السبت 20 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
فضائيات الطبيخ.. وطبيخ الفضائيات!

فضائيات الطبيخ.. وطبيخ الفضائيات!






لا أخفى إعجابى بالمحطات التليفزيونية المتخصصة فى الطبخ والطبيخ بجميع ألوانه وأشكاله.. بدأ إعجابى منذ سنوات طويلة مع برنامج السيدة «منى عامر» واسمه «صحى ومفيد» ثم «دايما عامر» و«دايما أحلى» على شاشة التليفزيون المصرى.. وأظن أنها دخلت كل بيت مصرى ببساطتها وعفويتها وحرفيتها الشديدة فيما كانت تصنعه وتقدمه من أصناف ترضى كل الأذواق.
ومع انفجار الفضائيات الذى ملأ سماوات العالم العربى، وأصبحت كل فضائية تخصص برنامجًا للطبخ، ثم بدأت فى الظهور فضائيات متخصصة فى الطبخ والطبيخ وربما كانت «فتافيت» هى أول محطة عربية فى هذا الصدد، وتوالى ظهور محطات الأكل مثل «ست البيت» و«بانوراما فود» و«سى.بى.سى.سفرة» هذا غير مئات البرامج داخل كل محطة!!
واللافت للنظر فى كل هذه البرامج والمحطات أنها تذاع على الهواء مباشرة، وتسمح للمشاهدين بالاتصالات التليفزيونية وتبادل الحوار والأسئلة مع مقدمى ومقدمات هذه البرامج!!
وبمرور الوقت ومع مشاهدتى لهذه البرامج لاحظت أن مشاهدى هذه البرامج يختلفون كل الاختلاف عن مشاهدى برامج السياسة والتوك شو واللت والفت!!
إن مشاهد أو مشاهدة أى برنامج طبخ يتصل بالبرنامج ليسأل عن سر وصفة أو كيفية عمل صنف معين؟! ويتولى الشيف أو «الشيفة» تقديم الإجابة بالتفصيل الممل فيشرح له عمل طاجن لسان عصفور بالكبد والقوانص أو فن تزويق تورتة عيد الميلاد أو الجواز.. أو طريقة طهى لحمة الرأس.. إلخ.
ولم يحدث أبدًا أن قاطع المشاهد أو المشاهدة الشيف ليقول له مثلاً ولكن أنا رأيى كذا.. وكذا .. أو يقول مشاهد آخر: ما تقوله  غير صحيح لأن الحواوشى لا يصنع هكذا!! إلخ
لا شىء من هذا يحدث أبدًا؟! فالمشاهد عنده سؤال  يريد أن يعرف إجابته فهو غير متخصص أو دارس وإجابة سؤاله عند الشيف.
أما مشاهد البرامج السياسية أو الاقتصادية والتوك شو فهو محلل سياسى وخبير استراتيجى وفقيه حقوقى، وناشط تربوى وهو بارع فاهم شاطر يبدأ كلامه بالاعتراض على ما يقال فى الاستديو ويبدأ ــ سيادته ـــ فى بث جهله أو فهلوته ليسمعه الآلاف أو الملايين!!
 لا بأس من بعض الجهل فى بعض البرامج، لكن هذا الجهل النشيط مرفوض تمامًا عند مناقشة قضايا تتطلب العلم والمعرفة والقانون وحديث الوثائق وأرقام الحقائق!!
لا يمكن السماح بمثل هذا الهطل والخبل الذى رأيناه فى بعض البرامج التى كانت تناقش قضية جزيرتى «تيران وصنافير»، هذه قضية أو موضوع لا نناقش فيه صحة هدف أو خطأ حكم مباراة؟! أو مختلف حول فيلم سينمائى أو مسلسل درامى!!
مأساة هذه البرامج ــ وأقول أغلبها ــ انحازت إلى الصوت العالى وغاب صوت العقل، ومن يجرؤ على قول الحقيقة كما تؤكد القراءات والمصادر العلمية والقانونية الرصينة نالته سهام الخيانة!!
وربما كان الفرق بين مشاهدى قنوات الطبيخ إنهم يبحثون عن سر طبخة حلوة أو أكلة مميزة، أما مشاهدو التوك الشو فيبحثون عن زعيق و«صويت» وعبارات حنجورية سواء كانوا أصحابها من صرخ بهذه العبارات مذيع عنتيل وضيوفه من نخبجية آخر الزمان!
تحية لفضائيات الطبيخ، وألف لا لطبيخ الفضائيات من رغى ولت!!