السبت 20 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
آراء مهمة فى أحوال الأمة!

آراء مهمة فى أحوال الأمة!






من أجمل وأصدق العبارات التى قالها الإمام «الشافعي» منذ سنوات طويلة العبارة القائلة «رأيى صواب يحتمل الخطأ، ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب»..
والمعنى الجميل فى هذه العبارة الحكيمة أن لا أحد يمتلك الحقيقة المطلقة ولا أحد يحتكر الصواب المطلق، وقد يكون رأيك صوابًا فى مسألة ما لكن عندما تكتشف معلومات وحقائق جديدة بشأن هذه المسألة فلا مفر من اعترافك بخطأ رأيك!!
هذه العبارة البليغة ينساها معظم ضيوف البرامج الفضائية أو يتركونها على باب الاستوديو من باب الاحتياط إذا كانوا لم يتركوها فى المنزل قبل ذهابهم إلى استديوهات مدينة الإنتاج الإعلامى! حيث مقر مئات وآلاف الدكاكين والبوتيكات الفضائية!
وبدلًا من تذكر عبارة الإمام الشافعى «بالغة الدلالة اخترع الضيوف عبارة حديثة تدعو للعجب والدهشة والغرابة أيضًا.
هذه العبارة تتكرر دائمًا بغير انقطاع سواء كان الضيف خبيرًا سياسيًا أو محللًا رياضيًا أو ناشطًا حقوقيًا أو ناقدًا فنيًا أو أى حاجة والسلام لا بد أن يقول هذه العبارة ومشتقاتها!!
ما إن يبدأ الضيف كلامه حتى يبدأ بعبارة: فيه حاجة مهمة لازم نعرفها كلنا! فيقاطعه الضيف الآخر: بس أنا عندى نقطة مهمة وهى .. كذا .. كذا وتتدخل المذيعة اللهلوبة بقولها: اسمحولى أقول حاجة مهمة فى هذا الصدد!! في مسألة وتأتى مداخلة تليفونية يبدأها بتحية البرنامج والضيوف ثم يكمل: أنا عايز أقول حاجة مهمة لمناقشة أحوال الأمة!
الكل يبدأ كلامه مؤكدًا أنه يمتلك حاجة مهمة أو رأى مهم أو توضيحًا مهمًا أو تفسير مهم، ومعنى هذا بصراحة وصدق أن كل هؤلاء حكموا على ما يقولونه بأنه «مهم» ولا يتصورون للحظة واحدة إنه قد يكون كلاما فارغا من أى مضمون، وتافه بلا أى معنى.. وهكذا دواليك دواليك!!
هؤلاء الذين يحتلون الشاشات والبرامج يؤمنون إنهم وحدهم أصحاب الآراء المهمة والتحليلات المهمة وعلينا أن نقبلها دون أى مناقشة أو تأمل أو تحليل، فهم وحدهم أصحاب كل شىء مهم!
نفس الكلام ينطبق على العبارة الشائعة التى تم ابتذالها تمامًا حتى أصبحت عبارة سيئة السمعة، وهى جملة الرأى والرأى الآخر!!  لم يعد هناك رأى ولا رأى آخر، بل تسود المناقشات التى تتحول بقدرة قادر إلى مشاجرات وبذاءات إلى ما يشبه احتكار الرأى فلا رأى إلا رأيى أنا فقط.. هذا إذا كان هناك آراء أصلاً.
غابت مقولة الرأى والرأى الآخر لتحل محلها عبارات أكثر واقعية وتعبيرًا دقيقًا عما نشاهده ونسمعه، فالأصح أن تقول الكذب والكذب الآخر، والفهلوة والفهلوة الأخري، والهمبكة والهمبكة الأخرى، والموالسة والموالسة الأخرى.
ساعات من اللت والعجن والهمبكة والهلس والهلاوس التى لا وجود لها إلا عند هذه البرامج «هل من المعقول أن يتكلم كل ضيوف البرنامج ومعهم المذيع أو المذيعة فى وقت واحد ودون انقطاع وكل منهم يصرخ فى وجه الآخر، أنا عندى حاجة مهمة؟! فترد عليه الضيفة: أنا عايزة أقول رأيًا مهمًا؟!
فى أى موضوع  أو مشكلة أو أزمة الكل عنده آراء مهمة وكلام مهم.. ومع ذلك تزداد المشكلة وتتعقد الأزمة بسبب كل هذا اللت المهم!! والعجن الأهم!