
عصام عبد الجواد
أوهام رئاسة البرلمان
فى هذا الوقت العصيب الذى تشهده البلاد من تداعيات داخلية وخارجية ومن جماعات إرهابية مسلحة ودول غربية وعربية تعمل بشتى الطرق على الإيقاع بمصر وتحويلها إلى سوريا أو ليبيا أو العراق واليمن، وفى الوقت الذى أصبحت فيه مصر هى الدولة الوحيدة فى المنطقة التى مازالت متماسكة ولها جيش وشرطة تحميها ولها شعب يقف بالمرصاد لكل المخططات الخارجية واستطاع هذا الشعب أن يستكمل خارطة الطريق بشكل جيد لم يتوقعه المتربصون به..
ما إن انتهينا من انتخابات البرلمان حتى طفح على السطح وهم كبير اسمه رئاسة البرلمان، كل عضو من الأعضاء الذين نالوا ثقة أبناء دوائرهم يرى نفسه أحق برئاسة البرلمان، لماذا؟ لا أدرى حتى زاد عدد من يرون أنفسهم الأحق بهذا المنصب على ثلاثين أو أربعين عضواً، والأغرب من ذلك أن كل واحد منهم يعدد مميزاته إذا كان رئيساً للبرلمان، ثم ودون داع يتطاول على الآخرين بأنهم لا يصلحون لرئاسة البرلمان، بل وصل الأمر إلى حد القذف العلنى لبعض الشخصيات التى يمكن أن يأتى بها بالتعيين فى البرلمان، وزاد على ذلك أن بعض الأشخاص هاجم القيادة السياسية وبضراوة غير مبررة متهمها بأنها سوف تتدخل فى اختيار رئيس البرلمان من خلال تعيينها شخصيات سياسية معروفة حتى تترأس البرلمان.
ودعا أحد أعضاء البرلمان - الذى لم يكن يحلم فى يوم من الأيام بدخول هذا المكان الموقر - زملاءه أعضاء البرلمان للاجتماع لاتخاذ قرار بعدم اختيار رئيس للبرلمان من المعينين، فى دعوة صريحة للتأثير على الآراء ومخالفة القوانين التى تعطى الحق للعضو المعين فى الترشح لرئاسة البرلمان أو رئاسة اللجان.
المواطن المصرى الغلبان الذى كان يأمل أن يكون هذا البرلمان معبراً تعبيراً جيداً عنه وعن أحواله وعن بلده الذى يعيش ظروفاً استثنائيةً بدأ بتوجس خيفة بأن هذا البرلمان الذى ترك كل شىء وما وعد به أبناء دوائرهم من تحقيق أحلامهم والنهوض بهذا الوطن من أجل مصر وتفرغ للفوز بكعكة الرئاسة.
بصراحة شديدة ولكونى ممن تشرفوا وعملوا من قبل محرراً برلمانياً أعرف جيداً لماذا هذا الصراع المحتدم لرئاسة البرلمان، خاصة من شخصيات البعض يعتبرها هلامية، لأن رئاسة البرلمان معناها مضاعفة دخل العضو العادى لثلاثة أضعاف، ومعناها سيارة مرسيدس وأخرى «بى إم دبليو» وحراسات خاصة وسفريات كثيرة للخارج واستقبالات لمسئولين كبار من الخارج والداخل وتسهيل أشياء كثيرة لا يمكن أبداً أن يحلم بها فى الماضى وهذا الكلام لن يرضى عنه الشعب المصرى الآن، أضف إلى ذلك النجومية التى سينالها فى الشارع المصرى حتى إن كان مشهوراً من قبل فنجومية رئيس مجلس الشعب تختلف اختلافاً كلياً عن نجومية الفضائيات أو أفلام السينما.
الشعب المصرى المغلوب على أمره يبدو أنه تعود أن ينال الصفعات من أعضاء البرلمان ففى الماضى كان أعضاء مجلس الشعب من الحزب الوطنى يواعدونه بأنهم سوف يحققون أحلامهم وبعد دخولهم المجلس لا يراهم أحد ولا يسمع عنهم إلا فى الانتخابات المقبلة.
وكان همهم الحصول على التوكيلات التجارية والمصالح الشخصية من خلال الصراع على رئاسة اللجان لأنهم كانوا يعرفون جيداً أن كرسى الرئاسة محجوز مقدماً.
أما فى عهد الإخوان فكان الصراع من أجل كعكة أكبر بكثير من مجلس النواب وهو السيطرة على مصر من شرقها إلى غربها.
أما مجلس النواب الحالى فهو على ما يبدو سوف تغلب عليه المصالح الشخصية أيضاً ولكن هذه المرة بشكل منفرد فكل واحد يبحث عن أهدافه الذاتية، خاصة أن زمن التوكيلات والمصالح التجارية أصبح أقل من زمن الحزب الوطنى لكن الوجهة أصبحت أهم من خلال رئاسة البرلمان أو اللجان بعد أن نجح عدد كبير من الأعضاء من خلال المال السياسى وهم لا يحتاجون لهذه التوكيلات فقط يحتاجون لمنصب يزيد من وجاهتهم.. فى الوقت الذى نبحث فيه جميعاً عن العمل الجماعى من أجل هذا البلد ومن أجل الدفاع عن مصر التى تستحق إنكار الذات وعليهم أن يضعوا الشعب أمام أعينهم قبل فوات الأوان.