجرد تكهنات بأن حادث سقوط الطائرة الروسية يقف خلفه عمل إرهابى، إذاً، ماذا أنتم بفرنسا فاعلون؟
لقد ضرب الإرهاب الأسود، مساء الجمعة، قلب العاصمة الفرنسية باريس، مدد الارهاب قدميه فى وجه الدولة الفرنسية ووجه أوروبا بحالها، عيانا بيانا، بلا مواربة ولا تكهن، سبع هجمات إرهابية متزامنة، منها تفجيران على الأقل، وقعا على بُعد أمتار قليلة من جلسة الرئيس الفرنسى فى مقصورته الخاصة، فى أحد أكبر الملاعب الدولية بفرنسا، كان الرئيس يشاهد مباراة لكرة القدم وقت أن كان الارهابيون يحصدون أرواح الفرنسيين الأبرياء فى الشوارع بالعشرات، إذاً، ماذا أنتم بفرنسا فاعلون؟
لم تكن العاصمة الفرنسية دولة من العالم الثالث، أو وطنا يتعافى من فوضى استمرت قرابة أربعة أعوام متصلة، إنها دولة عظمى لديها من الإمكانات المادية، والتقنيات الأمنية، ما يجعلها عصية - بما فيه الكفاية - على مثل هذه العمليات الإرهابية، صحيح أن الإرهاب لا يمكن التكهن به، ولا تمكن السيطرة عليه بشكل شامل، لكن ما أعرفه، وما هو معلن، أن ما تملكه دولة كبرى مثل فرنسا من أجهزة أمنية، وتحركات استخباراتية، وإجراءات استثنائية تتمثل فى تفتيش حثيث وتنصت على المواطنين وتوسيع رقعة الاشتباه، من أجل تتبع الارهاب، هى كفيلة بأن تجعلها دولة آمنة بما فيه الكفاية، لكن ما حدث جاء عكس ذلك، وما حدث قد حدث، والإرهاب أثبت للعالم أن كل الاحترازات الامنية والاستخباراتية التى تتخذها الدول الكبرى لا تقوى عليه، إذاً، ماذا أنتم بفرنسا فاعلون؟
إن حديثى موجه إلى المجتمع الدولى، وتحديدًا أمريكا ودول الغرب، تلك الدول التى بدت لنا فى الأيام الماضية وكأنها تحالفت مع الشيطان لكيلا تقوم لمصر قائمة، فهى تعمل بكل الطرق على تفتيت مصر والقضاء عليها وحصارها من جميع الاتجاهات متخذة من المثل الشعبى المصرى «اعمل من الحبة قبة» منهجا من أجل الإتيان على مصر، وكأن مشاكل العالم كلها انتهت ولم يتبق منها إلا مشكلة واحدة تنغص عليهم حياتهم وهى أن تتحول مصر إلى دولة قوية، فلم يجدوا شيئًا للتضييق به على مصر، بعد فشل مخططات هدمها، سوى ضربها فى أحد أهم مصادر رزقها وهو السياحة، خاصة مع روسيا، فتلك الدولة إضافة إلى انها صديق وحليف قوى لمصر، هى أكبر مصدر للسياحة بالنسبة للقاهرة، لذا قرر الغرب ضرب عصفورين بحجر واحد، الاول: توتير العلاقة بين البلدين، والثانى: تركيع السياحة بتصويرهم للعالم أن مصر دولة غير آمنة!
إذاً، ما هى الدولة الآمنة يا ترى؟ هل هى فرنسا؟
لقد شاركت باريس فى الايام الماضية، مع واشنطن ولندن، فى حصار مصر اقتصاديا، عن طريق تفريغها من السياحة، عملوا على إجلاء رعاياها، بشكل غير مبرر، من شرم الشيخ أجمل وأأمن مدن العالم، بدعوى أن مصر غير آمنة، رغم أن أيا منهم لم يمت له مواطن على أراضينا!، أعادوا رعايهم دون حقائب، فى رسالة غاية الخطورة وبالغة الضرر على الاقتصاد المصرى، إذ يقولون للعالم «مصر بلا أمن، الوضع هناك خطر» إذا، ما أخبار الأمان والأمن فى فرنسا؟ أحد ثالوث العدوان على مصر.
إن أول من علّق دوليا على العمل الارهابى فى فرنسا كان الرئيس أوباما، قال كلمات تضامنية معلبة، وآثر الحديث عن أى تكهنات حول الهجمات قائلا: «إنه لمن المبكر»، كيف يقول أوباما هذا؟ أليس لديه أجهزة استخباراتية وأقمار اصطناعية ترصد حركة النمل على الأرض؟ وسبق وأن قال إنها رصدت الطائرة الروسية وهى تفجر فوق سيناء (بحسب تصريحاته)، مشيرا إلى أن خلف حادث الطائرة الروسية عملا إرهابيا؟ أليست أمريكا تعرف كل شىء؟ لماذا لم تُدل بدلوها فى هجمات باريس وقالت «إنه لمن المبكر»؟
كنت أتابع كذلك فى الأخبار عن تصريح لرئيس الوزراء البريطانى يطالب فيه رعاياه بعدم السفر إلى فرنسا، وأن يعلن إجراءه عملية إجلاء حثيثة للبريطانيين من هناك، كالتى فعلها فى شرم الشيخ! توقعت أن تكشف بريطانيا عن رصدها مكالمات بين الدواعش يهنئون خلالها أنفسهم بالعملية الإرهابية، وحصدهم أرواح ما يزيد على 100 فرنسى على الأرض، قتلوا فى الشوارع بدم بارد! لكن لا صوت لبريطانيا على هذه الحادثة، إنها ترى فرنسا بلد أمن وأمان بالطبع، ولا إرهاب فيه، ولا شىء يحدث هناك.
إن ما حدث فى فرنسا مساء الجمعة، بقدر ما هو مفجع لكل مصرى وعربى قبل الدول الغربية (كوننا كمسلمين نعظم النفس التى حرم الله قتلها) بقدر ما هو يعد رسالة واضحة للعالم أجمع، أن مصر بلد أمن وأمان، وأن من دخلها كان سالما، وأنها بإمكاناتها الفقيرة، ووضعها الصعب، قادرة على فرض الأمن على أرضها أكثر من أعتى دول العالم، ومن لا يؤمن بهذه المسلمات فعليه قبل أن يحدثنى عن مواجهة الإرهاب فى إحدى دول العالم الثالث أن يقول لى: ماذا أنتم بفرنسا فاعلون؟