الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عيد أم الشهيد

عيد أم الشهيد






كلنا نحتفل بعيد الأم هذه الأيام، كل سنة وكل أم بخير وصحة وسعادة وكل مصر فى أحسن حال، لكن هناك عيد أم مختلفا نهائياً لم نفكر فيه هو عيد أم الشهيد، فكل أم استشهد ابنها هى الآن تعيش حياة مختلفة عن كل الأمهات بعد أن فقدت فلذة كبدها فأصبحت الأيام والساعات والشهور مختلفة بالنسبة لها ولا تجد ما يصبرها على فراق ابنها إلا متعلقاته الشخصية التى تعود إليها وتشم ريحه فيها وتناجيها وكأنها تناجى ابنها.
أنا واحد ممن عاشوا عيد الأم مع أمى رحمها الله بعد أن استشهد ابنها الأكبر فى حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، وظلت أمى حتى وفاتها فى مارس عام 2003 وهى فى حالة حزن على فقدها ابنها الأكبر وكانت فى عيد الأم تسترجع ذكرياتها بأن تخرج من دولابها متعلقاته وكأنها تناجى ابنها الأكبر الذى كانت تنتظره فى كل حين وهى تعلم أنه حى يرزق فى السماء فكانت تناجيه وكأنه يرد عليها، حتى إننا كنا نخاف عليها ونحاول بشتى الطرق أن نخرجها من الحالة التى هى عليها.
اليوم أشعر بكل أم شهيد فى وسط الاحتفال بعيد الأم بعد أن فقدت ابنها شهيداً فى الميدان وهى تنتظر ابتسامة من ابنها وليس هدية كما يتصور البعض، هذه الابتسامة تعيد لها روحها التى فقدتها بفقدها ابنها أو بحضن ابنها بين ذراعيها كما كانت تفعل فى الماضى، لكن الله سبحانه وتعالى قد حرمها وهى على قيد الحياة منه وسوف يعوضها ويعوضه فى جنة الخلد.
فى هذا اليوم الذى يحتفل فيه العالم أجمع بعيد الأم علينا نحن أن نحتفل بأم الشهيد فهى أحوج إلينا الآن من أى وقت مضى، أن نذهب إليها، وأن نمد أيدينا إليها، ونحاول بقدر الإمكان أن نعوضها ولو جزءاً بسيطاً مما تشعر به أمهات الشهداء، نحن نحتاج إلى أن نتكاتف ونلتف حول أمهات الشهداء وأن نتذكر مواقفهم البطولية، فقد ضحوا بأرواحهم الزكية من أجل أن نعيش نحن ومن أجل أن تبقى مصر وطنا، أقصد باحتفالنا بأم الشهيد ألا يكون الاحتفال مقصوراً على شهداء القوات المسلحة والشرطة فقط بل كل من ضحى بروحه من أجل هذا الوطن وعلينا كأفراد أو جماعات أن نذهب لكل أم فقدت ابنها، أن نحتفل بها، ونقدم لها ولو وردة صغيرة، أو بالسؤال عنها فى هذا اليوم فهى أحوج ما تكون بأن نكون جميعا حولها بعد أن تحولت حياتهن إلى جحيم بعد فقدان أبنائهن.
فآلام الفقد التى تنتاب كل أسر الشهداء واحدة، ودوافع الذين استشهدوا جميعا فى حب هذا الوطن أيضا واحدة من أجل أن نبقى نحن أحياء ونحن لا نملك لهم جميعا إلا الدعاء لهم والثناء عليهم ما حيينا والوفاء لأحلامهم التى حققوها لأوطانهم ودفعوا حياتهم ثمنا لها.
نرجو من الله العلى القدير أن يتقبلهم فى عليين، وأن يصبر أسرهم وأمهاتهم، وأن يجعلنا سببا فى تخفيف آلامهم ولو للحظات فى عيد الأم.