
كمال عامر
مصر .. وروزاليوسف
■ توقفت الحياة فى مصر منذ أمس الأول.. انقسم المصريون ما بين «تمرد وتجرد».. ووصل الخلاف إلى مكان العمل وحتى داخل المنزل الواحد.
وسط هذا الاختلاف نشط الإعلام المعارض لحكم الإخوان.. نجحوا فى تصدير حالة من الارتباك والخوف إلى المعسكر الحاكم.. وساعد لغة الخطاب التهديدى من جانب قيادات تظاهرة رابعة العدوية.
وسط هذا الجو الملبد بالغيوم وحالة القلق التى بدأت تنتاب المصريين حكومة ومعارضة، جاء الموقف الغاضب من جانب العاملين فى مؤسسة «روزاليوسف» بشأن مستحقات مالية متأخرة وتباطؤ حكومى فى تلبية نداءات ووساطات الإدارة.
المهم وسط هذا المشهد المؤلم تم وقف طبع جريدة «روزاليوسف» لمدة ثلاثة أيام، وهو احتجاب مهم على الأقل لبعث رسالة بالتضامن مع العاملين فى المؤسسة ورفض المساومات أو الضغوط من خارج المؤسسة.
العاملون فى مؤسسة «روزاليوسف» غاضبون وغضبهم مشروع، هم يعيشون وسط أزمات متنوعة وهو ما دفع الجميع للتضامن معهم والوقوف بجانبهم.
الموقف صعب أن تحتجب المطبوعة.. وأن تتوقف عجلة الانتاج والحياة داخل المؤسسة لكن هناك تصميما واضحا من الجميع على تخطى الأزمة والتضامن معا.
أرى أن طلبات العاملين عادلة ومهمة ويجب تلبيتها.. ومازلت عند رأيى بأن إدارة «روزاليوسف» و«عبدالصادق الشوربجى» تحديدا يمكن أن يساعد فى تحقيق تلك المطالب.. بعد ساعات من الحوار المهم مع عدد كبير منهم، المطالب تدور حول الجزء الثانى من منحة رمضان الماضى.. وضمان بموعد صرفها.. صرف باقى المستحقات.. إعادة النظر فى نظام العلاج بالمستشفيات والاهتمام به.. تعيين مجموعات الطوارئ.. جدول ثابت وواضح بمواعيد ثابتة لصرف المستحقات المالية المطلوبة لكل العاملين.. النظر فى الدراسة الجديدة لصندوق التكافل وتطبيقها.
العاملون أيضا ليسوا ضد أشخاص.. لكن ضد أداء.. وهناك توجهات ورأى فى أداء القيادات.
وقد استمعوا لى بأن الفترة الحالية خطيرة على البلد كله.. وأن هناك مؤسسات مثل دار المعارف والجمهورية لديها مشاكل أكبر مما عندنا وحل المشاكل الحالية للعاملين بالمؤسسة لا يمكن أن تنحصر فى تغيرات لأنها أعمق من ذلك.. هناك ضرورة مهمة للبحث عن موارد جديدة والأهم إعادة هيكلة إدارات المؤسسة وقطاعاتها مما يقلل من المصروفات ويعيد تشغيل الطاقة المعطلة.. أيضا من خلال الحوار يمكن أن أرصد أن هناك غيرة وخوفا من هؤلاء على مستقبل المؤسسة نظراً لحالة الحصار التى تضرب كل المؤسسات الاقتصادية وهو ما يتطلب الانتباه إلى الصعوبات وتفهم الأزمة والبحث عن حلول.
غضب العاملين فى «روزاليوسف» مشروع ومبرر وهو يدور حول حقوق مالية متأخرة وهى حقوق نتيجة عمل وعرق وسهر والتزام.. عجلة المطابع فى «روزاليوسف» تدور وهناك انتاج ولكن لأن مستلزمات الانتاج مثل الورق وغيره مقابل قروض، الأمر الذى منع العاملين فى «روزاليوسف» من الحصول على الأجر العادل للجهود المبذولة.. العاملون لديهم حقوق.. والإدارة يدها مغلولة.. والظروف الاقتصادية مؤلمة.. ووسط هذا الجو المشحون بالغضب.. أعتقد أن روزاليوسف سوف تخرج من تلك الأزمة أكثر قوة خاصة أن من استمعت إليهم يشعرون بالخطر على المؤسسة والغضب هو التعبير العاكس لهذا الشعور.. وإذا كانت الردود الإعلامية تؤكد حصول المؤسسة على مليون جنيه شهريا كمتوسط مساهمة من الشورى فى دفع الالتزامات المالية.. فالمؤكد أن توفير باقى المستحقات المالية الشهرية وهى 2.3 مليون جنيه من موارد المؤسسة يؤكد ويوضح نجاح محاولات الإدارة فى هذا الشأن. ويؤكد أيضا أن العاملين بالمؤسسة يعملون ويعرقون وينتجون وهو أيضا ما يوضح أن «روزاليوسف» فى حاجة لمضاعفة عجلة الإنتاج وأن الديون التاريخية هى العائق الرئيسى وراء الاستقرار المالى للمؤسسة.
قد لا يتفهم البعض أن مؤسسة «روزاليوسف» تعمل وتنتج وتحقق مكسب.. لكن هذه الأرباح لا تظهر لأن الإدارة تقوم بتسديد جزء من قروض لشراء الورق حديثا.
ووسط هذه الحالة أعتقد أن غضب العاملين بـ«روزاليوسف» لم يوجه ضد شخص ولا صاحب منصب.. هو تحديدا صرخة وإنذار مبكر لمشاكل وصعوبات قد تزداد فى المستقبل وهذا معناه أن يقوم كل شخص داخل المؤسسة بواجبه فى حل تلك المشكلة.
علينا أن نعترف بصعوبة الموقف وحساسية الأمر.. لكن فى النهاية المجهود الواضح من جانب الإدارة لحل تلك المشاكل أمر يحسب لها، لكن عليها أيضا أن تصارح العاملين بالأزمة بصراحة على الأقل لتفهم الموقف ومساندة الإدارة.
■ الأصدقاء الذين تضامنوا مع العاملين بـ«روزاليوسف» وأزمتها، أشكركم.. لقد انتبهت إلى أن تاريخ تلك المؤسسة العريقة لا يمكن اختصاره فى أزمة ان شاء الله تكون عابرة.
وأؤكد مرة أخرى: «روزاليوسف» لن تستسلم ولن تركع أو تجوع.. لدينا حقوق وعلى الحكومة أن تساعدنا كما تساند المؤسسات الحكومية الأخرى.
■ على جميع العاملين بـ«روزاليوسف» الانتباه إلى خطة الوقيعة بين قطاعات المؤسسة وقيادتها والعاملين فيها.. مثل هذه الخطط قد تلحق الضرر بنا جميعا وعلينا أن نقاومها ونكشفها.. الأزمة فى مستقبل المؤسسة ككل وكيف يمكن لها الاستقرار والازدهار.
[email protected]