
كمال عامر
الإخوان والإعلام «2»
حالة من التربص وعدم الثقة بين الإعلام بشكل عام وقيادات جماعة الإخوان.. ليس الإعلام الخاص. بل الإعلاميون فى إعلام الدولة.العملية بسيطة.. الإخوان المسلمون جماعة وصلت لحكم مصر حديثا ودون سابق إنذار والإعلاميون مجموعة تملك خبرة عملت طوال حياتها فى ظل نظام الرئيس السابق مبارك.. البعض منهم اقتنع وساند.. عدد منهم عارض فى شجاعة واستمرت الحياة ما بين إعلام خاص كان لزاما عليه المعارضة طمعا فى نسبة أعلى من المشاهدة وتحقيق أرباح لتعويض حجم الإنفاق والأجور.. حتى لو كان هناك تنسيق بين هذا النوع من الإعلام والأجهزة المختلفة فى الدولة من وزراء.
فى نفس الوقت ازدهر تليفزيون مصر الرسمى بعد تركيز أنس الفقى وزير الإعلام الأسبق فى خلق كيان اقتصادى متحرر، وفى الوقت نفسه مساند للدولة أو يتبنى سياسة الدولة مع تحقيق دخل مالي.. ولأن السياسة موضوع لا يلقى إقبالاً وسط الناس من تليفزيون الحكومة لذا كان تركيز الوزير أنس الفقى على الرياضة والفن.
الإخوان عندما وصلوا للسلطة بدورهم حاولوا جذب الفئة الإعلامية ونجوم الإعلام الموجودين بالسوق.. ظنا منهم أنهم ورثة النظام السابق وبالتالى انتقال مجموعة الإعلاميين لتأييد الإخوان عملية روتينية.كان من الممكن أن يحدث ذلك لو أن الإخوان المسلمون بذلوا مجهودا فى هذا الإطار على الأقل لشرح السياسات والبرامج والأهداف ولو حدث ذلك لربما وقف التصادم على الأقل.
الإخوان حاولوا تأديب الإعلام.. تعاملوا مع الإعلاميين كما تعاملوا مع خصومهم رافعين شعار معايا أو ضدي.. خسر الإخوان المسلمون الجولة الأولى فى معركتهم مع الإعلام.. حتى مع إعلام الدولة وهو المفروض المدافع عن الدولة مهما كان من يتولى ولكن التغييرات التى حدثت بالإعلام بعد يناير 2011 بالطبع كان من نتيجتها زيادة مساحة الحرية الممنوحة لإعلام الدولة أيضا.. وسط هذا الجو ولغياب خطط الإخوان لتتعامل مع الإعلام ولغليان الشارع والأضرار المعيشية التى تحيط بالمواطن. كلها ظروف كانت دافعا لهروب نسبة كبيرة من إعلام الدولة من قيود وشروط العمل الإعلامى فى مطبوعات الحكومة.
الإعلام ينحاز للشارع.. وينحاز لضميره ولحريته وللمواطن.. نعم لكن أيضا وسط هذه الشعارات هناك شريحة إعلامية غير منسجمة مع الوضع الحالي.. هى أمور عادية تحتاج وقتًا للعلاج.الإخوان بدورهم ولأنها المرة الأولى فى تعاملهم مع إعلام متنوع ولعدم وجود كوادر بينهم يمكنها أن تلعب دورا فى لم شمل الأسرة الإعلامية ليس على طريقة «معايا وإلا» بل عن طريق عدد من الوسائل معروفة أهمها التواصل وشرح الغامض من الموضوعات.
حتى عندما لجأ الإخوان إلى أسلوب التخويف باستخدام البلاغات سلاحا لوقف الهجوم عليهم. كنت قد ناشدت قيادات الإخوان عدم الأخذ بهذا التوجه أو الأسلوب لأن الإعلام قوى والإعلاميون يملكون ما يؤلم من فى الحكم. ثم معاداة الإعلام أمر يلحق أشد الضرر بصاحب العداوة! الإعلام فى مصر قوى ومتماسك.. والإخوان لن ينجحوا فى ردعه لكن يمكنهم جذب شريحة منهم على الأقل الداعية لتوفير ردود شافية.الطبع هناك جزء مهم من الأزمة لبعض قيادات الإخوان فى دفعاهم عن القرار يتبعون كل الأساليب المشروعة والحجة الباهتة!!
لم نسمع عن قيادى إخوانى شجاع يعترف بحقيقة مشكلة ما دون أن يرجعها لمبارك والوزير السابق والمدير السابق.. أيَّا كان الموقف الان.. أعتقد أن الإخوان خسروا الإعلام ومازالوا لكن أمامهم فرصة على الأقل لوقف العداء.. الأمر هنا كل طرف يحاول بكل الطرق إثبات أن وجهة نظره هى الصحيحة.
الإخوان وصلوا للحكم.. والإعلام الخاص لا يمكن أن يترك موقع المعارضة وينضم للإخوان وإلا فقد نسبة المشاهدة العالية.. وبعض الصحفيين بإعلام الدولة مازالت أقلامهم غاضبة.. ومن ناحيتهم الإخوان مازالوا يرفعون شعارا معايا وإلا.. ومازالت تبريراتهم تجاه المشاكل الموجودة بالشارع غير مكتملة وأيضا مازال بينهم من يؤدى دور التواصل وإلى أن تصل نقطة تلاق على الإخوان على الأقل تطبيق شعار التغيير كفى التعامل بنفس الأساليب التى رفضها هم قبل غيرهم.. التجربة أثبتت أن معاداة الإعلام مشكلة.. ولو إعلامى واحد والتحرش السياسى بالإعلاميين مشكلة.. وترهيب إعلامى أو تهديده مشكلة.. الناس بدأت تتمرد على الخوف والدليل تمرد والتظاهرات ما بالك بالإعلام والإعلاميين.
[email protected]