الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
قمة السيسى وسلمان

قمة السيسى وسلمان






ربما يكون الحدث الأكبر والأهم فى مصر منذ بداية عام 2016 هو زيارة الملك سلمان لمصر ولقاءه الرئيس عبدالفتاح السيسى، خاصة أن دول المنطقة كلها تترقب هذا اللقاء لما تترجمه هذه الزيارة من تفاهمات بين الدولتين.
فالعلاقات المصرية - السعودية لها خصوصية بالغة الأثر والأهمية فى نفوس الشعبين المصرى والسعودى، والعالم العربى والخارجى ينظر إلى هذه الزيارة على أنها زيارة تاريخية لأنها تحمل من المعانى الكثير بعد أن أصبحت الدولتان المصرية والسعودية أكثر استقرارًا عن باقى الدول العربية، وتمتلكان قوة عظيمة تستطيع ردع أى باغ فى المنطقة، خاصة بعد أن نجحت «عاصفة الحزم» فى اليمن بردع عصابة الحوثى التى كانت تأمل فى السيطرة على اليمن لتمتد بعدها إلى دول الخليج.
 فبعد أن أشاع البعض وجود خلافات بين الدولتين فى وجهات النظر، خاصة فى السياسة الخارجية، تجىء هذه الزيارة لتؤكد أن الخلاف فى وجهة النظر لا يمكن أبدًا أن يخلق فجوة بين الدولتين الشقيقتين، خاصة أن دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية كانت ومازالت الدرع الكبرى لمصر فى ثورة 30 يونيو، وحتى الآن، للتخلص من الإرهاب والإرهابيين.
فمن المهم أن تخلق هذه القمة آليات جديدة لتحقيق الأهداف المرجوة بشأن سرعة إنجاز المصالح الاستراتيجية العميقة بين مصر والسعودية، حيث لا رهان لتوسيع فرص الاستثمار والتجارة والصناعة فى مصر إلا بمشاركة فعالة من الأشقاء السعوديين، وأعتقد أن حزمة الاستثمارات السعودية التى أطلقت فى الأيام الماضية التى تقدر بـ30 مليار ريال سعودى هى خير دليل على أن العلاقات المتينة بين الدولتين ولا يمكن أن تشوبها شائبة، وبالتالى يجب أن تكون القاعدة الحاكمة لكل من مصر والسعودية، قادة ومسئولين، أننا لم نعد نملك ترف التباكى على الماضى والاستسلام للشائعات ومشعلى الحرائق بين الدولتين، بل لا بد من التحرك السريع لإطفاء هذه الحرائق، التى تكون أحيانًا وهمية، وإعادة ترتيب البيت العربى مرة أخرى من الداخل، وعودة زمن التحالفات العربية بعد أن أصبحت مصر والسعودية تملكان القرار السياسى والأمنى فى المنطقة.
إن العلاقات التاريخية المتجذرة بين الشعبين المصرى والسعودى هى التى تحكم العلاقة بين البلدين، مصر والسعودية على الخريطة، جغرافيا واستراتيجيا وثقافيا، تعدان قوسين يحيطان جملة مفيدة وهى (أمن المنطقة العربية)، ويشارك الشعبان قادة دولتيهما ويسندانهما من أجل المضى قدما فى طريق التكاتف والتلاحم المحفوف بالاشواك والالغام والمخاطر التى تحاك من قبل دول وقوى تهدف إلى تفتيت المنطقة وتحويلها إلى اشلاء.
إن زيارة خادم الحرمين الشريفين لمصر فى هذا التوقيت نسفت - وبكل قوة - أحلام وأوهام الشامتين فى مصر والسعودية، وأكدت أن الدولتين على قلب رجل واحد، وأنهما لن تدخرا جهدًا من أجل استقرار وسلامة الدولتين والمنطقة كلها، وتؤكد الزيارة أيضًا أن هناك نواة لتحالف عربى كبير سوف يولد فى الأيام المقبلة من أجل عودة الهدوء والاستقرار للمنطقة العربية.
الطريق إلى منطقة عربية قوية وتطبيبها من الضعف والوهن الذى أصابها بعد الأحداث التى طالتها أعقاب الثورات التى جرت فى العالم العربى، لن يحدث فى يوم وليلة، بل يحتاج إلى مجهود كبير، وسعى حثيث، وتخطى عقبات جمة، تصنعها الصدف او الظروف أحيانا ويحيكها متآمرون غالبا، تلك الامور تدركها جيدا القيادة السياسية المصرية والسعودية، وتعملان سويا على تخطيها والمضى فوقها، ولتكن تلك الزيارة خير دليل، ورداً أمثل، على كل ما يقال حول العلاقة بين مصر والسعودية التى لن تعرف الخلاف أبدا.