السبت 20 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الفضائيات مصانع نشر الأفكار الهابطة!

الفضائيات مصانع نشر الأفكار الهابطة!






لست وحدى الذى يشكو من «الحال المايل» لغالبية الفضائيات العربية التى تزدحم بها السماوات العربية!
الكل يشكو هذا الحال المايل والفوضى الإعلامية والصخب والدوشة التى تملأ الفضائيات وبرامجها الخايبة وضيوفها الذين تحولوا بقدرة قادر من مشاهد هاو إلى محلل وخبير وعالم استراتيجى!
كل فضائية تتسابق مع شقيقاتها الفضائيات فى التفاهة والعبط وتتبارى فى تقديم الهبل على الشيطنة والسفالة تحت مسمى المسابقات وبرامج اتصالات المشاهدين!
أصبحت الفضائيات مسرحًا ومرتعًا لكل صاحب فكرة عبيطة أو مبادرة خبيثة ضد الأخلاق والثوابت والوطنية وهات يا رغى وكلام وكذب وعراك وخناق واحتجاجات!
لست ضد أن يشارك المشاهدون بآرائهم فى هذه البرامج، وللحق أقول إن آراء بعض المتصلين من المشاهدين والمشاهدات أكثر وعيًا ونضجًا وحكمة واتزانًا من كل ضيوف البرنامج بل ومقدمه أو مذيعة أيضًا.
لكن ما لا أفهمه أو استوعبه إطلاقًا هى اتصالات بعض المشاهدات أو المشاهدين لكى يحكوا لنا مقتطفات من سيرتهم الذاتية حتى يستفيد منها ملايين المشاهدين من المحيط إلى الخليج!
وأكاد أشك فى مصداقية هذه الاتصالات من أساسه، فهل توجد زوجة محترمة على سبيل المثال تتصل بطبيبة لتشكو لها وبالتفصيل لماذا خانت زوجها مع صديقه وبالتفصيل الممل؟!
وهل يعقل أن توجد من تتحدث على الهواء مباشرة فى أحد البرامج الطبية لتعترف بأنها تجد المتعة فى إمتاع نفسها بنفسها ولا تجد نفس المتعة فى العلاقة مع زوجها، بل الأغرب ومن سياق كلامها تحكى للمشاهدين عن المتعة الفائقة من وراء ذلك!
إن مثل هذه المشاكل ــ وهى موجودة بالفعل ــ مكانها عيادة طبيب أو طبيبة لا مكانها كاميرات التليفزيون وشاشات الفضائيات!
الإثارة والإثارة وحدها ومخاطبة الغرائز هى ما يبحث عنه البرنامج وكلما زادت الإثارة أو السفالة ــ كلاهما واحد ــ تزيد نسبة المشاهدة وتنهمر الإعلانات، وتأتى الاستفتاءات الوهمية لتجعل من هذه البرامج أكثر البرامج فى نسبة المشاهدة!
حتى البرامج الجادة انزلقت إلى فخ الإثارة، وتلتقط أى حادث تافه وعارض لتجعل منه موضوعًا ساخنًا تفرضه بقوة الأمر الواقع إلى موضوع يهم الملايين!
وأجدنى اتفق تمامًا مع تحليل عاقل للكاتب العربى الكبير الأستاذ «سمير عطا الله» الذى كتب مقالا تحت عنوان «ليست مزحة» بجريدة الشرق الأوسط يقول: «إن بعض القنوات الجديدة تحولت إلى مصانع يومية لتسفيه الحقائق ونشر الأفكار الهابطة، من دون أى محاسبة، وتحت ستار حرية الرأى «تشن التليفزيونات حملات مدمرة خالية من أى ضابط أخلاقى، وحتى الصحف الكبرى تسمح لكتابها أو محرريها بإطلاق النعوت الرخيصة ما دام الشخص المعنى لا يخيف خارج القانون أو داخله، ولم يعد مهمًا ما كان شديد الأهمية من قبل، أى أن تكون القناة مستقلة من أجل مشاهد مستقل وحر يريد المعرفة وليس العصبية، إذ ثمة سباق فاضح نحو أعداد المشاهدين بصرف النظر عن مستوى المنتج، وزادت الضائقة الإعلانية فى هذا الانحراف المحموم، كما دخلت الصحف الرصينة فى حمى اللحاق بأى نوع من القراء من خلال أى نوع من المادة الصحفية، وإذا كان ربح «المعركة» يتطلب الانزلاق نحو هذا الهراء، فلا شك أن بعضًا يفضل الخروج منها، إنها ليست مهنة بل مسألة مجتمعات ودول».
فعلاً يا أستاذنا إنها مسألة مجتمع ودولة ووطن وشعب وليس مجرد برنامج تافه يشاهده مئات الآلاف!