السبت 20 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إعلام وفضائيات: كله على كله!

إعلام وفضائيات: كله على كله!






أحسد كل زميل صحفى لديه القدرة على الكتابة اليومية!! بل ويدهشنى أن نفس الزميل يكتب مقالا أسبوعيا وآخر شهريا فى أكثر من مطبوعة، وفى نفس الوقت يجد الوقت الكافى لكى يظهر على الشاشات محللا ومنظرا وناقدا فى كل أمور الحياة.
أنهم يكتبون.. ماذا يكتبون.. دعهم يكتبون، مجرد رص كلام بجوار بعضه والسلام. أما على الشاشات والفضائيات فأنهم يتكلمون! عن ماذا يتكلمون دعهم يتكلمون!! كلام كلام كلام!!
اختلط الحابل بالنابل وضاعت المسافات تماما فلا غرابة أن تجد أسماء بعينها تحتكر الظهور الإعلامى بتكرار وإلحاح!
لا تندهش من هذا الفلان الذى يظهر فى اليوم الواحد فى عدة برامج متتالية ثم يتفرغ بعد ذلك لبرنامجه الخاص، وما قاله فى البرامج السابقة يعيد «لته وعجنه» فى برنامجه!
هذا «الفلان» أو هذا «العلان» يتحدث فى كل شيء وأى شيء، فهو ضيف البرامج السياسية والاجتماعية والاقتصادية بل والرياضية!
سوف تشاهده محللا وخبيرا اقتصاديا يتحدث عن أزمة الدولار والجنيه وكيف تخرج الحكومة من مأزق التضخم بالتفكير خارج الصندوق!
وسوف تشاهده - هو نفسه - خبيرا تربويا يشرح لمشاهديه فن السعادة الزوجية وكيفية حل الصراعات داخل مؤسسة الزواج وفن التوافق الزوجى وسر الخرس الزوجى بين الزوجين!
وسوف تشاهده فى برنامج سياسى يحلل لحضرتك أبعاد الأزمة السورية ومأزق المعارضة مع النظام وضرورة البحث عن حل ما للأزمة بشرط أن يكون خارج الصندوق!
وسرعان ما تشاهد هذا الفلان وقد ارتدى المحلل الرياضى وظهر فى برنامج رياضى ليشرح لنا أزمة رأس الحربة فى الفرق المصرية، ولماذا تهاجم الفرق برأس حربة واحد بدلا من اثنين وما الفارق بين المدرسة البرازيلية والمدرسة الحلمنتيشية فى اللعب وسر عجز المدربين فى الاستعانة بـ«الهاف دفندر» من «السرد الباك» وأخيرا يطالب أعضاء المنظومة الرياضية بالتفكير خارج الصندوق أو خارج المستطيل الأخضر!
هذا الفلان من صفاته الأساسية أنه لا يكل ولا يمل ولا يهدأ أبدا فهو دائم التنطيط من محطة إلى محطة ومن برنامج إلى آخر.. حاملا معه حقيبة تفيض بالجهل، ذلك الجهل النشيط كما أسماه أستاذنا الكبير «أحمد بهاء الدين» رحمه الله.
ربما كانت المحطات الوحيدة الذى فشل هذا «الفلان» أو «العلان» باقتحامها واحتلالها هى قنوات الرقص التى تهز سماوات العالم العربى برقصاتها وراقصاتها.. وكذلك محطات «الطبخ والطبيخ».
إذا كان الكلام فى السياسة والاقتصاد والرياضة والفن - كما نشاهد ونسمع - لا يحتاج إلى علم ومعرفة ومعلومات بل همبكة وهرتلة، فإن الكلام عن «الرقص» أو «الطبخ» يحتاج إلى مهارة وعلم ومعرفة.
أما الكلام فى السياسة فلا يحتاج إلى ثقافة ومعرفة بل كل الحكاية تكمن فى الصراخ والزعيق واقتراح حلول «همايونية» افتراضية لا محل لها من الإعراب، مجرد كلام أجوف وطق حنك الهدف منه إبهار المشاهد الذى يتظاهر بتصديق ذلك الهطل والهبل الذى يتفوه به ويلفظه السادة الإعلاميون الجدد الذين يظنون أنهم امتلكوا الحقيقة المطلقة، والحكمة المؤكدة، وما على المسئول والمشاهد إلا أن يقول لهم: آمين.
فى كل الدنيا انتهى الإعلامى الذى ينتمى لمدرسة «كله على كله» إلا فى إعلامنا، فمازالت نظرية «كله على كله» هى التى تسيطر على إعلامنا!